ورش الكتابة

نشر في 02-03-2014
آخر تحديث 02-03-2014 | 00:01
 ناصر الظفيري كنا دائما نؤكد أن المؤسسة، أياً كان شكلها رسمية أو شعبية، لا تستطيع خلق وإنتاج مبدع. وليس بإمكان أحد ما أن يخلق موهبة من شخص لا يمتلك هذه الموهبة. اندهشت كثيرا في الفترة الأخيرة من تقديم البعض، وجميعهم زملاء أعتز بتجاربهم الكتابية، لورش لكتابة الشعر أو الرواية يحضرها عدد كبير ممن يظنون أن الكتابة تتحقق بمجرد حضور ورشة عمل هنا أو هناك. ويدفعون أحيانا مبالغ مالية لحضور هذه الورش ويحصلون على شهادات لا أعلم ما يكتب فيها وهل تفيد بأن الشخص المعني قد حصل على تصريح بالكتابة الإبداعية.

اذا كان ذلك، كما يظن البعض، مماثلا لمقررات الكتابة الإبداعية فهو بالتأكيد ليس قريبا ولا يماثله في شيء. الكتابة الإبداعية تتطلب وجود الموهبة الابداعية أولا ومحاولات صقلها وتوجيهها بمزيد من قراءات مشابهة والاطلاع على تجارب كتابية. وهو أمر يحتاج الى فترة زمنية يتواصل فيها الكاتب مع أستاذه وتقديم نماذج كتابية على مدى تلك الفترة يستطيع من خلالها الأستاذ تلمس مواطن هذه الموهبة وحقيقتها. وأغلب دارسي تلك المقررات يكونون من الشعراء والقصاصين الذي لديهم تجارب غير ناضجة يسعون لتطويرها.

كنت ضيفا على مقرر الكتابة الابداعية في الجامعة الأميركية لإلقاء محاضرة عن الرواية، لاحظت أن المشكلة تكمن في القراءة وليس في الكتابة، القراءة هي مشكلة العقل العربي بشكل عام وما نحتاجه أن نكرس ثقافة القراءة أولا. تلك كانت الفكرة الأولى من وجود الملتقيات الأدبية والتي تحولت الى محاضرات عامة تحاول جذب الجمهور وستجد نفسها يوما ما في معزل عنه حين تبتعد عن الهدف الأساس من تكوينها.

هذه الورش الكتابية القصيرة في أسبوع أو أقل تشبه الكتب التي كانت دارجة ذات يوم مثل "تعلم الفرنسية في خمسة أيام بدون معلم". لا يستطيع من يقتنيها أن يجيد شيئا من الفرنسية. وهي متاحة للجميع وعدد الذين يلتحقون في بعضها يصل الى مئة كاتب جديد ربما كل ما يطمحون إليه هو الوهم بخلق كاتب مغمور في داخلهم. بعضهم لم يجرب كتابة صفحة واحدة من قبل.

الحل الأفضل أن نتحول الى نوادي القراءة كأن يقرأ المهتمون كتابا كل أسبوع يناقشون طرقه السردية وفضاءاته في نهاية الأسبوع وربما لن تجد من يلتزم فعلا بذلك لشقاء القراءة وصعوبتها وحاجتها الى الجلد مقارنة بالكتابة. نحتاج أن تعود المنتديات الأدبية الى دورها الحقيقي في مناقشة رواية أو ديوان شعر عربي أو أجنبي بين المهتمين على أن تكون الندوة أو المحاضرة مرة في الشهر متى ما توافر الموضوع والمحاضر.

وأتذكر مبادرة الدكتور خليفة الوقيان في رابطة الأدباء مع مجموعة من الشعراء الموهوبين والالتقاء بهم كل أسبوع، ومنهم اليوم شعراء لهم دور مهم على الساحة الأدبية. هؤلاء الشعراء كانوا يمتلكون الموهبة أولا ويحتاجون لتأصيلها لا البحث عنها من عدم.

back to top