تقرير اقتصادي: تحليق «الكويتية» في أجواء النجاح ليس بالطائرات... بل بالتخصيص
• تعديل مرسومها ضروري لتغطية المثالب وتحاشي السهم الذهبي
• المبالغة في رفع الأصول تضر بـ «جودة» الشريك الاستراتيجي
• المبالغة في رفع الأصول تضر بـ «جودة» الشريك الاستراتيجي
مجلس الإدارة الحالي الناتج عن قانون تخصيص شركة الخطوط الجوية الكويتية لديه مهام محددة أبرزها إتمام الخصخصة بعد تعديل المثالب القانونية والدستورية في مرسوم تخصيص الشركة.
طوت شركة الخطوط الجوية الكويتية - ولو مرحلياً على الأقل - جانبا من ازمتها بتوقيع مذكرة تفاهم لشراء وتأجير نحو 37 طائرة جديدة، وتعيين مجلس ادارة جديد، عوضا عن المجلس السابق الذي شهد إقالات واستقالات.اليوم يفترض ان تكون الشركة تجاوزت ما حدث, ولم يعد هناك خلاف على طائرات مستعملة او جديدة, شراءً أو تأجيراً، فقد حسمت الامور عندما تم اعلان توقيع مذكرة تفاهم لشراء واستلام الطائرات الجديدة، مما يلزم مجلس الادارة الجديد بالعمل في اطار مهمته الاساسية، وهي تخصيص شركة الخطوط الجوية الكويتية، دون تلكؤ في هذه العملية بحجة انتظار تحقيق الربحية او انتظار نتائج اعادة الهيكلة، بينما في حقيقة الأمر ثمة من يسعى الى اطالة امد ادارته للشركة، وهو امر عاق تخصيص العديد من الشركات الحكومية لعدم رغبة مجالس اداراتها في تخصيصها وبالتالي تركها للملاك الجدد.مهمة واضحةمجلس الإدارة الحالي الناتج عن قانون تخصيص "الكويتية" لديه مهام محددة، أبرزها إتمام الخصخصة بعد تعديل المثالب القانونية والدستورية في مرسوم تخصيص الشركة، وأهمها تغطية الدولة لخسائر قيمتها 450 مليون دينار في الحسابات الختامية وفك التشابك بين وزارتي المواصلات والمالية كي تكون سلطة الدولة من خلال حصتها في الشركة تحت ادارة الهيئة العامة للاستثمار ووزير المالية.اليوم بعد توقيع مذكرة التفاهم وما سينعكس على اصول "الكويتية" يجب الاسراع في عملية تخصيص الشركة عبر طرح 35% من رأس المال للمزايدة مقابل 40% للاكتتاب العام و25% لملكية الدولة، هنا نستطيع ان نتحدث عن اتمام مجلس الادارة لدوره الطبيعي ومهمته الاساسية.تسويف وتأجيلورغم ان التجارب في الشركات الحكومية لا تدعم عمليات التخصيص نتيجة لتمسك مجالس الادارات بمناصبها لسنوات وما يرتبط بذلك من تسويف وتأجيل، ناهيك عن البيروقراطية الحكومية، فإن هذه المرة "العين" على شركة الخطوط الكويتية، فنجاحها هو نجاح لنموذج التخصيص، وكذلك الفشل, وعليه يجب ألا يتم اطلاق عمليات الهيكلة والتطوير والتشغيل بلا مدد محددة بل يجب حسم الموضوع بشكل سريع.المستثمر الاستراتيجي وكذلك فإن عذر تحويل الشركة إلى تحقيق الربحية ثم تخصيصها فيه جانب من التسويف والمبالغة, فهناك من يرى انه كلما ارتفعت قيمة اصول "الكويتية" كان الحصول على مستثمر استراتيجي اصعب كون المبلغ المراد دفعه لشراء 35% من راسمال الشركة يمكن ايضا دفعه للاستحواذ او لتأسيس شركة طيران اخرى في اي دولة، وبالتالي فإن الافراط في الضمانات الخاصة بالتحول الى الربحية ربما ينعكس سلبا على الحصة الاستراتيجية في الشركة او يؤثر على قيمتها العادلة.كما ان ما يعرف بـ"السهم الذهبي" الذي يسعى عدد من النواب في مجلس الامة لتطبيقه ليكون بمثابة حق "الفيتو" للدولة داخل مجلس الادارة يتنافى مع ابسط قواعد الخصخصة , فمن يرضى بدفع مبالغ مليارية ليحصل على 35% من رأسمال شركة ليجد الحكومة امامه ولديها الحق في الرفض او التعطيل، خصوصا ان نسبة 35 % نفسها تعتبر غير حاسمة، وربما تسمح بالاستحوذ على الشركة وإقصاء المستثمر الاستراتيجي في اي وقت وفي اي ظرف اقتصادي او حتى سياسي؟!خصخصة ورخصخصخصة "الكويتية" يجب ألا تكون هدفاً بذاتها، فهي وإن كانت الهدف المحدد لمجلس الادارة... فإن على الدولة نفسها اهدافا اخرى تتمثل في الاستفادة من وجود شركات خاصة للطائرات في الكويت لاطلاق عملية المنافسة في القطاع وإتاحة المجال لتراخيص شركات الطيران وتطوير المطار لمن يرغب في المنافسة، وتجاوز الوضع الحالي الذي يجعل الدولة محتكرة لحقوق الامتياز والتراخيص.ولعل قطاع الطيران ان تم تخصيصه يمكن ان يحقق نجاحا يتجاوز النجاح الجزئي الذي تحقق في خصخصة شركات الاتصالات والذي انعكس ايجابا على المنافسة والاسعار وبالتالي العملاء.هيئات ناظمةعند اطلاق شركات الطيران يجب ان تقوم هيئة ناظمة بتنظيم السوق , هيئة تشرف على القطاع ولا تمتلك فيه... تديره ولا تنافس الآخرين، عندها يمكن ان نصل الى مرحلة دفع الشركات ضرائب للدولة، اذ لا يعقل ان تدفع الشركة المملوكة للحكومة ضرائب للدولة!ومثال الهيئات الناظمة يمكن ان يعمم على الموانئ والكهرباء والبريد وغيرها، كونها تعتبر في معظم دول العالم من اهم ضمانات نجاح اي عملية تخصيص، فهي التي تنظم التنافس بين الشركات وتضمن حقوق المستهلك وحتى العمالة، وهي التي تضمن الا يسيطر مالك واحد على شركتين تعملان في نفس القطاع كما حدث في مشروع تخصيص شركات الوقود، او ان يتحالف ملاك شركتين لرفع الأسعار او الاتفاق على سوء الخدمة المقدمة للمستهلك، فضلاً عن دور هذه الهيئات، التي تعمل في العديد من الدول، كمرجع لدراسة جدية العروض والأسعار وشكاوى المستهلكين.فرصة جديدةأي شركة طيران ترتكز بشكل اساسي على مجموعة من العوامل، وأهمها السمعة والادارة والخدمة، وفي الحقيقة لقد عانت "الكويتية" طوال عمرها كمؤسسة جراء تدني ادائها في هذه العوامل، خصوصا خلال السنوات الـ 20 الاخيرة، ولم تفلح الادارة الحكومية فيها ولا في انتشالها من وضعها المزري، فقد اصبحت خصوصا في السنوات الخمس الأخيرة علامة بارزة على الفشل في الاداء الحكومي، وليس هناك اليوم افضل من تحويلها من نموذج فاشل الى مشروع انجاز يتم من خلاله تحويل "الكويتية" إلى نقطة اطلاق، في مشروع لتطوير قطاع الطيران الخاص من خلال تنافسيته.