تقرير اقتصادي: تنامي ودائع القطاع الخاص... والسبب فقدان الثقة بالاقتصاد وقلة الفرص
• نمت 3.35% في الربع الأول... و95.7% منذ الأزمة المالية
• طرح مشاريع كبرى لم يحفزها للخروج من البنوك
• طرح مشاريع كبرى لم يحفزها للخروج من البنوك
يتوازى نمو ودائع القطاع الخاص إلى 32.3 مليار دينار، مع نمو الفوائض التي تكدسها الدولة منذ سنوات، حيث تشير البيانات المجمعة لميزانية الكويت إلى أن الفائض المالي التراكمي منذ عام 2000 إلى 2013 يتجاوز 90 ملياراً.
أكثر ما كان لافتاً في اعلانات بنك الكويت المركزي بشأن بيانات الربع الأول هو استمرار نمو ودائع القطاع الخاص، والتي بلغت مع نهاية مارس الماضي 32.3 مليار دينار، مما يعني أن هذه الودائع نمت خلال الربع الأول فقط 3.35%، بينما كانت قد نمت خلال العام الماضي كله 9.5%، أما نسبة نموها منذ بداية الأزمة العالمية فتبلغ 95.7%، مرتفعة من 16.5 مليار دينار إلى الرقم الحالي 32.3 ملياراً.هذه الارقام إن اعطت مؤشرا فهو قناعات المستثمرين افرادا وشركات بواقع السوق المحلي، خصوصا في ظل ضعف العائد على الودائع، ما يعني ان المستثمرين لم يجدوا اي فرصة مجدية لاستثمار اموالهم، خصوصا في غياب اجراءات الحكومة للتحفيز وانعاش الاقتصاد.ويتوازى نمو ودائع القطاع الخاص مع نمو الفوائض التي تكدسها الدولة منذ سنوات، حيث إن البيانات المجمعة لميزانية الكويت تشير الى أن الفائض المالي التراكمي منذ عام 2000 الى 2013 تجاوز 90 مليار دينار، وهو مبلغ ضخم كان على الإدارة الحكومية أن توظفه في مشاريع بنى تحتية وخدماتية حقيقية تدر عائدات للدولة، بقدر ما توفر خدمات للسكان من مواطنين ووافدين، فضلاً عن مشاركة القطاع الخاص في تمويل مثل هذه المشاريع.اللافت في الربع الاول الحالي ان استمرار نمو الودائع تزامن مع اعلان طرح عقود ومناقصات مهمة مثل الوقود البيئي التي تبلغ قيم حزمها الاجمالية 3.4 مليارات دينار وغيرها من العقود والمناقصات الاخرى مما يعني ان كسر الودائع ودخولها في النشاط الاقتصادي يحتاج الى ما هو اكبر من طرح العقود والمناقصات، وهو ما يشمل وجود بيئة استثمارية سليمة تحفز هذه الاموال للخروج من كنف الودائع الى العمل التجاري والاستثمار، وهي امور تستوجب العمل على تطوير مزيد من الادوات في سوق المال وتنظيم العقار وتوفير اراض مخصصة للصناعة والاسراع في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تطوير بيئة الاعمال وتوفير مناخ جيد لاستقطاب الاموال من الخارج.أسباب نمو الودائعولعل النظرة إلى بعض الأرقام تعطينا بعض الاجوبة لأسباب نمو ودائع القطاع الخاص بشكل متسارع خلال السنوات الماضية فالكويت تعتبر اقل دول الخليج إنفاقا على مشاريع البنية التحتية، وتكلفة مشاريع البنى التحتية والبناء ومشاريع النفط والغاز قيد التنفيذ وفي مرحلة التخطيط في دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 1.86 تريليون دولار، أو ما يعادل 171 في المئة من الناتج الإجمالي لدول الخليج لعام 2010، البالغ 1.08 تريليون دولار. وقد استحوذت السعودية والإمارات على نصيب الأسد من تلك المشاريع بقيمة 664 مليار دولار للأولى، و643 ملياراً للثانية، أي بنسبة 70 في المئة، أما الكويت فقد تذيلت القائمة بمشاريع «مرصودة او مخطط لها» قيمتها 140 مليار دولار، بنسبة 7.5 في المئة، متخلفة عن القائمة الخليجية في الانفاق على المشاريع.ولعل نسبة الانفاق الاستثماري في الميزانية بحد ذاتها محبطة، فهي تشكل 16 في المئة من إجمالي الإنفاق، وهذه نسبة قليلة خليجياً، إذ يتراوح الإنفاق الاستثماري خليجياً بين 18 و33 في المئة، إضافة إلى أن المبلغ المرصود للإنفاق الاستثماري لا يصرف بشكل كامل، مما يشير إلى وجود أزمة حقيقية في الإنفاق والعقلية التي تديره.فرصة لم تستغلمع بداية العام المالي الحالي طوت ميزانية الكويت العام الـ15 لها في تسجيل الفوائض المالية المتراكمة، ليبلغ إجماليها مع المتوقع للعام الحالي ما يناهز 340 مليار دولار، ومع ان تلك الفوائض مثلت فرصة تاريخية للكويت للقيام بإصلاحات تشمل ملفات اقتصادية مهمة بعد سنوات من العجز في الميزانية كانت السمة البارزة لفترة التسعينيات، فإن الفرصة لم تستغل بشكل جيد.فلم تستغل الفوائض في معالجة الاختلالات الحقيقية للاقتصاد الكويتي، لا من حيث اصلاح سوق العمل عبر توفير مناخات وبيئات استثمارية مختلفة عن العمل الحكومي، ولا من ناحية تقليل هيمنة الدولة على الاقتصاد، ولا في طرح مشاريع وفرص ترفع نسبة الايرادات غير النفطية مقابل نظيراتها النفطية، فكانت الكويت كلما سجلت فائضا قياسيا في ايراداتها سجلت معه تراجعا في تنافسية اقتصادها ومدى توفر بيئة جيدة للاستثمار فيها، بل امتد الامر إلى تراجع لا يناسب النمو في الفوائض على مستوى الخدمات الاساسية كالصحة والتعليم والاسكان، وذلك انما يشير بشكل جلي الى كيفية توفر الاموال، رغم ضخامتها، في يد ادارة لا تحسن التعامل معها.اقتصاد هشالحديث عن وجود وفرة في فوائض الميزانية يقابلها تكدس للودائع المصرفية يعني ان بيئة الاستثمار الحقيقي مفقودة تماما، وأن هناك حاجة لتغيير نمط التفكير والادارة، فلا يعقل انه كلما تعاظمت الفوائض خصوصا خلال السنوات الـ6 الاخيرة كان نصيب الكويت من التراجع مذهلا الى حد كبير، حيث سجلت الكويت ما بين عامي 2009 و2013 تراجعا في 21 مؤشرا لقياس الاداء الاقتصادي والتنموي من اصل 31 مؤشراً، مقابل تقدمها في 7 مؤشرات وثبات ادائها في 3، مما يشير الى تدهور حقيقي في الادارة المشرفة على اداء هذه المؤشرات، ناهيك عن ان نمو الودائع بحد ذاته امر سلبي، ويشير الى ان القطاع الخاص كالحكومة ليس لديه الثقة باقتصاد - لولا النفط - كان اكثر هشاشة من اي دولة متعثرة.