مرت منطقة الخليج بحروب وأزمات ألقت بأعبائها على دول مجلس التعاون، فبالإضافة إلى العبء السياسي المتمثل بالمواقف من القضايا والتحالفات يأتي العبء المالي فيضعها في موقف حرج أمام المطالبات المحلية الخاصة بالرفاهية وسد فجوة الدخل، وقد اتضح ذلك خلال القمم العربية والخليجية، فالوزن السياسي في فترة ما بعد الربيع العربي أو "اللا استقرار" العربي ملقى على دول الخليج باعتبارها الأكثر استقراراً في المرحلة الحالية، وبالتالي العبء ملقى عليها في اتخاذ القرار بشأن الأزمات في العالم العربي، وسد الفجوات في الدول التي تشارف على الانهيار اقتصاديا عبر الذراع الاقتصادية الدبلوماسية الخليجية المعروفة.

Ad

وإن كانت الحرب الباردة في فترة ما قبل عام 1990 قد أحدثت توازناً مؤقتا استفادت منه بعض الدول الخليجية عبر المبادرة والمناورة في ظل المنافسة بين المعسكرين، ورغم تحول الشرق الأوسط إلى أدوات وساحات لإدارة الصراع تأتي الظروف الحالية  لتنقل، وبشكل عشوائي، الثقل من دولة إلى أخرى لتدخلنا في حالة من "اختلال التوازن"، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها الربيع العربي الذي أطاح بحليف عربي مصري، وأشغل مدينة القاهرة بظروفها المحلية، فتراجعت عن دورها القيادي، والسبب الثاني إعادة تمكين إيران من المجتمع الدولي عبر التقارب الأميركي الحالي، الأمر الذي أعاد لذاكرة الدول الخليجية هواجس الثمانينيات وتصدير الثورة، وأعطى إيران مقعدا لتطلع على الشأن السوري في الوقت الذي يجلس فيه الرعب في مقاعد المتفرجين.

وتأتي جلسة الرئيس الأميركي أوباما مع خادم الحرمين الشريفين بقصر روضة الخريم  قبل عدة أيام لتثير الكثير من التكهنات، فيعتقد بعض المحللين السياسيين العرب أنها ستعكس واقع دول المنطقة وحاجتها للمزيد من الدعم اللوجستي تجاه تفاقم النزاع والكوارث، وضعف منظومة الخليج في ظل الانقسام الحالي، ويرى البعض الآخر من كتاب المراكز البحثية الأجنبية أن الزيارة تعكس حاجة إدارة أوباما لتمكين الدول العربية من القيام بدورها القيادي فيما يخص قضايا الشرق الأوسط، كالأزمة السورية وعملية السلام وتحمل أعبائها، بالإضافة إلى حوار "سوق السلاح" و"سوق النفط" المعروف والذي يعتبر من الثوابت في محادثات العرب مع الطرف الأجنبي، وسواء كانت المحادثات حول الحفاظ على ساحة عربية خالية من العنف والإرهاب أو الأمر الواقع بالاحتواء الثنائي المتمثل بالعرب وإيران، فإن المؤشرات توضح أن السياسة الخارجية الأميركية تمر بمنعطف جديد، وهو قائم على توزيع الأدوار، فإن اتفقت الدول العربية وانسجمت فستنجح الاستراتيجية، وإن اختلفت تعثرت الاستراتيجية.

وكعادة عشاق النهج التاريخي ومنهم كاتبة المقال فإن الرئيس الأميركي روزفلت قد أحسن النوايا وتعامل في الثلاثينيات طبقاً لموسوعة الحرب الباردة لجامعة كيمبردج مع سياسات ثلاث في آن واحد: الاحتواء والحماية والتعاون، احتواء روسيا رغم أطماعها التوسعية، وحماية بريطانيا وهزيمة ألمانيا لإضعاف اليابان، فأحسن النوايا حتى اتهم بالسذاجة، فهل تحمي أجواء روضة الخريم السياسة الأميركية من الوقوع في فخ  السذاجة؟!

كلمة أخيرة:

الكثير من أهل الخليج زاروا "ثانوية شويخ" مؤخراً وهو المبنى الحالي لجامعة الكويت مستذكرين أيام الدراسة، وقد استذكر عدد منهم والدي رحمه الله عندما كان ناظراً للثانوية؛ لذا أقترح أن يتم تحويل أحد مباني الجامعة إلى متحف تربوي وتعليمي، وتتم كتابة أسماء الطلبة الكويتيين والخليجيين والعرب الذين درسوا فيها.