مرافعة : عندما يكون الدستور كذبة!

نشر في 19-01-2014 | 00:01
آخر تحديث 19-01-2014 | 00:01
عندما تأخذ الحقوق عنوة وتسلب الضمانات الطبيعية قسرا، عندها سيكون الإنسان مجرد دمية تنتظر من يحركها هنا ويضعها هناك، فلا صوت لها كي تعترض ولا حقوق تدافع عنها!

الحقوق التي كفلها الدستور للأفراد، والضمانات التي قررها لهم، لم ترد على سبيل المنحة أو العطية أو الاستجداء، بل هي حقوق طبيعية كفلتها مواثيق الأمم المتحدة، ومن بعدها أغلب الدساتير، ومنها دستور 62 الذي نعمل جميعا تحت ظله ونتمسك بتطبيق نصوصه كاملة.

وبعد مرور ما يزيد على 50 عاما مازالت بعض الحقوق تنتهك والضمانات تسلب، تارة باسم القانون وتارة أخرى بعيدا عن أعين القانون دون أن يكون هناك ردع حقيقي لمنتهك تلك الحقوق، بل وبالعكس هناك من يشجع المنتهك على الاستمرار في انتهاكاته، وهناك من يصفق له ويلتقط معه الصور، بل ويمنحه المكافآت المالية!

خلال السنوات الخمس الماضية شهدت البلاد جملة من التعديات على حقوق الأفراد وحرياتهم، وتحديدا من بعد واقعة أحداث ديوان النائب السابق جمعان الحربش، والأحداث التي صاحبتها من التعدي الوحشي على أستاذ القانون د. عبيد الوسمي رغم عدم اتفاقي فيما ذكره، وكذلك فيما وقع على الصحافي محمد سندان من تعد مماثل، مرورا بجريمة أكبر وأعظم وهي جريمة المغفور له المواطن محمد الميموني الذي خطف باسم القانون، وعذب من قبل رجاله، وقتل من دون رحمة، وأزهقت روحه بإحدى مؤسساته العامة!!

ليس الميموني هو الوحيد الذي قتل وعذب باسم القانون، بل تبعه عدد من المواطنين والمقيمين، واذكر المواطن سلام الرجيب الذي توالى على ضربه بقسوة عدد من رجال الأمن لمجرد مخالفته قانون التجمعات، وقضي في ما بعد ببراءته من الاتهام، كما أذكر مواطناً آخر يدعى علي .ع الذي استوقف من قبل 6 من رجال الأمن للاشتباه بأمره، وعندما سأل عن سبب الاستيقاف أشبع ضرباً وركلاً، وعندما اشتكى عليهم حفظت قضيته من الإدارة العامة للتحقيقات، بينما سجلت قضية كيدية من رجال الأمن بحقه، لأنهم الطرف الأقوى، ولأنه الطرف الأضعف!

ليست تلك الواقعة فحسب، بل استمرت الانتهاكات لواقعة أكبر تعرض لها المواطن حسين الشواف على يد عدد من رجال الأمن، وكانت الصور التي كشفتها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي أبلغ دليل على حجم الضرر الذي تعرض له الشواف ومظاهر العنف التي رسمت على وجهه والقسوة التي مورست!

القصة ليست لها علاقة بسوء سلوك بعض رجال الأمن، ولا هي بحوادث فردية، ولا هي بتصرف فردي، بل القصة يا سادتي هي تقصد حقيقي للحقوق والحريات وللضمانات التي أوردها الدستور والقوانين من بعده للفرد مواطناً كان أو مقيماً!

عندما تنتهك الكرامات بإطلاق أسوأ السباب، وعندما تركل الأجساد وتستخدم كل أسلحة الضرب لمجرد اعتراض المتهم أو المشتبه باتهامه أو المخالف فعلا للقانون يكون الدستور حينها كذبة، ويكون الإنسان كما أسلفت مجرد دمية!

back to top