"آهي ماشية... الحمد لله"، "اللي جه زي اللي قبله مفيش فرق"، "ربنا يفرجها زي ما أنت شايف الحال واقف ومفيش شغل"، "أهم الإخوان مشيوا والحال زي ما هو"، "البلد ضاعت خلاص".

Ad

كل ما سبق إجابات مختلفة تسمعها ردا على سؤال واحد تسأله لصديقك أو جارك، وقد تسمعها من راكب يجلس بجوارك في المترو أو آخر يقف أمامك في طابور المرور... إجابات مختلفة لسؤال واحد: إيه الأخبار؟ كلها تعكس حقيقة ما يحدث في مصر ورأي رجل الشارع فيه.

بعد انقضاء 8 أشهر على الانقلاب (ثلثا المدة التي قضاها الرئيس مرسي في الحكم) لم يشعر المواطنون بأي تحسن أو على الأقل بداية له، وطارت كل الوعود التي قطعها قادة الانقلاب ودغدغوا بها مشاعر وأحاسيس الجماهير، وتأكد الجميع من كذبهم وخداعهم حين كانوا يؤكدون أن كل خراب وفشل سببه مرسي والإخوان.

 استمرت المشاكل والأزمات فالأمن مفتقد في الشارع، وتقلصت وزارة الداخلية إلى إدارة للبوليس السياسي (كما كانت الحال قبل ثورة يوليو) انشغلت فقط بالقبض على الهوية والاعتقالات العشوائية وتعذيب المعتقلين... عاد كل شيء كما كان بل أسوأ مما كان قبل يناير 2011، ولم يستطع الجيش رغم تفويض قائده القضاء على الإرهاب واستمرت الحوادث الإرهابية داخل سيناء وخارجها، وزاد الانهيار الاقتصادي وإضرابات العمال وارتفاع الأسعار مع ارتفاع الدين الداخلي والخارجي واستمرار سرقة المعونات الدولية.

هذه هي الحقيقة التي سمعتها ورأيتها والتي أكدت لجموع الشعب أن قادة الانقلاب ليسوا سوى حفنة من الفاسدين لا يعرفون لمصر قيمتها ولا مكانتها، بل لا يعرفون للشرف والكرامة معنى أصلا، فمنهم من يحلم بالرئاسة وتراوده هلاوسها، ومنهم من لا يرى إلا نفسه ومن حوله عساكر (مراسلة) له، ومنهم من تغلغل الفساد في دمه فلا يستطيع الحياة بدونه، ومنهم الطائفي البغيض الذي يعتقد أنه فوق الجميع.

 هؤلاء هم الانقلابيون الذين خدعوا الشعب وتولوا قيادته في غفلة من الزمن، وذهبت سكرة القضاء على الإخوان والخلاص منهم، وجاءت حقيقة فساد الانقلابيين وفشلهم في تحقيق آمال الجماهير، بل على النقيض كان التزامهم بعودة الفساد ونظام مبارك أكبر من تقديرهم للجماهير التي وقفت معهم، فتوالت أحكام البراءة على قاتلي شهداء يناير.

كل يوم حكم جديد ببراءة جديدة لضباط قتلوا المتظاهرين، ورغم الإعلام الانقلابي الراقص على أنغام حملة المباخر وضاربي الدفوف انصرفت عنهم الجماهير وتركتهم مخذولين عراة أمام رجل الشارع يلعنهم ليل نهار، وأصبح السؤال مكرراً: أين جماهير يونيو؟! أين خارطة الطريق؟!

ورغم أن المشهد بهذا الوضوح يؤدي إلى نتيجة واحدة هي التشاؤم وفقدان الأمل وضياع الحلم فإنه مازال هناك شعاع من أمل يتمسك به بعض الشباب الوطني المخلص المؤمن بقضيته وحلمه، المؤمن بمصر وقيمتها، المؤمن بقدرته على الانتصار وإحداث التغيير... مازال ينظم الفعاليات ويدعو إلى التظاهرات لا مناصرة لأحد لكنها في المقام الأول لبث الأمل وإعادة روح التفاؤل من جديد.

نعم ارتفع رنين اليأس لكن شعاع الأمل مازال موجودا، وبحكمة الشيوخ ودروس التاريخ أعتقد أن شعاع الأمل سينتصر مهما كان صوت اليأس وشدة الظلام، فشمعة واحدة قادرة على إنارة غرفة بكاملها.

وللحديث (والأمل) بقية إن كان للحرية متسع.