أنقذوا حديقة البلدية!

نشر في 09-02-2014
آخر تحديث 09-02-2014 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة الخبر الذي نشره الصديق والصحافي المخضرم زكريا محمد في الزميلة "القبس" منذ أيام عن قرار أولي في بلدية الكويت بتحويل حديقة البلدية إلى مواقف للسيارات متعددة الأدوار كان بمنزلة صدمة لكل من يعتقد أن قرارات البلدية تراعي المعايير البيئية في تخطيط المدن، لاسيما أن حديقة البلدية هي المساحة الخضراء الوحيدة المتبقية في قلب العاصمة بالقرب من المواقع التاريخية فيها مثل ساحة الصفاة وأسواق المباركية ورموز الدولة المتمثلة في مبنى مجلس الأمة وقصر العدل.

حديقة البلدية هي معلم في شارع فهد السالم أسس منذ خمسة عقود، وأقيمت على مقبرة قديمة كان يطلق عليها "المقبرة العتيقة" على أطراف منطقة "الدهلة"، حيث عُرِف جزء منها لاحقاً بساحة الصرافين، المهم أن هذه الحديقة رغم ذكرياتها لدى أغلب المواطنين فإن الأهم أنها حاجة بيئية مهمة في عاصمة تتزاحم فيها الهياكل الأسمنتية وتغلق كل مناسمها وتتلاصق فيها المباني التي ستجعلها تختنق، خاصة بعد إزالة حديقة بوابة الجهراء المعروفة بحديقة الشيراتون، مع استكمال مشروع تطوير الدائري الأول وتوسعته، بينما تمتد المشاريع الاستثمارية إلى حديقة الحزام الأخضر لتزيل اللون الأخضر فيها، وتستبدله بمرافق تجارية وترفيهية.

لاشك أن مَن أعد قرار تحويل حديقة البلدية إلى مواقف سيارات متعددة الأدوار هو مسؤول لا ينتمي إلى الفكر الحديث في تخطيط المدن والمعايير البيئية، لاسيما، على سبيل المثال، أن أحداثاً احتجاجية شعبية واسعة وقعت في مدينة إسطنبول على خلفية قرار إزالة منتزه عام لبناء مول تجاري، وهو ما يؤكد وعي الناس حول العالم بقضايا البيئة، لذلك فإن قرار إزالة حديقة البلدية يجب أن يُرفَض من المجلس البلدي والقيادات الحكومية المسؤولة عن الشؤون البلدية والمرافق العامة، ويستعاض عنه بالبحث عن مساحات جديدة لتحويلها إلى ميادين عامة مفتوحة تفصل بين المباني المتراصة، فضلاً عن إيجاد مواقع أخرى لاستحداث حدائق عامة، خاصة بعد أن تم تحويل الفراغ أو الساحة التي تتوسط المعهد القضائي ومبنى بلدية الكويت وبرج التحرير والتي كانت تمثل موقعاً فاصلاً ومفتوحاً بين الزحام في قلب العاصمة إلى مبنى ضخم للمكاتب الخاصة بالسادة أعضاء المجلس البلدي!

***

قضية الحاجة إلى مواقف للسيارات متعددة الطوابق، التي أصبحت بالعشرات داخل مدينة الكويت وفي قلب العاصمة، لن تنتهي، وسنحتاج إلى المزيد والمزيد منها، لاسيما أن أغلب أصحاب البنايات الجديدة الضخمة والعالية لا يلتزمون بتوفير مواقف سيارات كافية في السراديب ويستغلون تلك السراديب لاستخدامات أخرى أو لا ينشئونها من الأساس بسبب تكلفتها، وبلدية الكويت عاجزة عن إرغامهم على تنفيذ الاشتراطات الخاصة بمواقف السيارات، المهم أن عملية بناء المزيد ثم المزيد من تلك المواقف متتالية لن تنتهي ولن تجدي نفعاً، والحل هو إيجاد النقل الجماعي الحديث من الضواحي أو من أطراف العاصمة إلى وسطها، ومنع دخول كل المركبات إليها، وهو الأمر الذي يحتاج إلى مشروع مترو الكويت المعطل منذ عام 2004 في أدراج الحكومة بسبب مساومات المتنفذين وأسباب أخرى غير معلومة، وعليه وبسببه سندفع ثمن ذلك تلوثاً بيئياً وخسائر اقتصادية وإزالة الحدائق أو اللون الأخضر من وسط عاصمتنا.

back to top