ينزعج أغلب الناشرون والكتّاب والمؤلفون من قيام أي أحد بنسخ كتبهم ومؤلفاتهم بطرق غير قانونية وبذلها للعامة، ويرون أن في ذلك اعتداء على حقوقهم الأدبية والمالية. السبب في ذلك أنهم يعتقدون أن من يحصل على الكتاب كنسخة إلكترونية أو منسوخة بالمجان، لن يحرص بعدها على الحصول على النسخة الأصلية المدفوعة الثمن، ولا أدري عن صحة هذا الافتراض على وجه الدقة، أعني من الناحية الإحصائية على صعيد تأثير انتشار الكتب الإلكترونية غير القانونية على حركة بيع النسخ القانونية المطبوعة، لكن لعلهم مصيبون بشكل ما.

Ad

على أي حال، ومن تجربتي الشخصية باعتبار أن لي أربعة إصدارات، كان آخرها منذ أسابيع قليلة بعنوان "بصحبة كوب من الشاي"، لم ألمس تأثير الأمر بشكل واضح، وذلك رغم أن ثلاثة من هذه الإصدارات قد تم نسخها وبذلها على الإنترنت بشكل غير رسمي!

ما لمسته شخصيا أن توافر هذه النسخ الإلكترونية، على الرغم من لا قانونيتها، ساهم في زيادة انتشاري على مساحة جغرافية أكثر اتساعا من تلك التي كنت سأصلها استنادا إلى النسخ المطبوعة من كتبي فقط، وذلك لأنه مهما بلغت قوة الناشر في التوزيع والوصول إلى دول العالم العربي، يظل الإنترنت أكثر قدرة وأوسع انتشاراً.

جاءتني رسائل إيميل وعبر وسائل التواصل الاجتماعي من قراء حصلوا على نسخ إلكترونية من كتبي عبر الإنترنت، لم يكن بحال من الأحوال بإمكانهم لظروف الجغرافيا والحدود أن يحصلوا عليها كنسخ مطبوعة.

نظرتي للأمر كالتالي: إن المكسب الذي أحصل عليه عبر فوزي بقراء جدد من مناطق بعيدة وثقافات متنوعة أهم عندي من المكسب المادي المباشر الذي كان سيأتيني كنسبة مالية من حقوقي في النسخة المطبوعة التي كان يحتمل أن يشتروها.

حين يظفر الكاتب بولاء قارئ جديد فإنه يكسبه قارئا دائما محتملا، وليس هناك شيء أجمل من هذا، لم أفكر يوما بأني قد أغتني ماليا من جراء المردود المالي الذي سأتحصل عليه من بيع كتبي، لأسباب مختلفة، لكن أهمها أني كنت دوما مأخوذا بفكرة أهم عندي وهي أن أصبح كاتبا محبوبا مؤثرا يقدم للقراء شيئاً ذا قيمة وفائدة ومتعة. لهذا فإني أشعر بالسعادة حين أجد نسخة إلكترونية من أي من كتبي في يد أحد من القراء لأن هذا بالنسبة إلي جسر جديد امتد بيني وبين إنسان آخر يحتمل أن يصبح من قرائي الدائمين، وهذا أعظم المكاسب عندي. أدرك تماما، وأتفهم بشكل عميق، كيف أن هذه الفكرة قد لا تروق لأي من الناشرين الذين تعاملت معهم، ولكنني أعترف بأنها تروق لي وتلامس مكمن الغرور في نفسي، وسأشرح لكم كيف.

إن من يقوم بعمل النسخ الإلكترونية غير القانونية في الغالب هم أفراد من عشاق القراءة وهواة الكتب، وليست جهات معتبرة، وهؤلاء الأفراد ينفقون وقتا وجهدا كبيرين في هذه العملية ولا شك، إن لم يبذلوا فوقها المال أحيانا لشراء معدات التصوير والنسخ الإلكتروني. هذا الحقيقة لا تجعلهم ميالين إلا لتصوير ونسخ الكتب الرائجة والمطلوبة جماهيريا.

حين أجد كتبي قد نسخت وتم تصويرها وتداولها عبر الإنترنت أفرح لأن الرسالة التي تصلني حينها هي أن كتبي تجد شيئا من رواج وأن هناك من يسأل عنها.

تحياتي الشخصية الحارة لكل من يقومون بنشر الكتب الجميلة عبر الإنترنت ويبذلون الجهد والوقت لعمل ذلك، لتصل إلى أيادي من لا يستطيعون الحصول على النسخ المطبوعة، وذلك مهما قيل عن لا قانونية عملهم.