تعودنا في ولائمنا على عدم رد يد صاحب الدعوة مهما كان نوع طبق الطعام المقدم إلينا، أعذار كـ"مو مشتهي"، أو معدتي "فول تانك"، أو حتى "جاهية" سفير النوايا الحسنة "مستر ريجيم"، لن تنفعنا فكلها أسباب غير مقنعة يدينها دستور "المواجيب" تحت باب "العيب" وفق مادة "عدم احترام العادات والتقاليد"، أو "ما يستحي ولا ينتخي" كما شرحتها المذكرة التفسيرية لذات الدستور.

Ad

هناك حالة واحدة فقط ستمنحنا الحصانة اللازمة لرد الطبق، وهي أن يكون الطبق المقدم بمنزلة تذكرة "ون واي" تنقلنا من الحياة الدنيا إلى الحياة الاخرة عبر ترانزيت عالم البرزخ! أي أن تكون مكوناته مضرة بحالتنا الصحية، مثلاً إن كان الطبق "لحم ضاني" يغرق "كالتايتانيك" في لجة بحر سمن عداني فسنرده وبدون تردد لأن سهم "الكوليسترول" سيرتفع في "بورصة الكبد" وستبدأ المضاربات الحامية في قاعة "قفصنا الصدري" بين شركات الشهيق والزفير، فيصاب اقتصاد قلبنا بالتضخم و"يضيع في الرجلين"! أو أن يكون الطبق قطعة "بلاك فورست" لعوب تهز وسطها على "وحدة سعرية 800 كالوري ونص" مما يسبب شرخاً في ثوابت "مجتمع بنكرياسنا" الراسخة ويؤدي إلى ارتفاع  معدل "السكر" في حواريها والعياذ بالله! هنا الرفض ليس عيباً بل قمة "المرجلة الإنسانية" الضرورية لخوض صراع البقاء.

أنا لست برجل دستوري أو قانوني لأفصل في بنود الاتفاقية الأمنية الخليجية، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، أنا رجل "أمد رجولي على قد لحافي"، ولحافي وبحمد الله وافي طوله "183" مادة دستورية، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه أيضاً، ولذلك  سأنظر للاتفاقية وفق قاعدة شعبية بسيطة وهي أن طريق قلب الرجل يمر عبر معدته، وسأتخيلها طبق طعام قدم لي من إخوة كرام لا أستطيع رده لأني "شبعان" أو "غير مشتهي"، لكني طبعاً أستطيع رده لأن بعض مكوناته ستضر بحالتي الصحية الدستورية..

"سيدي الخليج"... طبق اتفاقيتك بعض مكوناته خصوصاً المواد (2- 3- 10-11- 14- 16) ستسبب ارتفاعاً حاداً في "ضغط" حرياتي ويستشكل بالتالي "كوليسترول" سيسد شرياني الدستوري، وهو الشريان الوحيد الذي يضح دم الديمقراطية نحو قلبي! وربما بين هذا وذاك سيرتفع "السكر" و"تضيع طاسة" حقوقي وواجباتي، وبيني وبينك أنا ككويتي لدي حساسية سكرية شديدة من أيام جملة النفيسي الشهيرة: "يا ولد هات سكر، الشاي مر"! وأراها جملة سلبية لا يستحقها مجتمع "ديناميكي" يخوض تجربته الديمقراطية منذ ما يزيد على خمسين عاماً!

"سيدي الخليج"... اتفاقيتك الأمنية ليست "أمنية دستورية" نتمناها هنا فالعذر منك، وما نيل مطالب الوحدة بالوضع "الأمني"... ولكن تؤخذ الدنيا... "دساتيرا".