في ظل الاجماع الدولي الذي تحقق في افتتاح مؤتمر "جنيف 2" قبل يومين على اعتماد بيان "جنيف 1" كمرجعية للتفاوض، ودعوة جميع الوفود المشاركة الى بدء التفاوض بشأن تشكيل سلطة انتقالية يشارك فيها الطرفان المتصارعان، رفض وفد نظام الرئيس السوري بشار الأسد صراحة التفاوض على انتقال السلطة ملوحاً بالانسحاب من المؤتمر، وذلك بعد إلغاء لقاء مباشر كان مقرر بينه وبين وفد المعارضة.

Ad

وذكرت وسائل إعلام النظام أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أبلغ المبعوث الدولي والعربي الى سورية الأخضر الأبراهيمي بأنه "إذا لم تعقد جلسات عمل جدية بحلول السبت (اليوم) فإن الوفد الرسمي السوري سيغادر جنيف "نظراً لعدم جدية وجهوزية الطرف الاخر"، ونقل عن مصادر مقربة من الوفد الرسمي إن "المعلم أخبر الإبراهيمي أن الوفد جاد وجاهز للبدء بشكل جدي ولكن لا يبدو ذلك على الطرف الآخر".

وكان من المقرر أن تبدأ أمس المفاوضات بلقاء يجلس فيه الوفدان وجها لوجه في غرفة واحدة، ويلقي الإبراهيمي خلاله خطابا "من دون ان يتبادل الطرفان اي كلمة"، الا أن الأمم المتحدة اعلنت أن الطرفين لن يجلسا الى طاولة واحدة.

وكان الإبراهمي التقى أمس الأول وفدي النظام والمعارضة، وعاد أمس ليلتقيهما مجدداً. وقال عضو وفد المعارضة نذير حكيم لوكالة فرانس برس: "نحن متفقون على التفاوض حول تطبيق جنيف-1، والنظام لم يوافق على هذا الامر. لا نريد ان نجلس معهم حتى يوافقوا على التفاوض على ذلك".

تصريحات نارية

في المقابل، شن أعضاء الوفد السوري هجمات إعلامية نارية على المعارضة أمس في تصعيد واضح. واعتبر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عضو وفد النظام ان "المشكلة أن هؤلاء الناس (في اشارة الى المعارضين) لا يرغبون في عقد السلام. يأتون الى هنا مع شروط مسبقة لا تتوافق في اي شكل مع جنيف1، وتتعارض مع رغبات الشعب السوري وحتى مع خطط الاخضر الابراهيمي"، في إشارة الى مطلب المعارضة بضرورة تنحي الأسد عن السلطة كونه لم يعد مقبولا أن يكون على رأس السلطة الانتقالية بعد كل ما حدث.

ورفض المقداد التوصل الى وقف لإطلاق نار معتبراً أن "وقف اطلاق النار يحصل بين جيشين، الا أننا على استعداد لاجراءات أمنية من أجل أمور انسانية"، مؤكدا أن "رحيل الرئيس بشار الأسد أصبح من الاحلام". ولفت الى "اننا جئنا إلى جنيف لوقف المجزرة التي تقوم بها تركيا والسعودية وقطر وأوروبا والغرب".

اما وزير الاعلام عمران الزعبي عضو الوفد النظامي فقد اصر على أن "الرئيس بشار الاسد سيكمل ولايته وفقا للدستور السوري الذي يسمح له بالترشح مجددا" الى الانتخابات التي من المقرر ان تجري منتصف عام 2014، مؤكداً: "لن نقبل بطلبات المعارضة بشأن تأليف حكومة انتقالية". وأشار الزعبي الى أنه "من الواضح أن قوى المعارضة السورية غير ممثلة كليا وهناك تمثيل جزئي بسيط".

من ناحيتها، أشارت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان عضو الوفد النظامي الى أن "المعارضة تروج لأشياء ليس لها شيء من الصحة ويتخيلون انهم ذاهبون الى السلطة من جنيف، اما نحن فقد قدمنا من اجل ايقاف الإرهاب".

الجربا

وكان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد الجربا قال مساء أمس الأول إن "العالم اصبح متيقنا أن الأسد بات صورة من الماضي"، واضاف في مؤتمر صحافي في جنيف: "اعتقد ان العالم قطع الشك باليقين ان الاسد لا يجب ان يبقى ولن يبقى. ونحن بدورنا باشرنا بحث افق المستقبل، مستقبل سورية الحرة العامرة المزدهرة التي ينتظرها مستقبل خال من نظام الدمار الشامل".

وقال الجربا في نص مقتضب تلاه قبل ان يتلقى اسئلة قليلة من الصحافيين: "اعتقد ان الثورة السورية نالت اليوم قسطا من الانصاف امام الرأي العام الدولي برمته"، واصفاً النظام بأنه "جثة سياسية على طاولة الامم".

واعتبر ان خطاب النظام في المؤتمر هو "معزوفة مكررة بالية، انها معزوفة الارهاب وفزاعة التكفير"، مشيرا الى انها "فزاعة كفر العالم بها بعدما ادرك ان النظام يستخدمها للتجارة الرخيصة".

أوغلو

وبعد تصريحات لوزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء أمس الأول شدد فيها على ضرورة رحيل الأسد، دعا وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، إلى "محاكمة بشار الأسد بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية"، على خلفية الصور التي تم نشرها مؤخراً. وشدد على أن "سورية بحاجة الآن إلى تشكيل حكومة انتقالية، ليس فيها مكان لكل من تلطخت أيديهم بالدماء".

فصيل كردي يحتج على استبعاده

احتج زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم أمس على استبعاد فصيله من مؤتمر «جنيف 2».

وقال مسلم الذي كان يتحدث باسم «المجلس الاعلى الكردي السوري» إن جهوده للانضمام الى المحادثات باءت بالفشل، رغم مطالب متكررة الى الامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا.

علماً أن وفد المعارضة الى جنيف يضم رئيس «الحزب التقدمي الديمقراطي الكردي» عبدالحميد درويش. غير أن مسلم شكك بنفوذ درويش ضمن وفد المعارضة، مؤكداً «سنواصل كفاحنا حتى نيل حقوقنا الديمقراطية»، ومتسائلاً: «كيف يمكن تحقيق الديمقراطية في سورية بدون حل القضية الكردية؟ ينبغي تسوية القضية الكردية ضمن جنيف 2».

ويطالب مسلم بحكم ذاتي في المناطق الكردية وشكل لذلك حكومة مؤقتة لإدارة المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا التابعة له «لجان وحدات الدفاع عن الشعب التركي».