يوشك أن ينتهي...، مسلسل الربيع العربي (للأسف) يوشك أن ينتهي على ما أظن، أو على الأقل سيسدل الستار على فصل مهم من فصوله، وهو الفصل الذي لعب فيه تيار الإسلام السياسي دور البطولة، واختطف السيناريو من أيدي صانعيه وحرّف فيه كيفما شاء، وغيّر الأدوار كيفما أراد، أقصى من أقصى، وأخذ في أحضانه من أخذ، حاول ذلك التيار أن يفصّل دولة على مقاس أحلامه، دولة تمتد من أقصى المغرب العربي إلى أقصى مشرقه، وفي ذروة نشوته وتعطشه للسلطة سارع ذلك التيار بحياكة الجلابيب والأنقبة و«اللحى»، بهدف توزيعها على كل مواطن ومواطنة لتميز الصالحين منهم عن غيرهم من الشياطين المارقين، والموعودين بالعقاب الشديد في الدنيا على يد أركان الدولة الجديدة وأعوانها، علاوة على عقاب الله في الآخرة والذي أوكلوا أنفسهم ناطقاً رسميّاً وحيداً بلسانه.

Ad

هذا الفصل من مسلسل الربيع العربي وبفضل من الله انتهى أو يكاد، ففي اللحظة التي أعمى الغرور ذلك التيار، زالت الغشاوة عن أبصار من ظنوا جهلاً أن هذا التيار حاديهم إلى جنة في الأرض وأخرى مخبأة لهم في السماء، واكتشفوا أنهم مقبلون على جحيم هنا وربما آخر هناك، فسارعوا لإنقاذ أنفسهم قبل فوات الأوان!

وإذ بذلك الطوفان الشعبي، الذي كان بالأمس يزحف منوّماً خلف ذلك التيار في بعض دول الربيع العربي، يبدأ بالانحسار كثيراً، بل ويبدأ بالدوران عاكساً اتجاهه ضد ذلك التيار!

أما في دول أخرى من الوطن العربي، والتي لم يمر الربيع بأجوائها، فها هي السلطات في بعضها تشن هجوما علنيا شرسا على ذلك التيار، بعد أن استنصرت به في أحيان سابقة أو هادنته، أو غضت الطرف عن ممارساته في أحيان كثيرة، إن الخناق على تيار الإسلام السياسي في الوطن العربي بدأ يضيق على مستويين شعبي ورسمي، لذا أظن أن الفصل الذي لعب فيه هذا التيار دور البطولة في مسلسل الربيع العربي شارف على النهاية، وسيعود هذا التيار ممثلا ثانويا في هذا المسلسل أو حتى كومبارس.

وبغض النظر عن الأسباب والعوامل التي عجّلت النهاية في هذا الفصل، إلا أن الأهم هو السؤال التالي: ماذا بعد؟!

هل انتهى مسلسل الربيع العربي مع نهاية هذا الفصل؟!

هل سنشاهد مسلسلا يكون نسخة طبق الأصل من الواقع كما كان قبل بداية مسلسل الربيع العربي، مع إضافة بعض مساحيق التجميل والمكياج على بعض الملامح وتغيير طفيف وساذج في الديكور والأكسسوار؟!

أم ان فصلاً آخر قادماً يحمل سيناريو جديداً يعكس صورة الأماني والتضحيات؟! فصل نرى فيه أبطالاً جُددا يجسّدون أحلاماً مخبأة تحت وسائد الصبر الطويل، وهل هؤلاء الأبطال موجودون فعلاً بيننا وجاهزون للعب ذلك الدور؟!

أم اننا سنكتشف في نهاية الأمر أن الفصل الخاص بتيار الإسلام السياسي لم يكن سوى مسلسل متفق عليه ومدفوع الثمن بين ذلك التيار والسلطة ليُحشر ضمن مسلسل الربيع العربي بهدف احتوائه وإحالته في النهاية إلى خريف؟!