الفنان عصام كاريكا الذي أخرج بنفسه كليب أغنيته الجديدة «عيل»، يؤكد أن عصر «الكليب» لن ينتهي، مشيراً إلى أنه لو كان من الوارد أن ينتهي  لما استمر طيلة هذه المدة، لا سيما أن الجمهور اعتاد مشاهدة نجمه المفضل الذي يتابع أعماله بشغف في الكليبات.

Ad

يلاحظ أن الفنانين يعتمدون على الكليبات، بشكل أساسي، سواء كانوا أصواتاً جديدة ليراهم الجمهور ويتعرف إليهم، أو فنانين قدامى لهم تاريخ وينتظرهم المعجبون ليروا الجديد الذي سيقدمونه في الكليب، لافتاً إلى أن مهمة الأخير الترويج للألبوم الجديد، ما يعني أنه لن ينتهي مهما حدث وأن اختفاءه موقت.

سفير فوق العادة

يرى المنتج الموسيقي وائل الغرياني أن «الكليب» مستمر إلى ما لا نهاية، خصوصاً أنه المعبر الفعلي أو المعادل البصري للأغنية من خلال الشاشة، مشيراً إلى أن ثمة كليبات اكتسبت سمعة سيئة بسبب بعض المخرجين والفنانين الذين يركزون على مشاهد رقص وعري من دون النظر إلى المضمون أو كلمات الأغنية، لا سيما مع انتشار القنوات المتخصصة بالرقص الشعبي التي تعرض هذه الكليبات بشكل مبتذل ومستفز، ويتم تركيب رقصات شعبية على الأغاني من دون النظر إلى أي لمحات فنية أو إبداعية.

يضيف أن الألبوم يمرّ مرور الكرام، في حال طرح من دون إنتاج كليب له، فتخسر أغانيه أكثر من نصف الجمهور الذي كان سيتفاعل مع الألبوم، في حال نُفذ كليب لإحدى أغنياته، مشدداً على أن الكليب الجيد الذي يتمتع بحرفية عالية يصبح سفيراً فوق العادة للمغني وللأغنية وللشركة المنتجة، ويساعد في انتشار الألبوم ككل وحتى الفنان نفسه،  خصوصاً إذا كان صوتاً جديداً لا جمهور له، فيفتح آفاقاً جديدة له.

 يعزو المخرج جميل جميل المغازي انحسار جمهور الكليبات إلى الظروف الاقتصادية والمعيشية والتداعيات السياسية التي أثرت سلباً على إنتاج الكليب وعلى جودة صناعته، وجعلت المنتجين يحجمون عن إنتاج أعمال جديدة، مشيداً بأهمية صناعة الكليب وكفاءة مخرجيه قائلاً: «معظم المخرجين المتفوقين في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، بدأوا في الأساس كمخرجي كليبات»، موضحاً أن هؤلاء المبدعين يستطيعون إخراج صورة جيدة وجميلة تجذب المشاهد، لا سيما أن ثمة تقنيات جديدة يمكن استخدامها  لتطويره.

يندد المغازي ببعض المخرجين الذين يتعاملون مع الكليب بمنطق السبوبة ويحملهم مسؤولية ضعف الإقبال على الكليب، ذلك أن المشاهد ذواق ويؤدي الإنتاج الضعيف إلى انصراف الجمهور عن العمل ككل.

بدوره يؤكد الموسيقار هاني شنودة أن شركات الإنتاج كانت تعول، في السنوات الماضية، على النسب المئوية التي تحصل عليها من إيرادات الحفلات التي تقيمها لفنانيها، وكانت تدر عليهم أموالاً ينتجون بها ألبومات وكليبات، ومع انقطاع هذه السيولة لغياب الحفلات، تأثر الإنتاج  وقلت الجودة بسبب الكلفة الباهظة التي تتحملها الشركات نظير إنتاج كليب واحد.

يضيف: «أطلق الكليب فنانين كثراً وما زال، من خلال موقع «يوتيوب»، إذ يصوّر الفنان كليب الأغنية على «كرومة» لتكون كلفته ضعيفة جداً ويخضعه للمونتاج  على حسابه الخاص، فيمنح فرصة لجمهوره ليتعرف إليه وإلى أدائه التمثيلي، وثمة مشاهير عرفهم الجمهور بهذه الطريقة السهلة والبسيطة وغير المكلفة.

تبدل الأولويات

يوضح الناقد محمد العسيري أن صناعة الكليب تتجه نحو الاختفاء ولو وقتياً، نظراً إلى الآثار السلبية بسبب موجة الربيع العربي، ومعاناة قطاع الفن عموماً والغناء خصوصاً من حالة ركود لم تشهدها الساحة الغنائية منذ فترات طويلة، يقول: «لم يعد الغناء والفن من أولويات المواطنين لانشغالهم بمشاهد الدم والقتل والخراب، ما يجعلهم غير مهيئين نفسياً لمشاهدة كليب أو متابعة أخبار الفنانين وأعمالهم الجديدة».

يضيف أن الكليب وسيط مهم وعنصر إضافي وضروري لإيصال الرسالة التي يريد فريق عمل الأغنية توجيهها، وبات الحل الوحيد أمام المعنيين بإنتاج الكليبات التعاقد مع الرعاة الذين يمولون هذه الأعمال، ما يؤدي إلى وقوع المغني والمخرج وشركة الإنتاج فريسة الشروط المجحفة والتعجيزية لهؤلاء الرعاة الذين يريدون الاستفادة من دون تقديم دعم فني أو تقني أو إبداعي للأغنية، ما يترجم حقيقة الأزمة التي تعيشها الأغنية العربية راهناً.

بدوره يلاحظ الناقد الفني أحمد سعد الدين أن الكليب لن ينتهي مهما مر الزمن ورغم ضعف الإقبال عليه، سواء من المتابعين أو النجوم أو المنتجين، مشيراً إلى أن على صانعي الكليب الالتزام بمفهومه، في حال أرادوا انتشاره وعدم اندثاره، أي أن يكون جيداً ويخدم الكلمة ويتوافق مع مضمون الأغنية ولحنها، وألا يكون مقحماً عليها حتى لا يكون عبئاً على العمل ككل، ولافتاً إلى أن الناس يفضلون مشاهدة البرامج السياسية أكثر قنوات الأغاني، ما يعني أن شعبية الكليب وصلت إلى مرحلة لم تشهدها سوق الموسيقى من قبل لكنها لن تنتهي أبداً.