خالد أبو النجا: تمنيت سراً المشاركة في {فيلا 69}

نشر في 03-01-2014
آخر تحديث 03-01-2014 | 00:02
نال الممثل خالد أبو النجا أخيراً جائزة أحسن ممثل في {مهرجان أبو ظبي السينمائي 2013}، عن دوره في فيلم {فيلا 69} الذي يندرج ضمن خطته في أداء أدوار تحمل رسالة وهدفاً من دون النظر إلى أجر الدور أو مساحته، ولعل هذا ما جعله في مكانة مختلفة عن شباب جيله.
حول الجائزة وفيلم {فيلا 69} ورأيه بحال السينما المستقلة التي شارك في تجارب عدة فيها، كان اللقاء التالي معه.
كيف تم ترشيحك لبطولة {فيلا 69}؟

عرض الدور في البداية على شقيقي سيف، لكنه اعتذر عنه بعدما أجرى تعديلات وأرسلها إلى القيّمين عليه، وقد تمنيت سراً آنذاك المشاركة في الفيلم. وكم كانت فرحتي كبيرة عندما اتصل بي المنتج محمد حفظي عارضاً عليّ أداء الدور، فشعرت بأن القدر يدفعني نحو هذا الفيلم الذي أهديه إلى شقيقي.

لماذا؟

لأن شخصية حسين التي أجسدها تشبهه إلى حد كبير، لذا أخذت منه حركات وتعبيرات جسدية، لا سيما أنه يمر مرحلة الشخصية العمرية نفسها، وآراءه حادة وحازمة وإن كان حسين، بطل الفيلم، أعنف قليلا.

وما الذي جذبك لتجسيد هذه الشخصية؟

مرّ حسين بتجارب حياتية، ولديه آراء مؤذية نفسياً لمتلقيها، منذ تقييمه لأغنيات أم كلثوم واعتبارها فناً غير راق بالنسبة إليه حتى الكتب التي يقرأها، ما جعله شخصاً إقصائياً إلى حد كبير، وأتعمد إطلاق لقب {إقصائي} عليه لأن المراحل التي عاشها دفعته إلى الانغلاق على نفسه، ويظل هكذا حتى يقابل شخصاً آخر يحتاج إليه، عندها يكتشف أن لحياته معنى يستحق أن يعيش لأجله.

ألا تجد في تجسيد شخصية تكبرك في العُمر نوعا من التحدي؟

لا، فهذا الأمر بسيط ويسهل تقديمه بالاستعانة بخبير تجميل، وكان من الممكن إعادة كتابة الشخصية في مرحلة عمرية أصغر، لكن الجمهور لن يصدقها لأن الخبرة التي تأتي نتيجة تجارب لا يمتلكها سوى الكبار، برأيي التحدي الحقيقي هو أداء الدور بكل ما يحويه من إنسانيات عظيمة ومؤثرة، وليس تجسيد شخصية عجوز.

رغم معاناة حسين من المرض وتحديد الأطباء موعد وفاته فإن طريقة تفكيره توسطت بين الخوف من هذا الواقع والتنكر له... كيف تعاملت مع هذه الحالة؟

لا يركز الفيلم على فكرة الموت وإنما على الحياة؛ فعندما يعلم الفرد أن حياته ستنتهي بعد أيام تصبح لديه رغبة في أن يمضيها بسعادة، وتختلف الفكرة حول هذه السعادة من شخص إلى آخر، وهي بالنسبة إلى حسين كتبه والموسيقى التي يفضلها والأشخاص الذين يحبهم وذكرياته القديمة. وفي نهاية، الفيلم يكتشف أمراً منحه سعادة حقيقية، ودفعه إلى الخروج إلى الحياة وهو حاجة ابن شقيقته إليه، هنا نشعر بأن حسين قد يعيش ولا يموت، رغم تأكيد الأطباء قرب موته، لأن حياته بات لها معنى.

إلى أي مدى هذه الشخصية واقعية؟

إلى درجة كبيرة؛ فالقصة صادقة، وسمات الشخصية الرئيسة في الفيلم موجودة لدينا؛ إذ نملك آراء حادة في موضوعات معينة ونتساهل في أخرى، وإن كانت آراء حسين قاسية، وهنا يكمن جمال الدور، لأن المشاهد يسعد عندما يرى عملا فنياً يلمس أبطاله جزئية في داخله.

ماذا عن كواليس العمل؟

كانت في غالبيتها داخل الفيلا التي صورنا فيها لمدة خمسة أشهر تقريباً، ارتبطنا خلالها مع بعضنا البعض بعلاقة قوية؛ إذ كانت لكل ممثل مشارك في الفيلم غرفة خاصة به، وكانت غرفة الجميلة لبلبة مجاورة لغرفتي وكدت أشعر بأنها شقيقتي بالفعل.

ما الرسالة التي أردت إيصالها للجمهور من خلال الفيلم؟

الإقصاء والآراء الحادة ليسا سبيل التقدم إلى الأمام إلا إذا أدركنا قيمة العطاء التي تمنح حياتنا معنى، والمتفرج لا يتلقى هذا الهدف بشكل مباشر عبر جمل حوارية توجيهية، بل يشعر به بعد متابعته للفيلم، وأعتبر أن جمالية الفن أن يقرأ كل متفرج العمل الصادق بطريقته.

هل واجهت صعوبات أثناء التصوير؟

الدور كله كان صعباً، بداية من حالة حسين النفسية، مروراً بعلاقته بجيرانه وشقيقته وأبنائها، والشخصيات التي على معرفة به. حتى إننا حذفنا مشاهد من الفيلم حرصاً على مشاعر المشاهد لأنها كانت سترهقه نفسياً، وتؤثر فيه مثلما أثرت فينا بعدما صورناها وشاهدناها.

ما المشاهد التي أثرت فيك كمتفرج بعد متابعتك لها؟

تلك التي يحدث فيها انكسار للإقصاء والعنف لدى حسين، وهذا ليس تراجعاً بل هو التقدم في حد ذاته؛ إذ يتوقف عن إقصاء الآخر ويبادله العطاء، كذلك المشاهد التي يتراجع فيها عن آرائه الحادة.

ما الذي شجعك على خوض تجربة الإنتاج في {فيلا 69}؟

كان من الضروري أن أقدم على هذه الخطوة، بمعنى آخر افتقدنا إلى موازنة كفيلة بإخراج  الفيلم إلى النور، ولم يكن أمامي سوى التنازل عن جزء كبير من أجري، كحل وحيد لأداء دور البطولة. يسعدني ذلك ويشرفني حتى إن لم أشارك فيه كممثل.

لماذا تقل هذه النوعية من الأفلام في مقابل التجارية؟

ليست قليلة؛ لدينا حوالى أربعة أفلام تعرض سنوياً، ولهذه الأعمال أهمية بالغة، إلى جانب كونها متميزة، ذلك أنها خرجت في التوقيت الذي توقف فيه الإنتاج السينمائي، فاستخدمتها دور العرض كـ {سد خانة} لضمان الاستمرارية، وأثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية، فأنقذت صناعة السينما، وشارك صانعوها في مهرجانات كبيرة ونالت جوائز عدة، من بين هذه الأفلام: {فرش وغطا}، و}فيلا 69}، و}ميكروفون}.

ماذا ينقص السينما المستقلة لتحقق جماهيرية؟

هذا ما أراهن عليه في الفترة المقبلة، وهذا ما سيتحقق إذا ابتعد بعض صانعيها عن النظرة القاتمة إلى القضايا التي يناقشونها في أعمالهم. حتى لو كانت القصة حزينة يجب أن نبحث لها عن مخرج مُبهج، وهو ما حدث في قصة {فيلا 69}، فرغم أنها قاسية فإنها مُقدمة بخفة ظل، وكان المشاهدون يضحكون أثناء متابعتهم الأحداث والخلاف بين الشقيقين، وهو موجود في الأسر العربية كافة، مع أنها تتضمن حملاً نفسياً وإنسانياً، كذلك صدام الأجيال بين ابن شقيقة حسين الذي يغني أغنية {أنا عاوز موزة تحبني}، في حين أن حسين يستمع إلى عبد الوهاب وأم كلثوم.

ما جديدك؟

صورت دوري في الفيلم فلسطيني {عيون الحرامية} الذي صور بالكامل في الضفة الغربية ورام الله ونابلس وبيت لحم، وكانت تجربة غريبة وجديدة بالنسبة إلي؛ وشعرت بأنني أصوّر في أماكن لم أزرها، ولكن تحت الاحتلال.

“عيون الحرامية} إنتاج عربي مشترك، يشارك في بطولته كل من المطربة الجزائرية سعاد ماسي، وممثلون آخرون من فلسطين والجزائر والأردن.

back to top