حفل تنصيب الرئيس

Ad

كان حفل تنصيب الرئيس السيسي في مصر أول مفاجأة للجميع، فقد كان حفلاً رائعاً كما كان خطابه خطاباً رائعاً أيضاً، سبقه خطاب لا يقل عنه روعة ألقاه الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، ولأول مرة توقع بين الرئيسين وثيقة تسلم واستلام السلطة.

وقد جمع الحفل كل أطياف المجتمع وألوانه وطوائفه وفئاته، ولكن المعنى المراد من هذا الحفل، لم يكن كما ظنه البعض نوعاً من الشعور بأبهة المنصب، بل كان رسالة للعالم كله بأن مصر في أمن وأمان، وأن مصر تستعيد أمجادها وعظمتها كأول دولة مركزية في التاريخ الإنساني كله.

الرئيس والوزراء هم القدوة

وكانت المفاجأة التالية أن الوزراء في أول حكومة تشكل في عهد الرئيس الجديد يؤدون اليمين الدستورية في القصر الجمهوري الساعة السابعة صباحا، فقد ظن البعض أن الأمر لا يعدو أن يكون مشهداً إعلاميا، ولكن الأمر لم يكن كذلك، ففي اليوم التالي- وهو ما علمته من مصدر موثوق به- كان الرئيس يتصل بالوزراء الساعة السابعة صباحاً، فلم يجد بعضهم فاتصل برئيس الوزراء ليقول له إن حرصه على قيام الوزراء بحلف اليمين الدستورية الساعة السابعة صباحاً لم يكن يستهدف المشهد الإعلامي، وإن على رئيس مجلس الوزراء أن ينبه وزراءه إلى أنهم يجب أن يكونوا القدوة بالنسبة إلى سائر موظفي الدولة.

نعم لقد أراد الرئيس المنتخب أن يرسخ مفهوماً جديداً للوزراء بأنهم القدوة بالنسبة إلى الجهاز الإداري للدولة، ذلك الجهاز الذي يحتاج إلى الانطباع بالقدوة التي تجيء من قياداته كالماء يسيل من علٍ.

الرئيس يتبرع بنصف مرتبه ونصف ممتلكاته

ولكن المفاجأة الكبرى كانت عندما خطب الرئيس السيسي في احتفال بتخريج الدفعة 108 من الكلية الحربية مقرراً أنه أمضى ست ساعات مع رئيس مجلس الوزراء في مناقشة مشروع قانون الميزانية الذي رفعته إليه الحكومة، وأنه أعاده إلى الحكومة لتعديله في ضوء أن عجز الموازنة بلغ أكثر من تريليوني جنية، وأنه يرفض إحراج الأشقاء العرب الذين وقفوا إلى جانبنا، وأنه يريد أن يترك للأجيال القادمة أشياء جيدة، وأنه لن يلبي مطلباً فئوياً واحداً، وأنه مطلوب من الشعب تضحيات، وأنه يبدأ بنفسه ويتنازل عن نصف راتبه، وعن نصف ما يمتلكه وما ورثه عن والده.

المبادرة تؤتي ثمارها

وسرعان ما آتت هذه المبادرة ثمارها بتسابق الأثرياء على التبرع لدعم اقتصاد مصر والنهوض بها وبشعبها الذي يطحنه الفقر والجهل والمرض، فقد تناقلت الأنباء تبرع رجل الأعمال محمد أمين- مالك قناة C.B.C وغيرها- بنصف أمواله وممتلكاته، وتبرع رجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السيد البدوي بنصف أمواله وممتلكاته.

ولكن البعض يرى أن الدولة لا تجمع تبرعات بل تفرض ضرائب، فلماذا لا تفرض ضرائب على الأغنياء؟

وأستعيد في هذا السياق ما كتبته على هذه الصفحة، وفي فترة حكم الرئيس المعزول تحت عنوان "الإخوان المسلمون وشؤون الحكم والإدارة" في مصر في عدد "الجريدة" الصادر في 6 يناير سنة 2013، حيث طرحت أسباب فشلهم، وذكرتهم بكيف كان أثرياء المسلمين يتسابقون في القيام بالتزامات الدولة، وكيف جهز عثمان بن عفان رضي الله عنه جيش العسرة على نفقته، وكيف أنفق عبدالرحمن بن عوف كل ثروته لإعتاق الرقيق وسد حاجة كل محتاج.

 ماذا فعل أثرياء حزب الحرية والعدالة؟

 نعم ماذا فعلوا، وعلى رأسهم نائب رئيس الحزب خيرت الشاطر، الذي يتحاكى الناس حول ثرواته التي بلغت المليارات من استثماراته التي كان يديرها وهو قابع في السجن، ينفذ العقوبة التي حكم بها، وقد أصدر المجلس العسكري قراراً بالعفو عنه، ماذا فعل بعد العفو عنه لشعبه وأمته؟! هل آتى من أمواله الطائلة المساكين وابن السبيل والسائلين، والذين ازداد عددهم كثيراً بعد الثورة، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر؟ فيما أعلم لا يكل ولا يمل في تنمية استثماراته مستغلا نزوح بعض المستثمرين خارج البلاد ليشتري أصولهم.