ملايين المصريين يحتفلون بقدوم "شم النسيم"
احتفل المصريون اليوم بقدوم (شم النسيم) من خلال توافد الملايين منهم على الحدائق العامة والمتنزهات والشواطئ والأماكن الأثرية للاحتفال بعيد الربيع الذي يعتبر مهرجانا شعبيا تشارك فيه طوائف المجتمع المصري كافة.وتعود بداية الاحتفال بأعياد الربيع عام 2700 قبل الميلاد في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة ولا تزال تلك الاحتفالات مستمرة حتى اليوم .
وترجع تسمية احتفالات الربيع بهذا الاسم إلى (شمو) وهي كلمة فرعونية تعني (بعث الحياة) حيث كان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول أيام الزمان أو بدء خلق العالم ومع مرور الزمن والعصور تعرض (شمو) للتحريف وأضيفت اليه كلمة النسيم لارتباطه بفصل الربيع واعتدال الجو وطيب النسيم.ولم يقتصر الاحتفال بعيد شم النسيم منذ القدم على الفراعنة بل احتفل به اليهود لاسيما انه يواكب وفق ما يزعمون وقت خروجهم من مصر في عهد سيدنا موسى عليه السلام واتخذوه رأسا للسنة العبرية وأطلقوا عليه اسم (عيد الفصح) ما يعني بالعبرية الخروج أو العبور للبدء بحياة جديدة.وعندما دخلت المسيحية إلى مصر جاء (عيد القيامة) موافقا لاحتفال المصريين بعيدهم فكان احتفال المسحيين بذلك العيد في يوم الأحد من شهر برمودة من كل عام ويليه مباشرة (شم النسيم) يوم الاثنين. لكنه لا يوجد موعد سنويا محدد للاحتفال بشم النسيم وان من يحدد موعده في الوقت الحالي هو الكنيسة القبطية شريطة أن يوافق الاثنين من أيام الأسبوع.واستمر الاحتفال بعيد الربيع (شم النسيم) في مصر بعد دخول الإسلام وأصبح تقليدا متوارثا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور ويحمل ذات المراسم والطقوس وذات العادات والتقاليد التي لم يطرأ عليها أدنى تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.ويحظى عيد شم النسيم باستعدادات خاصة للاحتفال به في الريف المصري حيث تقوم السيدات والبنات بتكحيل العين بالكحل الاسود الذي يسمونه بالعامية (الششم) وذلك قبل يومين من قدومه في يوم (سبت النور). ويتحول الاحتفال بالعيد مع إشراقة شمس هذا اليوم الى مهرجان شعبي تشارك فيه طوائف المجتمع المصري كافة فيخرج الناس الى الحدائق والحقول والمتنزهات حاملين معهم أنواعا معينة من الاطعمة التي سيتناولونها بهذه المناسبة.وتتنوع الاطعمة الخاصة بشم النسيم بين بيض ملون وسمك مملح (الفسيخ) وسمك مدخن (الرنجة) والبصل الأخضر والخس والملانة (الحمص الأخضر) وهي أطعمة مصرية ذات طابع خاص ارتبطت عند الفراعنة بالخلق والخصب والحياة.ويرمز البيض الذي يكتسي بألوان زاهية خلابة الى خلق الحياة من الجماد وتناوله بهذه المناسبة كان احدى الشعائر المقدسة عند الفراعنة الذين كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار لتحظى ببركات نور الاله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.يمثل تناول الأسماك المملحة التي تعرف باسم الفسيخ في هذا العيد دلالة على الاهتمام بتقديس النيل منذ القدم وتقدير ما فيه من خيرات لاسيما الاسماك. ويرتبط البصل عند المصريين القدماء بارادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض فكانوا يعلقونه في المنازل وعلى الشرفات وحول رقابهم ويضعونه تحت الوسائد ولا تزال تلك العادة منتشرة حتى اليوم. ويحظى الخس بأفضلية خاصة وبمكان بارز على مائدة عيد شم النسيم لاسيما انه من النباتات المقدسة عند الفراعنة ويرتبط بالخصوبة لذا نقشت صورته تحت اله الخصب عندهم فيما يرمز نضوج ثمرة نبات الحمص الاخضر (الملانة) وامتلاؤها الى قدوم الربيع.