حتى لو أتت النتائج النهائية بأن عدد من شاركوا من المصريين في الخارج في انتخابات الرئاسة هذه المرة أقل من انتخابات الرئاسة الماضية، فإن الأمر الأكيد أنها أكثر صدقاً وتعبيراً عن حالة مختلفة لدى المصريين الذين يعيشون خارج البلاد.

Ad

في انتخابات 2012 كانت حالة الارتباك وحالة عدم اليقين هي السائدة، وحالة إفساد الإرادة هي الموجودة، وذلك عن طريق أسلوب التصويت عبر البريد، وهو ما حاول "الإخوان" استغلاله، باستخدام أسلوب يعد تطويراً لما كان يحدث في الداخل ويعرف بأصوات الزيت والسكر (حيث كان الإخوان يشترون الأصوات الانتخابية من الفقراء بكرتونة من المواد الغذائية) فقد مارسوا نفس الأسلوب مع العمال الفقراء في الخارج الذين اشتروا بطاقاتهم، وزوروا إرادتهم عن طريق البريد. ومن الحكايات المشهورة في هذا السياق ما ذكرته إحدى الصحف الكويتية عن أن "الإخوان" كانوا يشترون الأصوات ليوجهوها في اتجاه معين أو يبطلوها، وبغض النظر عن المبالغة من عدمها في ذلك، إلا أنه في هذه المرة، تدل الصور القادمة من أمام السفارات والقنصليات المصرية في الخارج على أن المصريين استطاعوا تجاوز ذلك، واستطاعوا القضاء على الوصوليين، وسيستطيعون أن يعبّروا عن إرادتهم الحرة لاختيار مستقبل بلادهم، كما استطاعوا أن يفعلوا ذلك من قبل في 30 يونيو و3 يوليو و26 يوليو وخرجوا هذه الأيام ليؤكدوا أنهم مازالوا يستطيعون الفعل.

فعل الخروج هو تأكيد على حرية الإرادة والرغبة في وضع أسس جديدة في حياة أية دولة جديدة، وتشير الصور القادمة من أمام السفارات إلى طوابير ممتدة، كأنها في لجان داخل مصر، في الكويت، والسعودية، ودبي، وأبوظبي، والعواصم الأجنبية، ولعل ما يؤكد ذلك هو دعوة بعض الجاليات المصرية في الخارج لتمديد فترة التصويت يومين إضافيين، حتى يتمكنوا من التصويت جميعاً.

هذا دليل آخر على أن المصريين وعوا الدرس، وأدركوا أنهم يجب أن يبدأوا المشاركة في صنع مستقبل بلادهم، ومازال هناك يومان، وهذه دعوة لكل المصريين إلى المشاركة في التصويت، ليس في الخارج فقط، بل في الداخل أيضاً، ويبدو الأمر كأنه مؤشر على ما سيحدث في انتخابات الأسبوع المقبل، يومي 26، و27 المقبلين، من إقبال جماهيري كثيف، وتأكيد على الرغبة في المشاركة، وتحدي "الإخوان"، وتحدي تهديداتهم ومظاهراتهم، وانفجاراتهم، ورغبتهم في زعزعة أمن البلاد، وتأكيد من الشعب المصري على الرغبة في إكمال خارطة الطريق، وانتخاب رئيس بإرادة حرة شعبية يعبر عن كل أطياف المصريين وكل توجهاتهم، وليس أسيراً لاتجاه معين يريد اختطاف البلاد إلى جماعة وعشيرة، أدرك المصريون ما يريدون وبدأت نتائج ذلك تظهر في طوابير التصويت على الانتخابات في الخارج.

ونتائج تصويت المصريين على الانتخابات في الخارج، رغم أن عددهم قليل، الانتصار فيها انتصار للمعنى وإشارة يمكن أن تشعل الداخل، وبالتالي فإن تصويت المصريين لن يقف عند الخارج بل سيكون أحد الأسباب والمقدمات لما سنراه في الداخل.