من أعمدة الفن والثقافة... الأديب والكاتب والدراماتورج عبدالعزيز السريع

نشر في 03-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 03-07-2014 | 00:02
نص «عنده شهادة» فاز بأول مسابقة للتأليف المسرحي في الكويت (2-3)

في الحلقة الثانية من الحوار مع الكاتب القدير عبدالعزيز محمد السريع، أحد أعلام المسرح خليجياً وعربياً، نستعرض محطات من نشاطه وإبداعه مع «مسرح الخليج».
كيف تأسس {مسرح الخليج العربي}؟

أسسته مجموعة من العاميلن في الإذاعة: منصور المنصور، عبدالعزيز الفهد، محمد الشمالي، عبدالرحمن الهادي، عبدالله خلف، مكي القلاف، سالم الفقعان، نورة الخميس وحياة الفهد، وعرضت الفكرة على صقر الرشود، فاعتذر لشعوره  باليأس بعد تجربتيه {تقاليد} ثم {فتّحنا}.

وكيف تراجع عن اعتذاره؟

اقنعوه ووضعوا اسمه مع المؤسسين وعددهم 16، لتبدأ رحلة الرشود الإبداعية المحفوفة بمعارك التغيير والإنجازات، مع أول فرقة يتم إشهارها بموجب القانون 24/ 1962 كجمعية نفع عام، بتاريخ 13 مايو 1963 لكن من دون مقر وإمكانات مادية في البدايات.

ما باكورة أعمال الفرقة؟

«بسافر وبس» من إخراج صقر الرشود (1963)، قدمت ضمن احتفالية لتكوين رأس مال جمعية الفنانين الكويتيين.

متى انتسبت إلى الفرقة؟

 عندما شاهدت مسرحية «بسافر وبس» مع محبوب العبدالله والرشود ومعهما الكاتب والممثل عبدالرحمن الصالح (وكان يسكن السالمية)، وفوراً انتسبت إلى الفرقة.

 

ما أبرز المسرحيات التي وقعها الرشود؟

في الموسم الأول (-1963 1964) أنجز أربع مسرحيات تأسيسية: «الخطأ والفضيحة» لمكي القلاف، «الأسرة الضائعة» وهي فكرتي من إعداد اللجنة الثقافية المكونة مني ومن الرشود ومحبوب العبدالله، «أنا والأيام» تأليف الرشود، «الجوع» من تأليفي.

ما أول نص مسرحي لك؟

«أنا محتار» كتبته خفية، ثم قدمته على استحياء للرشود والزملاء، فأرسل إلى الرقابة، وكان الأديب الكبير عبدالرزاق البصير والممثل الكبير سعد الفرج من أعضائها، فطلبا الاجتماع بي،  هكذا تعرفت إليهما. ثم كتبت في فورة حماستي مسرحية «الأسرة الضائعة»، فتم تفضيلها على الأولى وقرروا البدء بها.

ماذا حدث مع «أنا محتار»؟

أعدت كتابة النص باسم «عنده شهادة»، وشاركت فيه في أول مسابقة للتأليف المسرحي في الكويت التي نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وفاز بالجائزة الثانية بعد حجب الجائزة الأولى، وتلقيت رسالة تهنئة من المشرف على المسابقة الأستاذ زكي طليمات.

ما الجانب الأكثر أهمية الذي توليته في «مسرح الخليج»؟

توليت إدارة إنتاج عروض فرقة «مسرح الخليج» منذ التأسيس حتى عام 1983. مدير الإنتاج ليس بالمعنى الذي يفهمه البعض كشراء «السندويش» أو البحث عن كومبارس لسد النقص، بل شخص رئيس ومشارك في العملية الإنتاجية، ورأيه أساسي في اختيار الممثلين والنص وأيام العرض ومكانه وتوزيع العوائد والمكافآت، كما هو مخول رفض أي عرض لعدم توافر موازنة، كذلك كنت المشرف المالي على الشؤون المالية للفرقة حتى أضعها في طريق الأمان.

هل رفضت عملا مسرحياً؟

رفضت مبدأ انتاج عمل جميل وكنت من المعجبين به، بسبب كلفته العالية، وعدم وجود إمكانات أو مساندة مالية، لأنه يحتاج إلى أزياء وديكورات وممثلين، وكان الرشود متحمساً وأبلغني استعداده  للتنازل عن أجره، فجاء ردي: «قدّم لي وثيقة من الجميع بالتنازل عن حقوقهم المادية»، فصُرف النظر عن العمل، لكننا قدمناه  في ما بعد بطريقة أخرى بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ونفذ وكان مذهلاً.

ما هو هذا العمل؟

«علي جناح التبريزي وتابعه قفه»، وإذا عدنا إلى الأدبيات، سنجده ضمن مشاريع فرقتنا في ذلك الوقت، وهو موثق في أحد كتيبات عروضنا المسرحية بالعبارة التالية «عملنا القادم علي جناح التبريزي وتابعه قفه».

كيف تم تنفيذه؟

كنت أعمل في المجلس الوطني على مسألة مشاركة الكويت في مهرجان دمشق المسرحي، وقد رشحت لهم العمل، واقترحت تنفيذه بفريق مؤلف من الفرق الأهلية الأربعة، وأطلقنا عليه «فرقة المسرح الأهلي»، وتكوّن مجلس إدارتها من: صقر الرشود (مسرح الخليج)، أحمد الصالح (المسرح الشعبي)، حسين الصالح الدوسري (المسرح العربي)، عبدالرحمن الشايجي (المسرح الكويتي)، وتوليت بدوري إدارة الإنتاج.

كيف تم توقيع العقد مع مؤلفه؟

اتصلنا بألفرد فرج، مؤلف النص المسرحي، لمنحه حقه المادي والأدبي، فوجدناه في بغداد، من ثم زارنا في الكويت برفقة الكاتب الكبير أحمد عباس صالح، ثم وقعنا العقد. واقترح الرشود حذف مونولوجات طويلة أكثر مما يلزم لا يقتضيها المسرح، وليست مريحة، فضحك ألفرد فرج، وقال له: «معك حق احذفها»، لأنه وضعها لبعض الممثلين في «المسرح القومي» في مصر الذين يحبون هذه الإطالة من دون الاهتمام بالضرورة.

كيف غيرتم أسلوب الأداء؟

 

نبهت المخرج الرشود على أن طريقة الأداء التقليدية، حسب أسلوب زكي طليمات، تجعل اللغة العربية غرائبية، فيها نوع من التفخيم والمبالغة، وليست لغة تخاطب طبيعية، فاقترحت عليه أن يجعل اللغة كأنها عامية وهي في الحقيقة فصيحة، على طريقة مجموعة من الممثلين اللبنانيين المهمين مثل عبدالمجيد مجذوب ورشيد علامة، إذ يقدمون لغة سهلة وسلسة وبسيطة ومعبرة، فالاستفهام والاحتجاج والغضب والسخرية والضحك كلها أمور واضحة.

هل تقبّل الممثلون هذا الأداء بمرونة؟

عندما اشتغلنا على هذا الأسلوب، كان عصياً على بعض الممثلين تفهمه، إلى أن تشربوه بمرور الوقت، من جملة هؤلاء الفنان غانم الصالح، لأنه من تلاميذ زكي طليمات وتعلم التفخيم، فأبلغه الرشود الأسلوب الذي ينبغي أن يتبع، ولم يقتنع، وأثناء بدء العروض التجريبية في الكويت قال الصالح: «سأجرب طريقتكم لمدة نصف ساعة، وإذا لم  يتفاعل الجمهور سأعود إلى أسلوب طليمات»، فتجاوب الجمهور معه واستمر فيه. كذلك  كانت ثمة إضافات زادت من جماليات العمل، كمشاركة الموسيقار غنام الديكان والكورس.

وماذا عن الانطباعات بعد عرضها بدمشق؟

استقبلت بحفاوة، وكانت درة المهرجان في تلك الدورة (1975)، وكتب وزير الثقافة السوري رسالة إلى عبدالعزيز حسين  يشكره على هذا العرض الرفيع، كذلك توجت كأحسن عرض، لأن أسلوب المهرجان  لا يقوم على جوائز أو لجان تحكيم، بل يختار العرض الأفضل ليجول في  المناطق السورية مثل حلب وغيرها، إنما ارتباطات أعضاء الفريق بمهام أخرى حالت دون تنفيذ الخطة بالكامل، واكتفى بعرضين في حلب إضافة إلى دمشق.

وما كانت ردة فعل ألفرد فرج؟

بكى فرحاً، وعبر عن رأيه لإذاعة دمشق في حينها، بقوله إنه سبق أن قدم  سبعة مخرجين المسرحية، لكن هذا العرض هو الأفضل والأجمل والأكمل. فاحتفظ بشريط له حتى آخر يوم في حياته، وكان يحمله معه في أي مكان يذهب إليه ليشاهده الناس. وقد حدثني عن زيارته إلى ألمانيا وعرض الشريط هناك، فدهشوا من قدرة الممثلين على هذا الإبداع في التصور خصوصاً  في مشاهد الأكل الوهمي.

back to top