أسدلت المحكمة الدستورية أمس الستار على الطعن بعدم دستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة التي تجرم المساس بسمو الأمير والعيب على صلاحياته والطعن بمسند الإمارة، وقررت المحكمة سلامة نص المادة 25 من قانون أمن الدولة، وبعدم تعارضها مع نصوص الدستور الكويتي، وباتفاقها مع نصي المادتين 54 و55 من الدستور اللتين تتحدثان عن ذات سمو الأمير وصلاحياته الدستورية.

Ad

وقالت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها أمس في رد على الدفوع بعدم دستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة التي يطعن عليها عدد من المغردين والنواب السابقين في مجلس الامة المبطل فبراير 2012، انه لا يليق بأن يكون أعلى مقام في الدولة خاضعا لما يخضع له بقية الأفراد، والامير بحكم مركزه الاستثنائي وعلو مكانته ومقامه السامي مستوجب التوقير والاحترام إكبارا وإعظاما له.

الحرية والفتنة

وأوضحت المحكمة التي أصدرت حكمها برئاسة المستشار يوسف المطاوعة وعضوية المستشارين محمد بن ناجي وخالد سالم وعادل بورسلي وخالد الوقيان في حيثيات حكمها، ان الدستور كفل بالمادة 36 منه حرية الرأي إلا ان حرية الرأي تختلف عن باقي الحريات في أن أثرها ليس قاصرا على الفرد، وان بعضها يرمي إلى تأثير الفرد في غيره، لذلك كان جانب تنظيمها امرا مباحا لما تؤدي اليه من الفتنة والفوضى واضطراب الامن وتفتيت السلطة إذا هي قامت بوجهها المطلق.

وأوضحت أن المقصود من النص المطعون عليه هو حماية تخص الامير مما عساه ان يوجه إليه من طعن في حقوقه وسلطته، ويشمل كل نقد منطو على تجريح يمس الهيبة ويؤذي الشعور، ويشتمل على التعريض وعدم التوقير اللغوي الذي من شأنه أن يضعف من سلطة رئيس الدولة وينقض الحق الذي يستمده من الدستور.

حماية الدستور

وبينت أنه يقصد بالعيب بذات الامير هو التهجم الذي من شأنه ان يمثل انتهاكا او مساسا بالاحترام الواجب لشخص رئيس الدولة، كما ان المقصود بالتطاول على مسند الامارة هو التعريض بنظام توارث الامارة وكيان النظام الاميري القائم، وليس المقصود هو حماية شخص الامير لأنها محمية بالمادة 54 من الدستور، بل يشمل كل ما من شأنه ان يمس كرامة الامارة، بحيث يضعف احترام الناس لها أو يقلل من هيبتها ونفوذها الادبي لدى الامة، وللمحاكم سلطة التقدير فيما يعد طعنا او عيبا أو تطاولا، وفي ما يلي نص حيثيات حكم المحكمة الدستورية:

وقالت المحكمة الدستورية إن الدستور نص في المادة "54" على أن "الأمير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تمس" وصيانة ذات الامير وعدم المساس بها راجع من جهة الى انه لا يمكن التسليم بوجود سلطة أعلى منه، ومن جهة اخرى الى حسن اللياقة، ولا يليق ان يكون اعلى مقام في الدولة خاضعا لما يخضع له بقية الافراد، والأمير بحكم مركزه الاستثنائي وعلو مكانته ومقامه السامي مستوجب التوقير والاحترام، إكبارا وإعظاما، كما نصت المادة "55" على ان "يتولى الامير سلطاته بواسطة وزرائه"، وهو مبدأ اساسي مترتب على ارتفاع المسؤولية عنه في مباشرة سلطاته، وقصرها على الوزراء، ولا يشارك الوزراء في أعمال الحكومة، بل يتولاها الوزراء أنفسهم، وعليهم وحدهم تقع تبعة هذه الاعمال يتحملون مسؤوليتها.

تأثيم التطاول

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها انه، صونا للمبادئ الصحيحة الكفيلة بوحدة الامة وسلامة امن البلاد من الداخل، وعدم الاضرار بها او تقويض نظامها والبعد عن مظنة التعريض بالذات الاميرية، وإحلالها محلها اللائق بها من التوقير والاحترام، وفي اطار ما كفله الدستور من مقومات الحرية الشخصية وضماناتها واعمالا لمبدأ "لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون" الذي نص عليه الدستور في المادة (32)، فقد صدر القانون رقم (31) لسنة 1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء حيث نصت المادة (25) منه على تأثيم الافعال التي تنطوي على الطعن في حقوق الامير وسلطته، والعيب في ذات الامير، والتطاول على مسند الامارة وحددت عقوبتها، وجعلت العلانية الركن الأول لها، فلا يقع التجريم حتى يعلن الرأي صاحبه، فإذا توافر ركن العلانية وتوافرت معه سائر أركان الجريمة حق العقاب والعلة الاصلية في ذلك ظاهرة لأن لكل فرد حرية الرأي والتعبير، ولا عقاب على التفكير وتكوين الرأي، وإنما العقاب على اعلان الرأي المخالف للقانون والجهر به بأي طريقة من طرق العلانية التي سردها نص هذه المادة على سبيل البيان، ولا وجه للاعتصام بأن حرية الرأي مكفولة طبقا للمادة (36) من الدستور.

وذكرت أن حرية الرأي تختلف عن باقي الحريات في ان أثرها ليس قاصرا على الفرد، وان بعضها يرمي الى تأثير الفرد في غيره، لذلك كان جانب تنظيمها أمرا مباحا لما تؤدي إليه من الفتنة والفوضى واضطراب الامن وتفتيت السلطة اذا هي قامت على وجهها المطلق، وقد حرص الدستور على تقريرها مع الاشارة الى شأن القوانين المنظمة لها، أما عن القصد الجنائي فهو الركن الثاني، ويستفاد حتما من الوقائع المكونة للفعل المؤثم، والركن الثالث هو الطعن في حقوق الامير وسلطته، والعيب في ذات الامير والتطاول على مسند الامارة، والمقصود حماية شخص الامير مما عساه ان يوجه اليه من طعن في حقوقه وسلطته، ويشمل كل نقد منطو على تجريح يمس الهيبة ويؤذي الشعور يشتمل على التعريض وعدم التوقير اللغوي الذي من شأنه ان يضعف من سلطة رئيس الدولة وينقض الحق الذي يستمده من الدستور.

كرامة الإمارة

 وتابعت المحكمة أنه ليس من شأن ذلك أن يؤثر في حرية الرأي ونقد اعمال الحكومة، بل هي حرية مكفولة على الدوام، ما دام الامير لا يزج باسمه ولا يقحم. ونقد اعمال الحكومة لا يمكن ان يوجه إلا الى المسؤولين عنها بحكم الدستور، ويقصد بالعيب التهجم الذي من شأنه ان يمثل انتهاكا او مساسا بالاحترام الواجب لشخص رئيس الدولة، كما ان المقصود بالتطاول على مسند الامارة التعريض بنظام توارث الامارة وكيان النظام الاميري القائم وليس المقصود هو حماية شخص الامير لأنها محمية بالمادة (54)، بل يشمل كل ما من شأنه ان يمس كرامة الامارة، بحيث يضعف احترام الناس لها، او يقلل من هيبتها ونفوذها الادبي لدى الامة، وللمحاكم سلطة التقدير فيما يعد طعنا او عيبا او تطاولا، أو لا يعد ذلك، لأنها اقرب الى استظهار هذا الامر على ضوء الوقائع المادية والاحوال والظروف الملابسة.

وترتيبا على ما تقدم جميعه فإن الادعاء بمخالفة نص هذه المادة لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وتصادمه مع حرية الرأي يكون على غير أساس متعيناً القضاء برفض الدعوى.