تشهد الصالونات السياسية المؤيدة لقوى 14 آذار نقاشات وحوارات معمقة في شأن الاستراتيجية الواجب اعتمادها في التعاطي مع مرحلة الفراغ الناجم عن تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية خلفا للرئيس المنتهية ولايته ميشال سليمان في ظل تعطيل قوى 8 آذار لأي عملية انتخابية لا تضمن من خلالها وصول النائب ميشال عون أو مرشح آخر يدين بالولاء لحزب الله ويتبنى سياساته المحلية ويغطي حركته العسكرية داخليا وإقليميا، لاسيما تدخله العسكري الى جانب النظام في سورية.

Ad

ويرى فريق سياسي واسع في قوى 14 آذار أن في يد لبنان ورقة سياسية ودبلوماسية في غاية الأهمية من غير الجائز تجاهلها وعدم استثمارها في تعزيز موقف هذه القوى من الانتخابات الرئاسية. وتتمثل هذه "الورقة" بالقرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في عام 2004 في أعقاب تعطيل سورية لآلية انتقال السلطة وفقا لأحكام الدستور اللبناني من خلال فرض التمديد للرئيس الأسبق إميل لحود عبر تعديل دستوري ما كان ليتم لولا الضغوط الأمنية والسياسية التي مارسها النفوذ الاستخباراتي السوري الذي كان يمسك بمفاصل القرار اللبناني في تلك المرحلة.

ويشبه أصحاب هذا الرأي المرحلة الراهنة التي يعطل فيها سلاح حزب الله العملية الانتخابية الرئاسية بمرحلة عام 2004 عندما عطل سلاح الوصاية السورية على القرار اللبناني عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ويعتبرون أن مندرجات القرار 1559 التي تنص على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية ديمقراطية وفقا لأحكام الدستور اللبناني تنطبق على المرحلة الحالية، خصوصا أن القرار 1559 لايزال ساري المفعول بمفهوم الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من خلال التقارير الدورية التي يرفعها كل ستة أشهر الدبلوماسي الدولي تيري رود لارسن الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في شأن المراحل التي اجتازها تنفيذ هذا القرار، علما أن الأمين العام يحيط بدوره مجلس الأمن الدولي علما بمضمون هذه التقارير.

ويقترح فريق من قوى 14 آذار على قيادات هذه القوى وجوب إطلاق حملة لتفعيل تنفيذ هذا القرار تتمثل بتوقيع نواب قوى 14 آذار عريضة ترفع الى الأمين العام للأمم المتحدة ومن خلاله الى مجلس الأمن الدولي تشرح عملية تعطيل المجلس النيابي لمنعه من انتخاب رئيس للجمهورية وفقا لأحكام الدستور اللبناني، على غرار ما حصل عندما عطلت قوى 8 آذار من خلال امتناع رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة المجلس الى جلسة لإقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في مجلس النواب، مما دفع بمجلس الأمن الدولي الى اتخاذ قرار بإقرار هذه المحكمة تحت الفصل السابع الملزم.

ويرى أصحاب هذا الرأي أن المطالبة بتحريك العمل بالقرار 1559 يعتبر خطوة ضرورية في هذه المرحلة في إطار وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته بمعزل عن مدى استعداد هذا المجتمع لاتخاذ خطوة عملية تحرر لبنان من القيود والضغوط المفروضة عليه لتعطيل مؤسساته الدستورية. ويستندون في وجهة نظرهم الى أنه من غير الجائز الرهان على تحرك دولي تلقائي من خلال مبادرة دولية ما لم يطالب اللبنانيون أنفسهم بما يريدونه من المجتمع الدولي. فمن لا يطلب المساعدة لا يحصل عليها. ومن يطلب مساعدة ما فعليه تحديد طبيعتها واقتراح آليتها، علما أن الظروف الإقليمية والدولية الراهنة على تعقيداتها لا تبدو أكثر صعوبة من المرحلة التي تم فيها تبني القرار 1559، وأن المطلوب في هذه المرحلة تنفيذ قرار سبق أن اتخذه مجلس الأمن الدولي لا اتخاذ قرار جديد يمكن أن يواجه بصعوبات وتعقيدات على خلفية تضارب المصالح الإقليمية والدولية.