عاد الهاجس الأمني إلى الواجهة مجدداً مع موجة جديدة من "العمليات" الأمنية أمس كانت الساحة اللبنانية منطلقها. وبدأ الأمر صباح أمس مع إلغاء مفاجئ لمؤتمر المخاتير في "الأونيسكو" بدواع معلوماتية رسمية أبلغتها الأجهزة المعنية لحركة "أمل" منظمة المؤتمر، وتفيد برصد معلومات موثوقة على جانب كبير من الدقة حيال تدبير محاولة تفجير انتحارية أو مفخخة بالمؤتمر، الذي كان يتوقع أن يلقي خلاله الرئيس نبيه بري كلمة من دون التأكد ما إذا بري سيحضر أم لا.

Ad

وسرعان ما بدأت "الجمعة" المطلة على قلب المشهد الأمني في البلاد، الذي يعرف استقراراً نسبياً ملحوظاً منذ أشهر، تشهد تعاقب الفصول السريعة المنذرة بخطة إعادة لبنان إلى أتون العمليات والاستهدافات الإرهابية، فأقفلت القوى الأمنية شارع الحمراء، حيث داهمت شعبة المعلومات والأمن العام، فندق "نابوليون" في محلة الحمرا في بيروت، بعد ورود معلومات عن وجود مطلوبين داخله، توازياً مع فرضها طوقاً أمنياً في المنطقة.

 وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن القوى الأمنية أوقفت أمس 102 شخص خلال مداهمات الحمرا والمناطق المجاورة، بعد ورود معلومات عن وجود مجموعات إرهابية تنوي القيام بأعمال مخلة بالأمن في بيروت، وبعد التحقيق معهم تم إطلاق 85 شخصاً، في حين بقي 17 قيد التحقيق.

وكانت عملية المطاردة والمحاصرة التي تركزت خصوصاً حول فندق "نابوليون" في الحمرا لاتزال جارية، حين دوى الانفجار الكبير في مكان بعيد جداً عن بيروت، حيث استهدف تفجير انتحاري حاجزاً لقوى الأمن الداخلي عند نقطة ضهر البيدر عند مدخل البقاع، ما أدى إلى وقوع شهيد من قوى الأمن، وإصابة 28 آخرين بجروح خطيرة. وعلم أن "القوى الأمنية كانت تطارد سيارة الانتحاري الذي كان يرتدي حزاماً ناسفاً، وبعد أن طالبته بالوقوف إلى جانب الطريق قام بتفجير نفسه"، بينما تبين لاحقاً أن موكب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كان مرّ من المكان قبل دقائق قليلة، الأمر الذي زاد من غموض وخطورة التفجير.

وأكد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص من مكان الانفجار في ضهر البيدر أمس، أن "لدينا تدابير أمنية مع الجيش على مدى 24 ساعة في كل الظروف والأيام".

ونعى بصبوص شهيد قوى الأمن محمود جمال الدين، وقال: "ندفع ضريبة الدم لنحمي الوطن. وكما قلنا في احتفال قوى الأمن نعمل بحزم وقوة ولن يثنينا أي شيء عن تنفيذ مهماتنا".

وأوضح أن "السيارة كانت متوجهة من البقاع إلى بيروت، وطاردتها دوريات من قوى الأمن الداخلي، فما كان من سائقها إلا أن عاد إلى البقاع. وتبلغ عناصر الحاجز أن هناك سيارة مشبوهة ستصل إليهم، ومن أجل ذلك اتخذوا التدابير اللازمة، ولكن للأسف عندما وصلت السيارة حاول العناصر توقيفها وتفتيشها، ففجّر السائق نفسه ووقعت المصيبة"، مؤكداً أن "لدينا اليوم تدابير أمنية في كل المناطق استناداً إلى معلومات أمنية".

الحريري

في السياق، دعا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري "اللبنانيين من كل الطوائف والمشارب السياسية إلى أعلى درجات التنبه والحذر، والتزام حدود الوعي والتضامن الوطني في وجه ما يحاك للبنان والمنطقة من مخططات خبيثة لا وظيفة لها سوى إشعال الفتنة بين أبناء الدين الواحد والبلد الواحد".

وشجب الحريري في بيان له أمس "التفجير الإرهابي الذي استهدف حاجز قوى الأمن الداخلي في ضهر البيدر، ورأى فيه حلقة في سلسلة تعمل على شد الخناق على استقرار اللبنانيين وسلامتهم، وجر البلاد إلى المسار التخريبي الذي يسود في غير دولة ومكان من العالم العربي".

بدوره، استنكر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع التفجير، وشدد على أن "المنطقة في حال غليان، ولبنان ليس جزيرة معزولة عن المحيط"، مؤكداً أن "الخطوة الأولى على طريق تحصين لبنان وتجنيبه ما يحصل، هي العمل على إعادة مؤسّساته الدستورية، من رئاسة جمهورية ومجلس نواب وحكومة، والسهر على حسن أدائها".

كما دان الرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان "العمل الإرهابي الذي أصاب حاجز ضهر البيدر والمواطنين الأبرياء، وأوقع عدداً كبيراً من الإصابات". ودعا جميع الأطراف إلى "الالتفاف حول المؤسسات الأمنية"، متمنياً على النواب أداء واجبهم الديمقراطي في انتخاب رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب".