مع وضع البرلمان الكندي جماعة "الإخوان المسلمين" على قوائم الإرهاب، بعد توقيعات شعبية تم جمعها وإرسالها للبرلمان، ومع اتجاه بريطانيا إلى اتخاذ خطوة مشابهة بعد إعلانها أخيراً دراسة أوراق الجماعة، يبدو أن أوروبا قررت أن ترفع دعمها ويدها عن الجماعة.
على الرغم من استغراب الكثيرين لقرار الاستخبارات البريطانية، بإلقاء نظرة فاحصة على جماعة "الإخوان المسلمين" وأنشطتها في لندن، فإن الحقيقة أن الأمر لا يبدو مستغرباً كلياً من بريطانيا التي عانت نير الإرهاب في 7/7 عام 2005، والمعروفة باسم تفجيرات لندن.دفعت المملكة المتحدة في تلك التفجيرات التي استهدفت محطات مترو وأسفرت عن مصرع 50 شخصاً وإصابة مايقرب من 700 آخرين، ضريبة إيواء الإرهابيين، واحتضانها للجماعات الإرهابية، وتحولها إلى مأوى للكثيرين من المتطرفين فكرياً في تسعينيات القرن الماضي، ويبدو أن بريطانيا تنبهت أخيراً، بعد إعلان مصر والسعودية جماعة "الإخوان" جماعة إرهابية، وبعد التفجيرات واستهداف الآمنين في مصر وسيناء والمحافظات المصرية، لخطورة الجماعة التي ترتدي وجه الإسلام، لكنها تنتهج العنف منهجاً فكرياً لها.وتجد المملكة المتحدة نفسها، ومع مشاركة أجهزة الاستخبارات البريطانية في التحقق من اتهامات تمس الجماعة بضلوعها في الهجوم على حافلة سياحية في مصر في فبراير الماضي، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة بريطانيين، وبعد سقوط دولة الإخوان في مصر، وطردهم من السعودية، وقد تحولت إلى قبلة جديدة للجماعات المتطرفة، خاصة مع ما يتردد عن نية عدد من عناصر الإخوان الفارين إلى قطر، الهجرة إلى لندن، وهو ما يوجب عليها أن تحذر من أن تصبح لندن ملاذاً جديداً للمتشددين الإسلاميين كما حدث في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما يستدعي بالتبعية رغبة الجهاديين في القيام بأعمال عنف رغبة منهم في إقامة "الدولة الإسلامية" كما يتخيلونها.في المقابل، استشعرت جماعة "الإخوان" الخطر، للدرجة التي دفعتها إلى تهديد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي أمر باتخاذ هذه الخطوة، باللجوء إلى القضاء، وأنها ستطعن في أي محاولة غير ملائمة لتقييد نشاطها أمام القضاء البريطاني وأنها تشعر بالقلق لأن المراجعة سيقودها السفير البريطاني في السعودية جون جينكنز، وهو ما يكشف عن حالة التخبط والاضطراب والقلق التي وجدت الجماعة نفسها فيها، بعد أن كاد الغطاء الأوروبي أن يسقط عنها.ورغم أن ناطقة باسم كاميرون بررت اختيار سفير بريطانيا السابق في السعودية بالقول إن "السبب هو أن المراجعة ستتركز على نشاط الجماعة في المنطقة لا في مصر وحدها، وأن جينكنز له دراية عميقة بالشرق الأوسط"، إلا أن ذلك لم يوقف غضب الجماعة التي لجأت إلى عدة منظمات تابعة لها في بريطانيا، ما بين حقوقية وخيرية ودينية، والتي تتخذها في العادة كغطاء لأعمال خاصة بالتنظيم.ويبدو التخوف الإخواني من تحريات المملكة المتحدة التي تبدو لهم "بلداً آمناً" بالنسبة للإخوان، ومهرباً سهلاً، بسبب أن هذا إجراء مفاجئ وغير مسبوق من قبل بريطانيا التي لم يسبق أن اعتبرت جماعة "الإخوان" منظمة إرهابية أو حتى وضعتها تحت المراقبة، وحسب معلومات أوردتها جريدة "التايمز" البريطانية فإن التحقيقات ستتضمن تكليف جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (MI6) بتحديد ما إذا كان الإخوان يقفون فعلاً خلف مقتل السياح، إضافة إلى هجمات أخرى تثور الشكوك بشأن تورط الإخوان فيها، لكن التحقيقات الأساسية التي ستبدأ بريطانيا إجراءها ستقوم بها وكالة الاستخبارات الداخلية (MI5) وستتركز حول وجود جماعة "الإخوان" داخل المملكة المتحدة، كما ستحدد الوكالة من مِن قيادات الإخوان يتخذون من بريطانيا مقراً لهم، سواء من الذين انتقلوا بعد إطاحة مرسي أو ممن هم موجودون سابقاً في البلاد.وتبدو هذه الإجراءات بمثابة مقدمة لسحب الغطاء الأوروبي عن جماعة "الإخوان"، والذي التحفت به طويلاً، وتأكيداً لما رددته مصر طويلاً، وحذرت منه، من خطورة الإرهاب الدولي، والمشاريع الدولية الراديكالية التي تتخذ من الإسلام غطاء لها وهي بعيدة كل البعد عنه.
أخر كلام
هل سقط الغطاء الأوروبي عن الإخوان؟
05-04-2014