«لا هو مع سيدي بخير ولا ...»*

نشر في 25-01-2014
آخر تحديث 25-01-2014 | 00:01
كان الاحتفاء بوفد المعارضة في مؤتمر «جنيف 2» واضحاً، ولفت نظري حينما خاطب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الجربا بـ«فخامة الرئيس» وقيام المعلم بالخروج من القاعة عند سماعه ذلك، وكان الجربا بالفعل يعامل كفخامة رئيس.
 يوسف عوض العازمي شاهدت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "جنيف 2" المنعقد لإيجاد حلول للأزمة الكارثية في سورية وخرجت بعدة انطباعات ومشاهد لافتة.

أول ما لفت نظري أن المؤتمر بدأ فعلياً قبل انعقاده، حيث مثل نجاح الدول الداعمة للمعارضة بإبعاد إيران الداعم الرئيسي للأسد عن المؤتمر برمته ضربة دبلوماسية قاسية للطرفين الأسد وطهران، وكان وضع وفد النظام في القاعة محاطاً بمناوئيه يمثل مشهداً انعزالياً وغير مريح دبلوماسياً، لأن وجود إيران بجانبه يجعل أموره التفاوضية أفضل، فالإيرانيون معروفون بدهائهم وذكائهم في المفاوضات ذات النفس الطويل؛ مما أفقد وفد النظام مسانداً قوياً وخبيراً، وبالطبع كان واضحا الجهد الأميركي السعودي في هذا الإبعاد. من اللافت أيضاً أن كلمة رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا كانت حازمة وجازمة وواضحة المعاني، والاستعانة بالصور الموثقة للتعذيب في سجون الأسد كانت ذكية، ويقال إن دولة عربية ساعدت في وصول تلك الصور البشعة لإدانة هذا النظام القاتل. وكانت كلمة النظام على لسان وليد المعلم لا تستحق حتى الذكر، فلم تخرج عن كونها ديباجة طويلة عريضة بألفاظ ومفردات معروفة من نوعية، عملاء، خونة، وغيرها من الكلمات البائسة، وكان ارتباك المعلم وإطالته للكلمة فوق الوقت المسموح يمثل تخبطاً لا يخطئه أحد، وكان واضحاً أن النظام تورط في حضور هذا المؤتمر، فلم يكن وفد النظام يملك كاريزما فاروق الشرع وتدخلاته وتحركاته المعروفة، فبدا وكأنه مريض بين أصحاء!

كان الاحتفاء بوفد المعارضة واضحاً، ولفت نظري حينما خاطب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الجربا بـ"فخامة الرئيس" وقيام المعلم بالخروج من القاعة عند سماعه ذلك، وكان الجربا بالفعل يعامل كفخامة رئيس.

لاحظت أيضاً أن لافروف وزير الخارجية الروسي أكثر من الأحاديث الجانبية مع نظيره الأميركي كيري، عبثاً كان لافروف يحاول إيجاد حل يناسب نظام الأسد، لكنه بغياب إيران كان يتصرف وحيداً ولسان حاله "لا أنا مع سيدي بخير... ولا مع ستي بخير"*!

من الملاحظات أيضاً أن موضوعاً مصرياً خاصا تم إقحامه في المؤتمر، فقد لوحظ حضور عمرو موسى السياسي المصري ضمن الوفد المصري، وهو لا يملك أي صفة رسمية!

يبدو أن النظام الجديد في مصر استغل الزخم العالمي لهذا المؤتمر ليقدم موسى كصانع جديد للسياسة الخارجية المصرية مع قرب إعلان الرئيس الفعلي السيسي "رئيساً رسمياً" في المستقبل القريب، هنا أذكّر القارئ العزيز بمقال سابق بعنوان "متخليه يترشح يا أستاذ عمرو".

المشاهد كثيرة والمفارقات أكثر، والأكيد أن ما سيجري وراء كواليس المؤتمر أهم مما سيجري في العلن، فإيران غائبة رسمياً إلا أنها لن تغيب في كل نواحي المؤتمر، فهي لاعب رئيسي على أرض الميدان بأموالها ورجالها وسلاحها، وروسيا لن تستطيع عمل شيء سوى مواصلة لعبة كسب الوقت من خلال بنود عقيمة تشغل بها الجميع.

ما أعرفه وأثق به أن هذا المؤتمر سواء انعقد بجانب بحيرة جنيف أو حتى عند سفح الأهرام لن ينجح، فلن يكون هناك تقدم ملموس ما لم تتدخل القوة العسكرية، فالنظام لا يعترف ولا يعرف إلا القوة، أما المؤتمرات فهي فرصة للعدسات والكتاب أمثالي للتحليل ونقل المشاهدات، و"لا يفل الحديد إلا الحديد" وليس فنجان قهوة ساخناً في شتاء جنيف.

* مثل شامي معروف

back to top