أنشطة المدارس الخاصة

نشر في 10-12-2013
آخر تحديث 10-12-2013 | 00:01
 طالب الرفاعي طوال الأسبوعين الماضيين كانت ابنتي الصغيرة "فادية" مشغولة بتأدية دور في مسرحية مدرستها "المدرسة الأميركية الدولية-AIS" وكنتُ أراقبها عن كثب في حماسها واهتمامها بحفظ دورها واتصالاتها بزميلاتها وزملائها، ولاحقاً في تدريبات المسرحية بعد ساعات الداوام مع الأستاذ والأستاذة المشرفين على العرض، واختيار الأزياء المناسبة للعرض.

كنتُ أرى فرحها وضجتها وحديثها بحماسها عن المسرحية، حتى طغت أحداث المسرحية على دراستها، وصار انتظار العرض، وضرورة حضور الأهل، شغلها الشاغل. وكانت سعادتها لا توصف بعد انتهاء المسرحية، وثناء المدرسين والزملاء على دورها، بالرغم من صغره، مما ترك أثراً بالغاً في نفسها، وجعلها تشعر وزملاءها في المسرحية بأنهم قاموا بما عجز الآخرون عنه، ويؤكد ثقتهم بأنفسهم، ويجعلهم أقدر على مواجهة المجتمع. فالمسرح في عظمته، هو إعادة صياغة مشاهد الحياة بطريقة فنية جريئة تقول ما يعجز الواقع عن قوله.

لقد أعادتني همة طفلتي وفرحها واعتزازنا بها إلى أيام دراستي في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وكيف كان النشاط المسرحي حاضراً ومهماً، وأن تلك الفترة خرّجت فنانين لهم مكانتهم الفنية المرموقة محلياً وعربياً، وأذكر الزميل الفنان داود حسين، لأنه كان في مدرستي المتوسطة "المتنبي" في منطقة "شرق" وكان منذ صغرة يمتلك موهبة لافتة.

إن انشغال صغيرتي في المسرحية وطغيانه على ما سواه، يؤكد قدرة المسرح المدرسي على امتصاص طاقة الأطفال بشكل إيجابي، وإعادة فرزها بعمل فني يكون مثار إعجاب الآخرين، وبما يأخذ الطفل إلى دروب الفن الهادف والقراءة وربما الكتابة، ويخلق علاقة عمل وتعاون بينه وبين الآخرين.

حدث آخر لنشاط "مدرسة البيان ثنائية اللغة-BBS"، فقد سعدتُ صباح يوم الأربعاء الماضي بتواجدي على مدى ساعتين مع مجموعتين من الطالبات والطلاب، في حديث مفتوح عن القراءة والكتابة. فالمدرسة تتخذ من وصل الطلاب باللغة العربية هدفاً أساسياً لها، لذا فهي على وصل دائما بالأدباء والمثقفين في الكويت. لقد كان اللقاء دافئا وحميماً، فالطلاب بسبب وجودهم في مدرسة أجنبية يتحدثون باللغة الإنكليزية بوصفها لغتهم الأولى، ولذا فإن لفت انتباههم إلى أهمية القراءة باللغة العربية، وكيف يمكن أن تكون بوابة لدخول عوالم مختلفة أخذني معهم إلى تجربتي في ولوج عالم القراءة، وأن كلمة واحدة كانت قادرة على تغيير مسار حياتي، وأن حب القراءة يجب ألا يختصر على قراءة الأدب، بل ان كل طالبة أو طالب يستطيع تنمية مهارته باهتمامه الخاص عن طريق قراءة المواضيع المتصلة بهذا الاهتمام.

لقد كان لافتاً بالنسبة الي أن تكون بين الحضور بنت لا يتجاوز عمرها الرابعة عشرة، وقد قرأت أعمالي، واستخلصت منها مضامين جميلة، والحال عينه أثار اهتمامي بأن استوقفتني بنت أخرى قبل خروجي من الجلسة لتقول لي، بصوت ينطوي على خجلها الجميل:

"اليوم سأبدأ البحث عن كتبك لأقرأ ما كتبت". قالتها بصدق أثلج صدري، ليس لأنها بصدد قراءة أي كتاب لي، ولكن لأنني وفقت في مهمتي في تحريك همهم نحو القراءة.

إن ما دفعني منذ ما يزيد على العقدين من الزمن إلى إدخال ابنتيّ إلى المدرسة الأجنبية هو تأكدي من أن اللغة وعاء الفكر، وأن وجود الأطفال في بيئة تحثّ على الفكر والفن والثقافة والتعامل الإنساني الراقي والمحترم، وسط بيئة إنسانية صحية بتواجد الطفلة أو الطالبة إلى جانب زميلها الطفل أو الطالب، إن ذلك ما يدعوني للقول ان النشاط الفني المفقود من المدرسة الحكومية في الكويت، يعد نقصاً ثقافياً كبيراً لابد من الوقوف عنده وتداركه ومعالجته، ومنا إلى الأخ الفاضل وزير التربية.

back to top