• بالتجديد لحبس عبدالناصر وعبدالحكيم الفضلي وعبدالله عطاالله، بدأ البعض يسرب معلومات عن أنه تم هكذا "فجأة" اكتشاف جنسياتهم الحقيقية، وأنه جارٍ العمل على إبعادهم عن البلاد إلى دولهم التي تم اكتشافها بعد القبض عليهم، مع أن الثلاثة هم من الناشطين البدون البارزين منذ بداية "الحراك البدوني" في ٢٠١١، أي أن اكتشاف حقيقة جنسياتهم جاء متأخراً بعض الشيء.

Ad

• يتصور بعضنا، وبالذات من بيدهم القرار، أن الحل النهائي للبدون هو إبعادهم عن البلاد، هكذا، ولا يخبرنا أولئك المسؤولون كيف سيقومون بذلك الإبعاد؟ وإلى أين؟ ومتى؟ ولا حتى يبررون لنا؛ فإن كانوا في ذلك الأمر جادين، فلمَ لا يفعلونه الآن، ولماذا التأجيل؟

• ويرتكز منطق إبعاد البدون على إيهام الناس بأن لدى الحكومة معلومات "يقينية" وأنها تمتلك أدلة دامغة على جنسيات قرابة ٦٥٪ من البدون؛ فإن كانت تلك المعلومة صحيحة، إذن لماذا لا يتم إبعادهم إلى بلادهم الآن ودون تأخير؟ أوَليس التأخر في إبعادهم إلى بلادهم يمثل تقصيراً في أمن البلد تُسأَل عنه الحكومة؟

• الإبعاد، أي إبعاد، إذا ما تجاوزنا منظومته الدولية، وهو موضوع يستحق المعالجة لاحقاً، يستلزم وجود جهتين، مرسلة ومستقبلة، ولا يتم الإبعاد إلا بموافقة واتفاق الجهتين، إن لم يكن المبعد مواطناً، أما إذا كان مواطناً فلا حاجة إلى اتفاق ثنائي بين دولتين، فكل ما هو مطلوب إثبات "مواطنة" الإنسان لكي يقبله بلده. وفي حالتنا هذه لو كانت الوثائق "اليقينية" مكتملة لدى حكومتنا، المرسلة، لقبلت الدولة المستقبلة المبعدين من مواطنيها دون تردد، فهذا إجراء روتيني يتم بشكل شبه يومي مع مَن تقرر وزارة الداخلية أنهم أشخاص غير مرغوب فيهم. ولكن الحقيقة هي أن تلك الوثائق في مجملها ليست وثائق، وأغلبها ليس "يقينياً".

• في مسألة البدون يمارس المسؤولون عملية تدليس مستمرة لكي يقنعوا الناس بأن لديهم طريقاً للخروج من الأزمة، ولكنهم في حقيقة الأمر لا يبيعون إلا وهماً، وهم يراهنون على الزمن، والرهان على الزمن في مثل هذه المسألة رهان خطير على أمن البلد واستقراره، وقبل هذا وذاك على إنسانيته، التي تتراجع وتُهدَر، مادامت مأساة البدون مستمرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.