سيمباثي SYMPATHY تعني التعاطف على مستوى الشعور، أي أن يتعاطف الشخص مع آخر شعوريا ووجدانيا، وأن يحس بألمه، ويتأثر ربما إلى الحد الذي قد تنتقل إليه حالة الألم نفسها، في حين أن كلمة إيمباثي EMPATHY تعني التعاطف على مستوى الإدراك العقلي، أي أن يدرك الشخص عقليا معاناة وآلام شخص آخر فيقدرها ويتصرف حيالها بما تستحقه.
أعلم أن عنوان المقالة غريب، لكن سيتضح المقصود سريعاً.سيمباثي وإيمباثي كلمتان إنكليزيتان متقاربتان لكنهما مختلفتان، وقد عجزت عن أن أجد لهما ترجمة عربية تبين هذا التقارب مع الالتزام بتوضيح الاختلاف، كلتاهما تترجم في القواميس العربية على أنها "تعاطف"، وهذه الترجمة التسطيحية تلغي ذلك الفارق الدقيق بينهما، والذي هو أساسهما.سيمباثي SYMPATHY تعني التعاطف على مستوى الشعور، أي أن يتعاطف الشخص مع آخر شعوريا ووجدانيا، وأن يحس بألمه، ويتأثر ربما إلى الحد الذي قد تنتقل إليه حالة الألم نفسها، في حين أن كلمة إيمباثي EMPATHY تعني التعاطف على مستوى الإدراك العقلي، أي أن يدرك الشخص عقليا معاناة وآلام شخص آخر فيقدرها ويتصرف حيالها بما تستحقه.أشرح أكثر ليبين المعنى والفارق لكي أصل بعدها إلى مبتغاي من هذه السطور.من يتعرض لمشكلة ما أو نائبة من نوائب الدهر يشعر بالألم والأسى الشديد، وقد يدخل في دوامة الحزن التي من الممكن أن توصله إلى تلك المرحلة التي يفقد فيها القدرة على الحكم السديد أو اتخاذ القرارات والتصرف حيال ما يمر به. حينها، فالناس من حوله، وأعني من يكترثون لأمره، يصبحون على شاكلتين: الأولى شاكلة أولئك الذين تتلبسهم نفس حالة الحزن والأسى والألم فيصبحون شبه نسخ أخرى من الشخص الحزين، ولا يقدمون له إلا الدعم النفسي، ربما، بأننا نحس بك ونألم لألمك وبجانبك. وأما الشاكلة الثانية، فهم أولئك الذين يقدرون حجم المصاب وعمق الألم، ولكن يظلون مع ذلك مسيطرين على رباطة جأشهم ورجاحة أحكامهم فلا تتأثر قدرتهم العقلية، فيظلون لذلك محتفظين بقدرتهم على الرؤية واتخاذ القرارات.ليس مرادي هنا أن أصل إلى القوم بأن الشاكلة الثانية أفضل أو أنفع، كما قد يروق للبعض، ولكن المراد هو القول إن الإنسان حتى لو كان من أرجح الناس عقلا وحكما، قد يتأثر على المستوى العقلي عندما يمر بالنوائب والمشاكل، وكلما زادت حرارة المدلهمات زاد الضغط على قدراته العقلية، ولهذا قال الأول: "استوى الناس في العافية فإذا نزل البلاء تباينوا"، وبالطبع يفرق الناس في هذا الجانب أيضا من ناحية قدراتهم على الاحتمال وعلى البقاء ممسكين بزمام رجاحة أحكامهم.هذه الحقيقة المشاهدة كثيراً في الحياة كانت من الأساسات التي ينبه عليها الطلاب في كلية الطب، حيث يعلمون ضرورة أن يتعاطف الطبيب مع مرضاه على مستوى العقل وألا ينجرف إلى التعاطف الشديد على مستوى الشعور لكي يظل قادرا على الحكم السديد، وأيضا لكي لا يحمل نفسه فوق طاقتها من الآلام والأحزان التي سيظل يراها يوميا لطبيعة عمله المتواصل. وهو ذاته السبب الذي جعل من الأعراف الطبية ألا يقوم الجراح، مثلا، بإجراء عملية جراحية لأحد من أفراد عائلته خشية أن يكون قد تأثر شعوريا مما قد يؤثر في قدرته على اتخاذ الأحكام السديدة.من السهل إلى حد كبير أن يجد الناس من حولهم من هم من شاكلة المتعاطفين شعوريا، أولئك الذين يكونون بمثابة الصدى لآهاتهم وأحزانهم، ولكن من الصعب أن يجدوا أهل الشاكلة الثانية، أي المتعاطفين عقليا، ولهذا من جملة أسباب أخرى لعل منها الحرج من بث الشكوى الحساسة للمقربين، راجت مهنة الاستشارات النفسية والاجتماعية وغيرها وصار الناس أكثر قبولا لأن يقصدوا استشاريا أو مستشارا ليعينهم على اتخاذ القرارات إزاء ما يواجهونه من مشكلات، ولو تطلب منهم الأمر أن يدفعوا في مقابل ذلك مالاً كثيراً.
مقالات
سيمباثي... إيمباثي!
27-04-2014