فجر يوم جديد: الأزمة... والحل!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
في المقابل، تعاني صناعة السينما المصرية من أزمة حادة تتمثل في أن الزيادة المطردة للسكان لم يُقابلها زيادة في رقعة صالات العرض، بل واكبها تراجعاً ملحوظاً في عدد صالات السينما، مُقارنة بعدد السكان. والأخطر من هذا أن المستثمرين أولوا اهتماماً كبيراً بتشييد الصالات في العاصمة والمدن الرئيسة في محافظات الوجه البحري، وهو ما لاحظناه في تأكيد الشركة الإنتاجية، التي أشرنا إليها في المقدمة، أنها بصدد افتتاح عدد من الصالات في القاهرة والإسكندرية والدقهلية والإسماعيلية والسويس ودمياط وبنها، لكنها لم تأت مُطلقاً على ذكر محافظات ومدن الوجه القبلي (جنوب مصر) التي تعاني غياباً مخيفاً في صالات العرض السينمائي؛ بدليل أن محافظات بأكملها لا تتوافر لها صالات من أي نوع، وهي الظاهرة التي تتكرر في المناطق والأحياء الشعبية التي شهدت إغلاقاً وهدماً مُنظماً للصالات، بفعل الإهمال، وأيضاً تجاهل القرار الوزاري الذي يُشدد على بناء دار عرض مكان المهدمة، ومن ثم لم يعد مستغرباً أن تتحول المحافظات، والأحياء الشعبية بالتبعية، إلى مرتع للتطرف، ونبع خصب للتعصب، وكراهية الآخر! المفارقة المثيرة أن قلة عدد صالات العرض كانت سبباً في تراجع الإيرادات بشكل كبير، ما أدى إلى تعثر عجلة الإنتاج، وعجز شركات الإنتاج عن تغطية الصالات باحتياجاتها من الأفلام، وكانت النتيجة الكارثية أن لجأ عدد من مديري الصالات وأصحابها إلى المطالبة بزيادة نسخ الأفلام الأميركية ثم التفكير جدياً في الاستعانة بالفيلم الهندي كي يستعيد العرش الذي كان يتبوأه في مصر منذ سنوات!يحدث هذا في الوقت الذي يعاني فيه مخرجو السينما العربية، فضلاً عن صانعي السينما المصرية الجديدة، التي أصطلح على تسميتها «السينما المستقلة»، من تعنت غير مفهوم من الموزعين، وأصحاب صالات العرض، ممن يرفضون عرض أفلامهم الجديدة أو الاكتفاء بعرضها لمدة أسبوع واحد لا أكثر، بحجة أنها «أفلام بلا جمهور»، وأن مبيعاتها في «شباك التذاكر» لا تشجع على عرضها أو الإبقاء عليها، بينما الحقيقة التي يتعمد البعض إخفاءها أن تجاوب الجمهور المصري مع الأفلام العربية أو السينما الجديدة سيمثل تهديداً حقيقياً لمصالحهم، ويهدم النظريات الملفقة التي روجوا لها طويلاً، وأكثرها كذباً وبهتاناً أن «الجمهور عاوز كده»!تكمن أزمة صناعة السينما المصرية في استسلامها لأوهام روج لها «أباطرة» وأصحاب مصالح، وأفكار عشوائية ارتمى البعض في أحضانها، وأول خطوة للخلاص من الأزمة أن نشجع رجال الأعمال على الاستثمار في صالات العرض؛ خصوصاً سينما الأحياء، كذلك الشاشات المختلفة التي تستوعب ما لا يزيد على 100 مشاهد، وأن تتسع رقعة هذه الصالات لتصل إلى الصعيد، وتُصبح تذاكر الدخول في متناول المواطن البسيط، مع التوسع في عرض الأطياف السينمائية التي تصنع التراكم، وتوفر للمواطن ذائقة مختلفة تتيح له التفريق بين الغث والسمين، من دون وصاية مقيتة يفرضها البعض عليه، ووقتها ستنجح السينما المصرية في بلوغ الإيرادات التي تمنحها الاستقلالية المنشودة.