أتفق وأبصم بالعشرة على أن أحوالنا الاقتصادية الحالية والهدر المتنامي في البلد خطأ يشكل مخاطر جدية على مستقبل الكويت، وربما يشكل تهديداً وجودياً لها، وتصريح معالي وزير المالية أنس الصالح بأن استمرار هذه الأوضاع خطر قد يؤدي للسحب في المستقبل من الاحتياطات العامة للدولة كلام في الصميم، وكذلك كلام الشيخ محمد الصباح بأن العجز في عام 2030 قد يصل إلى 100 مليار دينار.

Ad

تمام الكويتيين معظمهم أو المتابع منهم "اخترع"، ولكنه لن يكف عن المطالبة بالزيادات والامتيازات المالية لأن السوق "منفلت" وأسعار العقارات والإيجارات "متهورة" ومظاهر البذخ من الكبار "طايرة" إلى السماء.

طيب... وممتاز الناس "مخترعة" وتخشى المستقبل، لكن أهل الاجتماع السياسي والتاريخ وعلم الإدارة يعلمون أن "العامة" لا يبادرون إلى الحلول، بل رجال الدولة النوعيون المخلصون هم من يقودون الأمم لمواجهة مشاكلها ومعالجة أزماتها، فـ"العامة" كلما زادت جرعة "الخرعة" عندهم على مستقبلهم المالي مالوا أكثر إلى "المخامط" من الفوائض، ومحاولة تأمين مستقبلهم المالي بشكل فردي، مما يستطيعون جنيه بكل السبل المتاحة من المتوفر أمامهم، وهو التفسير المنطقي للمطالبات الشرسة للزيادات والامتيازات المالية، وظاهرة شراء الكويتيين للعقارات في الخارج بشكل واسع، ومحاولاتهم الحثيثة تأمين قنوات خارجية للادخار والاستثمار.

إن عدم النجاح في معالجة أوضاعنا الاقتصادية يتطلب من رجال الدولة أن يكفوا عن رسائل "التخرع" للكويتيين، التي أثبتت عدم جدواها، ويبادروا في مؤسساتهم الدستورية إلى أن يكونوا قدوة ويبدأوا بأنفسهم علاج الوضع الاقتصادي ومنع الكارثة المستقبلية التي يتوقعونها ويروجون لها مع صندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية ومحلية أخرى، بإقرار قانون ضريبي على أصحاب الدخول العالية والحيازات العقارية والزراعية الكبيرة، وإجراء تعديلات جذرية وجادة على قانون المناقصات العامة وأملاك الدولة تحد من الهدر والسرقات والتجاوزات، وكذلك صياغة قانون "صجي" لكشف الذمة المالية للقياديين! لكي نعيد الثقة الشعبية في الإدارة الحكومية وحسن تصرفها في الأموال العامة، حتى إذا بدأت معالجات اقتصادية شاملة بعد ذلك تمس كل المجتمع تكون مبررة ولا تؤدي إلى هزات سياسية وشعبية قد تعصف بالاستقرار والسلم الاجتماعي كما حدث في العديد من الدول.

هكذا تكون المعالجة الحقيقية الجدية، أما أسلوب "التخرع" بأسطوانة الإفلاس الذي سيحل بالدولة فهو أسلوب له نتائج عكسية، ودفع "العامة" في اتجاه الحصول على نصيبهم اليوم من الفوائض، والاستمتاع قدر الإمكان بما تبقى من متاع السفينة الغارقة التي يبشر ربابنتها بغرقها دون أن يفعلوا شيئاً بمستوى مسؤولياتهم والتضحيات المطلوبة منهم قبل الآخرين لإنقاذها.

***

لي رجاء إلى الإخوة في البنك المركزي بأن يقارنوا ألوان وتصميم الإصدار الجديد من العملة الكويتية مع أوراق عملتي اليورو والدولار الجديدتين الراقيتين بألوانهما الخفيفة المتناسقة بألوان العملة الكويتية الجديدة الصاخبة، والتي تشبه كوكتيل "واحة العصير" أو "ملك العصير" الشهيرين في زمن الناس الطيبين!

** "اخترع" أو "الخرعة" باللهجة الكويتية تعني الخوف والهلع.