القوى الإقليمية والدولية ألقت باللائمة على شخص نوري المالكي، وبتنسيق مع أحزاب ومكونات عراقية محلية وعلقت عليه كل المشاكل الداخلية والخارجية بما في ذلك اتهامه بالحكم الفردي والطائفية، لذلك فإن الكرة الآن باتت في ملعب خصومه بعدما ابتعد الرجل، والثمن السياسي المنتظر للعراق يجب أن يتضح في مجموعة من النقاط إذا كانت هذه القوى الإقليمية وحلفاؤها المحليون صادقين في اتهاماتهم له.
لم تشهد حكومة عربية في التاريخ المعاصر الضغط الإقليمي والدولي لتنحية أكبر مسؤول في الدولة مثلما تعرض له رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في مفارقة عجيبة أن المالكي هو الوحيد المنتخب من بين كل تلك الحكومات، بل حصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين كمرشح، وفازت قائمته بأعلى نسبة من المقاعد البرلمانية، ومع ذلك تنحى الرجل في خطوة جريئة حتى لا يضيع ما تبقى من العراق كما أعلن في مؤتمره الصحافي الأخير.القوى الإقليمية والدولية ألقت باللائمة على شخص نوري المالكي، وبتنسيق مع أحزاب ومكونات عراقية محلية وعلقت عليه كل المشاكل الداخلية والخارجية بما في ذلك اتهامه بالحكم الفردي والطائفية، وتمزق العراق من خلال الدولة الكردية من جهة والدولة السنية من جهة ثانية، والنقاش حول هذه القضايا بالتأكيد لا يصل إلى نتيجة، ويظل يدور في حلقة مفرغة.لذلك فإن الكرة الآن باتت في ملعب خصوم المالكي بعدما ابتعد الرجل، والثمن السياسي المنتظر للعراق يجب أن يتضح في مجموعة من النقاط إذا كانت هذه القوى الإقليمية وحلفاؤها المحليون صادقين في اتهاماتهم للمالكي.أولى هذه القضايا والتحديات توجه إلى الرئيس الجديد فؤاد معصوم وهو من الأكراد، فهل يعقل أن يكون الرئيس المؤتمن دستورياً وسياسياً على وحدة العراق، وبعدما تم انتخابه من برلمان وطني بكل الأطياف والأحزاب السياسية، أن يكون من مكوّن يطالب بل يتخذ الخطوات العملية لإعلان دولة مستقلة؟ وهل يجرؤ معصوم أن يعلن رأياً صريحاً حول وحدة العراق وسرقة ثروته النفطية، ويقف بذلك في وجه مسعود برزاني؟التحدي الآخر للمكون السني الذي تم إعلان دولة دينية على إقليمه بحاضنة شعبية وتحريض إقليمي وخارجي، وبعد كل الجرائم التي ارتكبها "داعش" وأخواته، هل تتجرأ هذه القوى أن تقف في وجه تلك العصابات المسلحة وتنطوي تحت راية حكومة بغداد؟ وهل تقنع حلفاءها بغلق الحدود الأردنية والتركية والسعودية في وجه المقاتلين العرب والأجانب، وأن تفتح دول الخليج سفاراتها وتعين دبلوماسييها في بغداد فوراً؟التحدي الثالث للقوى الشيعية المتكالبة على الحكومة وتعيين القياديين، فهل لها أن تترفع عن خلافاتها وتضحي بالمناصب كما فعل المالكي لإتاحة الفرصة لتشكيل حكومة، أولويتها دحر الإرهاب، وإقرار القوانين ذات الشفافية ومحاربة الفساد وتدشين برامج التنمية؟التحدي الآخر للدول الغربية التي هرولت بعد الشعور بالخطر على الأكراد لشحن الأسلحة والبرامج التدريبية للبيشمركة أن تساهم في تعزيز جيش وطني عراقي، وأن تلتزم بمعاهداتها الأمنية، وأن تكف أيدي شركاتها النفطية عن شراء النفط العراقي المسروق من الأكراد و"داعش"!نتمنى أن تنجح هذه القوى ليس فقط في تخطئة المالكي بل لبناء عراق مستقر ومتسامح، ولتخرجه من مستنقع للتناقضات الداخلية والإقليمية إلى فضاء لاستقرار الجميع!!
مقالات
تحديات خصوم المالكي!
19-08-2014