مشاكل جوهرية كثيرة تواجه الدراما اللبنانية الصرفة، إلا أن الكاتبة كلوديا مرشيليان ترفض رفضا قاطعاً محاولات تحطيم الدراما اللبنانية التي يقوم بها البعض، وإطلاق أحكام مسبقة عليها بأنها ضعيفة ودون المستوى المطلوب، مشيرة في هذا المجال إلى أن الدراما في أي بلد في العالم تتفاوت في المستوى، فثمة الجيد وثمة الرديء، مشددة على أن الدراما اللبنانية تطورت بشكل واضح في العامين المنصرمين، مع أن الأعمال متفاوتة وبعضها لا يصنّف في خانة الجيّد، لكن هذا الأمر طبيعي بنظرها.
يحكى كثيراً عن الفرق الشاسع بين الأعمال اللبنانية والأعمال العربية، وأن الأولى تحتاج إلى وقت طويل كي تدخل مجال المنافسة مع الثانية، إلا أن مرشيليان لا تجد في هذا الحديث منطقاً، بحسب وجهة نظرها، تقدم مصر في شهر رمضان (تكون المنافسة في أوجّها) 70 مسلسلا، ينجح منها 10، كذلك الأمر في الدراما السورية، متسائلة عن سبب تجاهل البعض لهذا الأمر وإصراره على تبيان صورة جميلة للدراما العربية وتشويه صورة الدراما اللبنانية.وتضع مرشيليان كثرة الإنتاجات الدرامية الموجودة راهناً في لبنان بخانة الإيجابية، {أن يُنتج 15 مسلسلاً في السنة وينجح منها سبعة، هو أمر عظيم ويحصل فعلا على أرض الواقع}، عازية التطور الذي شهدته الدراما اللبنانية أخيراً إلى الجهد الذي يبذله الكتاب والمخرجون والممثلون والمنتجون، وليس إلى الصدفة.تصف مرشيليان غزارة إنتاجها واحتلال أعمالها الساحة الدرامية اللبنانية بالإنجاز، فهي تكرّس نفسها منذ سبع سنوات للدراما ومصرّة على متابعة المشوار إلى أن تصل الدراما اللبنانية إلى مرتبة مشرّفة.يتفاءل الكاتب شكري أنيس فاخوري بالتطور الذي تشهده الدراما اللبنانية والذي بات واضحاً في نوعية العمل، سواء لجهة النص أو الإخراج أو الإنتاج، أو أداء الممثلين اللبنانيين الذين لا يقلون قدرة عن أي من الممثلين العرب.{صحيح أن النوعية تأتي في المقام الأول لكن الكمية مهمّة أيضاً}، يقول فاخوري مؤكداً أن كم الإنتاجات الموجودة راهناً يجعله متفائلا بالمستقبل، ويصف هذا التقدّم بالمهم والصحّي.لا يعطي أهمية للانتقادات التي توجه إلى الأعمال اللبنانية التي تعرض، موضحاً أنها حتى ولو لم تكن ذات جودة عالية، تبقى محاولات دؤوبة للوصول إلى مرتبة معينة، {من الجيد تقديم 20 مسلسلاً خلال سنة ينجح منها 10، أما في حال أنتجنا خمس مسلسلات ونجح ثلاثة منها فيكون الوضع سيئاً}.دم جديدمسلسلات لبنانية كثيرة كان نصيبها الفشل وأخرى نجحت وكسبت ثقة الجمهور وأهل الاختصاص، على غرار {وأشرقت الشمس} الذي عرض أخيراً على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، وتجري أحداثه في زمن المتصرفية في لبنان. الممثلة نهلة داوود إحدى بطلات المسلسل، تعزو النجاح الذي حققه إلى تكامل عناصره، {فهو يعطي صورة مشرفة للدراما اللبنانية التي باتت تتمتع بإنتاجات كبيرة وضعتها على خريطة المحطات الفضائية العربية، وساهمت في انتشارها، بفضل ممثلين محترفين ومخرجين مميزين يؤكدون يوماً بعد يوم أنهم على المستوى المطلوب.في ما يخص الكتّاب والمؤلفين تقول إن دماً جديداً من الكتّاب ضخّ في الدراما ونقل الواقع اللبناني إلى الشاشة الصغيرة بتفاصيله من دون خوف من التطرّق إلى مواضيع حسّاسة لم يسبق أن تناولتها الدراما اللبنانية.وجهت داوود تحية إلى الكاتبة كلوديا مرشيليان {التي استطاعت من خلال مسلسلي {روبي} و{جذور} إيصال الدراما اللبنانية إلى الموقع الذي نصبو إليه، وأن تعود إلى موقع الريادة الذي كانت تحتله في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته}.حول الإنتاج المشترك لبنانياً في مسلسل «وأشرقت الشمس» بين «رؤى للإنتاج» وMandMpro ميلاد أبي رعد وChelae Production يقول طانيوس أبي حاتم (صاحب رؤى للإنتاج)، إن التعاون تمّ بين الشركات الثلاث لأن كلفة الإنتاج تفوق احتمال أن تغامر أي شركة وحدها، إذ بلغت 980 ألف دولار، {يكفينا فخراً أننا سوّقنا عملاً درامياً في الخارج على مستوى عالٍ من التنفيذ والجمالية، وأن كثافة الإعلانات التي بُثّت خلال عرضه خير دليل على نجاحه}.المنتج مروان حداد أحد أهم من شاركوا في تطور الدراما اللبنانية، يؤمن بمستقبل الدراما اللبنانية رغم إهمال الدولة لها، وبأهميتها على الصعيدين الاجتماعي والوطني، كونها تعبّر عن الحياة بتنوعها، وتنقل رسالة سريعة إلى الناس، عبر مضمونها.حول واقع الدراما اللبنانية راهناً يؤكد حداد أنها عادت إلى الخط الصحيح وباتت مطلوبة من منتجين كثر وتحقق انتشاراً، متوقعاً أن تحتلّ حيزاً أوسع على الشاشات العربية في السنوات الخمس المقبلة، ومطالباً بضرورة دعم المنتج اللبناني ليستمر وتثبّت الدراما اللبنانية نفسها وتقف على أرضية صلبة.لطالما كان مستوى الدراما في لبنان جيداً ومواكباً لعصرها وللتطور التقني المتزامن معها، برأي الممثل اللبناني فادي ابراهيم، ويضيف: {سهل تطور وسائل التواصل الوصول إلى الناس بشكل تلقائي، وأفسحت الفضائيات في المجال أمام مشاهدة أي عمل في التوقيت الذي نريد وأينما نريد، ما يضع شركات الإنتاج ومحطات التلفزة في تحدٍ في ما بينها لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين، وتحسين نوعية البرامج والمسلسلات. لا بد من أن يؤثر ذلك على مستوى الدراما اللبنانية، مع العلم أن الدول العربية سبقتنا تقنياً فيما لم نولِ هذا الموضوع أهمية سابقاً في ظل غياب اهتمام الدولة، ما جعلنا نتكل على أنفسنا}.أعمال مشتركةأعمال درامية لبنانية كثيرة عرضت أخيراً تضمنت خليطاً عربياً سواء لناحية الإنتاج المشترك أو الإخراج أو التمثيل، ما شجّع الفضائيات العربية على بثها كعرض أوّل بعدما كان العمل اللبناني يؤخذ كعرض ثالث أو رابع، فأثبتت نجاحاً وانتشاراً رغم منافسة أعمال عربية لها.من بين هذه المسلسلات {روبي} و{جذور} للكاتبة كلوديا مرشيليان اللذان عرضا على أكثر من فضائية عربية، ويضمان ممثلين من لبنان ومصر وسورية، ما يعزز وجهة نظر مرشيليان بضرورة تطعيم الدراما اللبنانية بوجوه عربية وإنتاج عربي مشترك لتجد طريقها إلى الفضائيات العربية.تعتبر مرشيليان أن المسلسلات المشتركة ساهمت في تعريف الجمهور العربي إلى الممثلين اللبنانيين وأخرجتهم من القوقعة التي حبسوا في داخلها سنوات طويلة، لذا تركز على هذه الناحية في أعمالها المقبلة.مرشيليان تحضر راهناً مسلسل {فرصة ثانية} الذي يصور في دبي من إنتاج {أم بي سي}، ومسلسلاً ثانياً مع المنتج السوري مفيد الرفاعي (30 حلقة) وثالثاً مع شركة الصباح، بمشاركة وجوه مصرية وسورية، وتؤكد أن الممثل اللبناني يستطيع، من خلال هذه المعادلة، أن يكون نجماً حقيقياً في الدول العربية بلهجته اللبنانية وليس ضيفاً على الأعمال الدرامية العربية فحسب، وأن يكون الممثلون العرب ضيوفاً على الدراما اللبنانية.يشاطر الكاتب اللبناني شكري أنيس فاخوري مرشيليان رأيها بأن بعض الأعمال الدرامية اللبنانية المشتركة على جانب من الأهمية، كونها تساهم في انتشار الممثل اللبناني عربياً، واصفاً التفاعل على مستوى القدرات التمثيلية أو الإنتاجية أو الإخراجية بأنه غنى للعمل، {خصوصا أننا كدول عربية نتحدث اللغة نفسها ونعاني المشكلات ذاتها حتى ولو بمعايير مختلفة}، حسب تعبيره.حول مسلسل {العائدة} من كتابته الذي حقق انتشاراً عربياً وتخطى، وفق بعض الإحصاءات، أعمالاً مصرية وسورية، يعرب عن سعادته به، مشدداً على أن كل عمل يحترم عقل المشاهد وعينه ومشغول بطريقة حرفية، لا بد من أن يصل إلى الجمهور. يذكر أن فاخوري يحضّر لمسلسل {مرايا} الذي يضم وجوهاً لبنانية ومصرية وسورية، من إنتاج لبناني وقد يكون ثمة تعاون مع شركة إنتاج عربية.وتصف المخرجة اللبنانية كارولين ميلان الأعمال اللبنانية التي تشارك فيها وجوه عربية بأنها أهم ما حصل للدراما اللبنانية، كونها رفعت مستوى الدراما اللبنانية من خلال تسويقها في الخارج بشكل صحيح، وحافظت على الهوية اللبنانية لناحية الكتاب والمخرجين والممثلين، وقد شجع تعلّق الجمهور العربي بهذه الأعمال اللبنانية شاشات كثيرة مثل {أم بي سي} للعودة إلى لبنان وتصوير برامجها ومسلسلاتها فيه.ترى ميلان أن لبنان لا تنقصه المقومات لينافس الدراما التركية، فهو يتمتّع بطبيعة خلابة وطاقات تمثيلية وإخراجية هائلة، لكن المشكلة في عدم توافر موازنات ضخمة، ما يؤدي إلى أعمال ناقصة وضعيفة.الممثلة إلسي فرنيني، صاحبة تاريخ عريق في الدراما اللبنانية يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، توضح أن تطعيم المسلسلات بممثلين عرب أمر جميل {لأننا كعرب نعيش في المجتمع نفسه، فنحن نرى في لبنان المصريين والسوريين والأردنيين يتعايشون معاً ويلتقون في الحفلات والصالونات الاجتماعية}، مؤكدة أن الانفتاح الحضاري والثقافي وتفاعل القيم والتقاليد لا بد من أن يؤثّرا إيجاباً على الدراما اللبنانية، {جميل أن نسمع اللهجة السورية أو المصرية في الأعمال اللبنانية واللهجة اللبنانية في الأعمال السورية والمصرية}.أما المخرج سمير حبشي فيناقض الاتجاه السائد حالياً في مجال الإنتاجات العربية المشتركة، ويصف ما يتم اعتماده راهناً بالخطأ الفادح لأنه مفتعل بحسب رأيه، ويقول: {ليس الهدف أن نجمع ممثلين من مصر وسورية ولبنان وليبيا عشوائياً في عمل درامي لبناني}، مشيراً إلى أنه من الضروري أن يتوافر سبب مقنع في مضمون القصة لجمع ممثلين من جنسيات مختلفة. ويعتبر أن إقحام ممثلين عرب في بعض القصص التي تعرض حالياً غير مقنع وغير منطقي.لا شك في أن الأحوال المتردية في بعض الدول العربية، خصوصاً في مصر وسورية، أكبر بلدين مصدرين للدراما، دفعت المنتجين إلى الانتقال إلى لبنان لما يتمتع به من جمال طبيعي وقدرات تمثيلية وإخراجية وغيرها، ما زاد من الأعمال العربية المشتركة التي كان لها الحيز الأكبر في السباق الرمضاني 2013. لا ينكر المنتج اللبناني مروان حداد أهمية هذه الأعمال المشتركة ودورها في الانفتاح اللبناني، إلا أنه يتخوف، في حال هدأت الأحوال في مصر وسورية، أن يشيح المنتجون بنظرهم عن لبنان والدراما اللبنانية، مذكّراً أنه حين تأممت السينما في مصر في عهد جمال عبد الناصر، جاء المنتجون المصريون إلى لبنان وعندما حلّت المشكلة في مصر تخلّى هؤلاء عن الممثل اللبناني.يضيف: {الشاشات المحلية تهمها مصلحتها، لا شك في أنه أسهل على الشاشة اللبنانية أن تشتري دراما عربية مشتركة تعرض في أكثر من شاشة عربية، من أن تشتري عملاً لبنانياً صرفاً، لكن هذا خطأ ولا يصب في مصلحة الدراما اللبنانية. كذلك على الممثل اللبناني الذي يتقاضى مبلغاً معيناً من منتج عربي، أن يعرف أن المنتج اللبناني لا قدرة لديه على دفع المبلغ نفسه، وبالتالي يجب أن يتحلى بوعي ليشجع المنتجين اللبنانيين ويعلي من شأن الدراما اللبنانية الصرفة، وأن يضع في رأسه أن المنتج العربي قد يتخلى عنه يوماً فيما المنتج اللبناني هو الذي يبقى له}.مغامرة«في الحياة من لا يغامر لا يفعل شيئاً» يؤكد مروان حداد، لافتاً إلى أن دخوله مجال الإنتاج الدرامي والسينمائي كان مغامرة بحد ذاتها، وأن استثمار ماله في حقل غير مدعوم ومهتز يشكل خطراً عليه، لكن إصراره على إعادة وضع الدراما اللبنانية على خارطة الدراما العربية وتطويرها دفعه إلى المغامرة والتحدي.يقول حداد إن الإنتاج اللبناني راهناً لا يقل عن أي إنتاج عربي، ففي مصر مثلا تقدم الدراما 40 مسلسلا ينجح منها خمسة، وفي لبنان المعادلة نفسها، لكن الفرق في الكمية. كذلك الأمر في سورية حيث ينجح عدد معين من المسلسلات فيما يفشل عدد كبير، بحسب تعبيره.يضيف: «نملك ممثلين جيدين ومطلوبين عربياً وكتاباً ومخرجين ومنتجين، لكن ما يهمنا الانفتاح على السوق العربي. أنا أول من باع أعمالا لبنانية إلى الشاشات العربية من بينها «أم بي سي» وغيرها، لكن من أجل العرض الثاني، لم نصل إلى مرحلة العرض الأول، وحين نقنع الفضائيات العربية بمسلسل لبناني بحت للعرض الأول، نكون قد بلغنا الهدف المنشود ودخلنا في منافسة حقيقية مع الأعمال العربية». يؤكد في هذا المجال على ضرورة «اضطلاع وزارتي الثقافة والإعلام بمهمة إقناع الدول الصديقة بشراء الأعمال اللبنانية كعرض أول على شاشاتها، ونحن نغطّي الخسارة في حال حصلت، هذا الأمر ساهم في تطور الدراما السورية، عندما كانت الدولة السورية تهتم بتسويق أعمالها الدرامية عربياً من خلال علاقاتها مع الحكومات فيها».المخرجة كارولين ميلان التي قدمت أعمالاً درامية مهمة آخرها «العائدة» في الجزء الثاني الذي عرض في رمضان الماضي، تقول إن الدراما اللبنانية تصعد السلّم درجة درجة وهي اليوم في مستوى مقبول، ولا شك في أنها ستنافس في السنوات الخمس المقبلة المسلسلات العربية، لذا تتفاءل بمستقبل الدراما اللبنانية التي باتت مطلوبة من الدول العربية.تضيف: «مشكلة الإنتاج ما زالت موجودة، ولطالما كانت العقبة أمام تقدم الدراما لأن المنتج في النهاية لا يريد الخسارة، ذلك أن مراكز البيع المحلية التي يمكن تسويق أعماله من خلالها محدودة ومعروف السعر الذي تدفعه على الحلقة، بالتالي نفتقد إلى الإنتاج الضخم الذي يساهم في إنتاج دراما توازي بعض الأعمال العربية التي تصرف عليها مئات الآلاف من الدولارات».ترى أن الدولة غائبة عن واجبها دائماً، وحتى شرط المبادلة الموجود ضمن قانون التلفزيون لا تعمل به، ولا تبذل أي مجهود في تسويق أعمالنا إلى الدول العربية، فيما الأعمال السورية اخترقت الحدود العربية، من خلال خطّة نفذتها الدولة. «أما في لبنان فالشعار هو ممنوع التسويق للبنان السياحة. مثلاً، حين أرغب في أن أصور في منطقة «سوليدر» في بيروت عليّ دفع 1200 دولارا يومياً لسبع ساعات تصوير، وكأن الدولة تقول لنا إنها لا تريد الترويج للسياحة اللبنانية».تجد ميلان مبالغة في مقولة إننا بلغنا مستوى التنافس مع الدراما العربية، خصوصاً أن عملية التنافس مرتبطة بكمية الإنتاج ونوعيته، حسب رأيها، وتوضح: «لدينا عدد محدود لا يتخطى أصابع اليد الواحدة من منتجي الدراما اللبنانية، لذلك لا تجوز مقارنة الإنتاج مع الدول العربية ومنها شركة MBC. من جهة أخرى، لا يمكن للمنتج أن يستفيد من عرض أعماله عبر المحطات الأرضية اللبنانية فحسب، لأن ذلك يفرض عليه تقليص كلفة الإنتاج ليستطيع بيع عمله والربح. بينما بيع الأعمال المحلية إلى محطات فضائية يؤمن ربحاً مادياً أكبر، لذلك هي حلقة مترابطة، أي بمقدار ما يستطيع المنتج احضار ممثلين عرب إلى أعماله، يستطيع في المقابل بيعها عربياً وبالتالي تأمين إنتاج أكبر}.حدود الحريةيلاحظ فادي ابراهيم أن العمل العربي ينفّذ بشكل يلائم حدود الحرية المسموحة في الدول العربية، وبالتالي من السهل تسويقه في البلدان العربية كافة، مما يمكّن المنتج من توسيع دائرة أعماله وتقديم أعمال ذات تقنيات متطورة وبإنتاج أقوى، فيما يضطر المنتج اللبناني إلى التقشف والتعاون مع بطلين أساسيين في مقابل ممثلين عاديين وتصوير الحلقة خلال يوم بدلا من ثلاثة أيام، ما يؤثر على مستوى العمل ككل. فتأتي النتيجة مقبولة محلياً من دون أن يباع المسلسل في الخارج، خصوصاً أن محطات التلفزة والدولة لا تهتمان بهذا القطاع.يتابع: {يضطر المنتج أمام هذا الواقع إلى أن يبيع المسلسل بمبالغ ضئيلة لا يستطيع من خلالها تحسين أعماله أو تطويرها. لذا نلوم الدولة والمحطات أولا على فشلنا في محاولة تحسين المستوى، بسبب العراقيل التي تحول دون تمكننا من بيع العمل في الخارج}.عن المنافسة في ظل الخليط العربي في المسلسلات يؤكد: {كان المنتج سابقاً محكوماً بتقديم أعمال محلية في غياب الفضائيات، فاقتصرت المنافسة على أبناء البلد الواحد، وفي مرحلة تسويق الأعمال المحلية في الخارج اتخذت المنافسة وجهاً آخر. ولكن مع ازدياد عدد الفضائيات أصبح المنتج يقدم عملا عربياً مشتركاً ويبيعه إلى الخارج لتصبح المنافسة بين المنتجين ومحطات التلفزة}.عقبة الإنتاجتشدد مرشيليان على أن الإنتاج هو العقبة الرئيسة التي تقف أمام منافسة الدراما اللبنانية البحتة للأعمال العربية، فمن أجل عرض حلقة على شاشة عربية معروفة يجب أن يوازي إنتاج الحلقة الواحدة 50 ألف دولار. لكنها لا تلوم المنتج، لأن المبلغ الذي تصرفه المحطات اللبنانية على الحلقة معروف، ولا يستطيع المنتج صرف آلاف الدولارات على الحلقة الواحدة ويقع في خسارة. من هنا ترى أن {الإنتاج العربي المشترك للدراما اللبنانية هو السبيل الأمثل لانتشارها وانتشار الممثل اللبناني، إلى أن نصل إلى مرحلة تقديم عمل لبناني صرف بنوعية عالية الجودة تنافس الأعمال العربية الأخرى التي يصرف عليها مئات الآلاف من الدولارات}.توضح مرشيليان أن مسلسل {وأشرقت الشمس} الذي عرض أخيراً على الشاشة يستحق العرض في الخارج، وهو أفضل من أعمال عربية كثيرة تعرض: {حتى إن عُرضت أعمالنا في عرض ثالث أو رابع، لا بد من هذه المجازفة للتقدم}. تلوم مرشيليان الدولة اللبنانية لإهمالها القطاع الفني وعدم مساهمتها في تطور نوعية الأعمال اللبناية كما يجب، تقول: {لبنان بلد صغير والتوترات الأمنية الحاصلة فيه تحدّ من سير عجلة الدراما، وتقلّص الإعلانات على الشاشات، ما يؤدي إلى أزمة حقيقية تواجهها الشاشات المحلية}.رغم هذه العقبات كافة تؤكد مرشليان أن الدراما اللبنانية دخلت مباراة الدراما العربية وليس احتلالها المرتبة الأولى أو الثانية أمراً ضرورياً، لأن من يحتل المرتبة الثالثة أو الرابعة يمكنه في المستقبل الوصول إلى المرتبة الأولى من خلال إصراره ومثابرته.إنتاج ومستقبليزخر لبنان بطاقات بشرية في المستويات الفنية كافة، من الكتابة والإخراج مروراً بالتقنيين والمصورين، وصولا إلى الممثلين إنما ينقصنا الإنتاج، برأي الفنان رفيق علي أحمد، «لا يمكن تنفيذ حلقة تلفزيونية درامية بمبلغ 15 ألف دولار فيما يشكل هذا الرقم أجر ممثل عربي».يضيف: «الدراما فن وصناعة أو بالأحرى صناعة الفنّ، وما ينقصها التمويل واستفزاز الجيل الجديد ليكتب بدلا من أن تقتصر النصوص على بضعة كتّاب يتعاونون مع شركات الإنتاج الثلاث في لبنان والفضائيات اللبنانية، فتبقى الدراما اللبنانية بين جدران القنوات المحلية».يشير علي أحمد إلى أن المشاهد العربي لم يتابع من المسلسلات اللبنانية سوى «روبي» و{جذور» لأن الجهات الإنتاجية التي نفذتهما تدرك كيفية تنفيذ أعمالها وتسويقها، ما يثبت أن الدراما اللبنانية جيدة وتنقصها طريقة تقديمها إلى المجتمع العربي لتنافس الدراما العربية، داعياً المنتجين إلى الإفساح في المجال أمام الكتاب الشباب والمخرجين الجدد ليعملوا، وأمام دخول منتجين جدد لتأمين مزيد من التمويل، وإحداث منافسة إيجابية تمهّد لتصدير الأعمال الجيدة وإعطاء صورة حقيقية عن لبنان.يرفض شكري أنيس فاخوري نظرية أن كل عمل عربي رائع وكل عمل لبناني مستواه متوسط، تكمن أهمية العمل الدرامي، برأيه، في قدرته على تسليط الضوء على مشكلة اجتماعية معينة ومعالجتها بطريقة راقية وحقيقية». لا شك في أنه في فترة زمنية معينة لم يعد للمنتج اللبناني أي دافع لاستثمار أمواله في الأعمال المحلية ما أضعف الدراما اللبنانية، لكن العودة اليوم إليها والإيمان بها يعيد خلط الأوراق، خصوصاً في ظل الأوضاع العربية الراهنة، يوضح شكري أنيس فاخوري في هذا المجال أنه حين تشتري شاشة لبنانية أكثر من مسلسل لبناني وتحقق نسبة مشاهدة مرتفعة، سينعكس الأمر على المحطات الأخرى التي ستقوم بالأمر نفسه فتبدأ المنافسة، ما ينعكس إيجاباً على الدراما اللبنانية والمنتج والجمهور وفريق العمل ككل».
توابل
الدراما اللبنانية متَّهمة بالضعف... ولكن!
30-01-2014