حفتر وأمنيات العسكر!

نشر في 24-05-2014
آخر تحديث 24-05-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي حتى نضع النقاط على الحروف لا بد أن نتثبت بأن ما جرى من أحداث تاريخية، فيما يعرف بالربيع العربي، كان له تأثيره المباشر وغير المباشر في دول أخرى، لم يصلها أو وصلها "طشار" هذا الربيع، إذ تساقطت أنظمة كبيرة كورق الخريف رغم قمعيتها وبوليسيتها، وهي نظام بن علي ومبارك والقذافي وصالح في اليمن،

ولا يزال نظام بشار يترنح، ويتعرض للضربات رغم صموده بفضل إخلاص حلفائه له.

وكان التحرك الجدي المؤثر لوأد هذا الربيع والاحتيال عليه من أرض الكنانة، وحركة السيسي الشهيرة بعزل الرئيس المنتخب واعتقاله، واستلام الجيش لمقاليد الحكم، وبالطبع لم يكن السيسي لوحده بل أنظمة حكم ودول كاملة كانت معه، وبالفعل نجح نجاحاً كبيراً، حيث استخدم القمع والإقصاء في التعامل مع مناوئيه من الحزب المنقلب عليه، وكان نجاح السيسي فيه بارقة أمل لدول أخرى، وكان العذر جاهزاً، وهو إعادة الأمن والأمان!

وهذا ما حدث في ليبيا ويحدث حالياً، حيث اتخذ الجنرال خليفة حفتر هذا العذر ليقوم بحركته بضرب الثكنات العسكرية للكتائب التي تنتشر في أنحاء ليبيا، حفتر، الذي كان جنرالاً متقاعداً من جيش القذافي، وتاريخياً هو من قاد العملية العسكرية لليبيا في تشاد، إبان حكم القذافي، وهي عملية عسكرية كانت قد باءت بالفشل الذريع، وتكبدت ليبيا فيها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.

 فالأمور تتجه الآن لسيطرة قواته وواضح أنه يتمتع بدعم كبير وغطاء دولي لا تخطئه عين المراقب، بالإضافة إلى نقطة شديدة الأهمية وهي أن ما يجري في ليبيا حاليا من تطورات عسكرية وسياسية هو باختصار شديد انتقال للخلافات الخليجية من محيطها إلى بنغازي!

الجنرال حفتر وبمساندة من أطراف معروفة لا تخفى على أحد يسعى إلى انتزاع الحكم، ويحاول بسط سيطرته على ليبيا، وتقديم نموذج جديد للتجربة المصرية في 30 يونيو، ويقدم نفسه كمحارب للتيارات الإسلامية التي وصفها بالمتشددة، ويقال على نطاق معين إن هناك مساندة عسكرية من دولة مجاورة لليبيا، حيث قامت طائراتها بقصف مقار في بنغازي تابعة لكتائب إسلامية لتمهيد الطريق وتسهيله لقوات حفتر!

 وكان تأييد حزب محمود جبريل المنتصر الأكبر في الانتخابات البرلمانية السابقة، قد أعطى دعما ودفعة سياسية هائلة له، إضافة إلى توافد الكتائب المختلفة للانضمام إلى قواته، مما جعل من تحركاته العسكرية أمرا واقعا، هكذا يستشف حتى الآن، ويسدد ذلك كله تكليفه مجلس القضاء لحكم البلاد بمرحلة انتقالية مؤقتة في تقليد للنموذج المصري!

الأيام حبلى، إنما المكتوب واضح من عنوانه، ليبيا تتجه نحو حكم عسكري، وربما فردي، مرة أخرى، وقد يقول قائل إن ما يحدث هو صراع خليجي على أرض ليبيا بين أطراف محسوبة على عدة أطراف، وتصفية حسابات مختلفة، بين أطراف الأزمة، وأقول: كل شيء جائز، هناك ما يقال، وهناك ما لا يقال، والعبرة في الخواتيم، والنهاية المتوقعة هي تحقيق أحلام وأمنيات العسكر بقيادة السفينة مرة أخرى وإن اختلفت الدوافع والوجوه.

back to top