من المتوقع أن يحدد استقرار جديد مسار سوق الكويت للأوراق المالية وتداولاته، خلال المرحلة المقبلة، وذلك بمساعدة عوامل عديدة، تشير، من خلال التجارب السابقة، إلى الاستقرار القادم، ما لم يحدث أمر مفاجئ أو تنشأ أزمة جديدة.

Ad

واقتربنا الآن من إتمام 6 سنوات على اندلاع الأزمة المالية العالمية ووصول تداعياتها إلى الكويت، وما خلفته من آثار وخسائر أدت إلى زعزعة أوضاع العديد من الشركات الكويتية، على رأسها البنوك والشركات الاستثمارية، وانكشاف ما كان مستوراً من «عورات» لغالبية الشركات التي كانت إداراتها تتغنى بإنجازاتها وقت الفورة الاقتصادية لكنها سرعان ما «اختفت» من خارطة التصريحات الإعلامية.

بيد أن الوضع الآن مختلف عما كان في السابق، فهناك العديد من الشركات قامت بتعديل أمورها ومشاكلها المالية، ووصلت إلى اتفاقيات رسمية مع دائنيها بخصوص إعادة جدولة ديونها، وهناك من قام بالتخارج من بعض أصوله لسداد جزء من ديونه، وهناك من انضم لقانون الاستقرار المالي لطلب الحماية من الدائنين ومن ثم الشروع في تنفيذ خطط لإعادة جدولة الشركة وديونها وأنشطتها التشغيلية، وهناك من يعمل حتى الآن على إنهاء أزماته.

مخصصات للقروض المتعثرة

ومن المفترض أن تكون البنوك قد وصلت إلى تغطية ما يفوق الـ65-70 في المئة كمخصصات للقروض المتعثرة خلال الأزمة المالية، حيث اشار تقرير «موديز» لنفس الفترة من العام الماضي إلى أن «البنوك شطبت 60 في المئة من القروض المتعثرة التي وصلت إلى الذروة في 2009، بعد تجنيب مخصصات كافية، وهذا ما يعني أن من الطبيعي أن تتجاوز المخصصات نسبة الـ 60 في المئة من القروض المتعثرة بعد مرور عام!».

يشار إلى أن البنوك المحلية حققت طفرة واضحة في نمو أرباحها خلال النصف الأول من العام الجاري، إذ ارتفع إجمالي أرباحها من 279 مليون دينار في النصف الأول من 2013 إلى 327 مليوناً خلال الأشهر الستة الأولى من 2014، بزيادة 48.75 مليوناً وبنسبة نمو بلغت 17.5 في المئة.

كما أن إعلانات أرباح الشركات المدرجة الأخرى حتى الآن تشير إلى نمو في أرباحها بالمقارنة مع النصف الاول من العام الماضي، وهذا ما يعزز من فرص الانطلاق في طريق زيادة الأرباح وعودة النشاط الإيجابي لها خلال الفترة القادمة.

خصخصة البورصة

وقد تم الإعلان رسمياً عن شركة بورصة الكويت للأوراق المالية وتعيين أول مجلس إدارة لها، كخطوة أولى ورئيسية في طريق خصخصتها ونقل ملكيتها إلى القطاع الخاص، وسيهتم مجلس الإدارة التأسيسي بوضع الانظمة واللوائح الخاصة بشركة البورصة وآلية تعاملها مع الجهات التابعة والزميلة.

وتتمثل الخطوة الثانية بهيكلة القطاعات الادارية وتسكين الوظائف بما يخدم ويسهل العمل في الشركة الجديدة، أما الثالثة فستكون مرحلة التخصيص للشركة التي تحدد رأسمالها بـ٦٠ مليون دينار وهي تتكون من محورين، يتمثل الاول في طرح ما نسبته ٥٠ في المئة من إجمالي رأس المال بمزاد علني بين الشركات المسجلة في بورصة الكويت وتوزع هذه الأسهم على شرائح مقدار كل منها 5 في المئة من اجمالي رأس المال والثاني طرح 50 في المئة من أسهم الشركة في اكتتاب عام على المواطنين الكويتيين، وذلك كما صرّح به سابقاً رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بورصة الكويت للأوراق المالية خالد الخالد، وهذا ما يتيح فرصاً استثمارية جديدةً للشركات المدرجة.

الودائع

ونرى أن هناك «تكدساً» واضحاً في ودائع القطاع الخاص الموجودة لدى البنوك المحلية، فحسب أرقام الربع الأول للعام الحالي على سبيل المثال، نجد أن حجم هذه الودائع في البنوك بلغ 31.5 مليار دينار، وذلك بارتفاع نسبته 93 في المئة تقريباً عن بداية الأزمة المالية في الربع الثالث من 2008، وبالتالي فإن من المتوقع وحسب نتائج البنوك والشركات، أن نرى تحركاً ملحوظاً في هذه الودائع، وربما توجهها بالاتجاه المعاكس والخروج بها من البنوك والتوجه بها للسوق.

خطة التنمية

أعلنت الحكومة عن  الخطة الإنمائية متوسطة الأجل للسنوات 2015/2016 - 2019/2020، والتي نشرتها «الجريدة» خلال الأيام السابقة، والتي أوضحت من خلالها عن العديد من المشاريع التنموية، وقال عنها سمو رئيس مجلس الوزراء جابر المبارك أنها «الانطلاقة لتنمية الإنسان واستدامة الاقتصاد، وستبدأ الانطلاقة الحقيقية للكويت، إذ انها ستؤسس مسيرة جديدة من الشراكة والتعاون لسفينة الكويت المبحرة نحو المستقبل».

ومن شأن الإنفاق الاستثماري من قبل الحكومة على العديد من المشاريع التنموية الكبرى واسناد تنفيذها بطبيعة الحال الى القطاع الخاص، أن يساهم بشكل كبير ورئيسي في عودة الانتعاش التشغيلي للشركات الكويتية، وبالتالي الانعكاس الإيجابي الكبير على أداء سوق الكويت للأوراق المالية وتداولاته.

وتنص الخطة التنموية الجديدة على «مواجهة تحديات التنمية الاقتصادية والتي من أبرزها هيمنة القطاع النفطي اقتصاديا ضعف دور القطاع الخاص في التنمية الخلل في الميزانية العامة ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر، ضعف البنية التحتية وضعف ارتباط المخطط الهيكلي بخطط التنمية».

عوامل إيجابية

يقول مراقبون ان كل هذه العوامل الإيجابية وبوجود استقرار سياسي نسبي ما بين الحكومة ومجلس الأمة، يمهد لأن تشهد المرحلة القادمة نوعاً من النشاط – ولو كان نسبياً حتى – في أداء سوق الكويت للأوراق المالية وتداولاته، وعودة «الروح» قليلاً للتداولات –وربما- زيادة مستويات السيولة الناتجة عن زيادة التوقعات والأمل والثقة بأداء الشركات المدرجة.