«حذاء أسود على الرصيف» ترصد معاناة الموظف في المؤسسات والشركات
تركز الروائية باسمة العنزي في «حذاء أسود على الرصيف» على معاناة الموظفين في المؤسسات والشركات وتصوير الآثار النفسية والمادية لهذه المعاناة.
في يونيو 2013، وقعت لي الروائية باسمة العنزي على كتاب متوسط الحجم لا تتعدى صفحاته المئة صفحة مطبوع بعنوان «حذاء أسود على الرصيف» مذيل باسمها. قبل هذا التاريخ لم أقرأ «نوفيلا» خليجية تركز على معاناة الموظف في عالم المؤسسات والشركات وتصوير الآثار النفسية والمادية لهذه المعاناة بشجاعة عالية ودقة متفردة، فمن القراءة الأولى تتذكر «نوفيلا» «المسخ» للكاتب الألماني فرانز كافكا الذي هو أيضاً كتب عن المعاناة الاقتصادية التي تواجه الموظف مع اختلاف القضية المعالَجة ونفسيات الشخوص في كلتا الروايتين. الدكتور فايز، أحد شخوص الرواية، الرجل المبالغ في إظهار نعم الله عليه من رفاهية ونعيم مادي ومنصب، إذ أدرجت العنزي مقاطع تبيّن ذلك منها «نظر إلى ساعته (الرولكس) مدركاً أن الوقت أزف للحاق بموعده» ص16.
وأبو طارق الذي ينقلب كطفل صغير حين يحدثه أحدهم عن «الجوهرة»، وهي المهرة التي يعتني بها، غير مكترث بما يواجه الموظف الكادح من مشاق. أما نقطة الارتكاز فأتت على جهاد الفلسطينية التي عاشت حياتها في الكويت منذ الولادة، ومع ذلك تصارع من أجل البقاء في وظيفتها.وحاولت العنزي ملامسة مشاعر القارئ من خلال ترصد حركة جهاد بعيداً عن أجواء العمل إذ كتبت «رغم الثقل العائلي عليها إلا أنها كانت تحرص على البقاء في العمل لوقتٍ متأخر تستمتع بالهدوء والإنترنت المجانية التي تأخذها لعوالم جديدة» ص 31. من هنا نتعرف على قضية العنزي المطروحة في روايتها القصيرة حيث التركيز العميق على الطبقتين من خلال الغوص في أجواء العمل مبيّنة نفسية كل من الموظف والرئيس. وعملت العنزي «دون قصد» على نظرية الناقد الأميركي إدغار آلن نبو، الذي يرى أن نجاح العمل يقترن بقراءة تنتهي بجلسة متواصلة، كما حدث معي، ويرى أن الأحداث والتفاصيل عليها أن تساهم بالنقطة التي يسعى إليها الكاتب في عمله الأدبي، وهذا ما حدث في عمل العنزي، إضافة إلى ذلك أتت لغة العنزي سهلة للقارئ مع الحفاظ على مستواها، أما النقطة التي يمكن أن تزعج القارئ فهي الإسهاب في التعبير عن شعور مهدي مع من يحب من خلال المقاطع الغنائية.يذكر أن هذه الـ«نوفيلا» فازت بجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2012.