شددت الدكتورة سهام الفريح على أهمية إعادة النظر في محتوى المنهج الدراسي في وزارة التربية، مبينة ضرورة تشذيب بعض الأمور المنفرة لدارسي لغتنا العربية كالبكائيات والرثاء.

Ad

جاء ذلك خلال استضافة الفريح في رابطة الأدباء الكويتيين مساء أمس الأول، ضمن ندوة أدبية بعنوان «تجربتي بين كتابين»، حضرتها مجموعة من الأدباء والكتاب، وأدارتها الكاتبة منى الشافعي التي قدمت لمحة ذاتية عن الضيفة مستعرضة بعض المحطات المهمة في مشوار الفريح، مبينة تنوع مؤلفاتها في مجالات الأدب والطفل والمرأة وحقوق الإنسان.

بداية، أكدت سهام الفريح أنها تهتم كثيراً بفك طلاسم الماضي المغلق، معتبرة التوغل في التاريخ عسير ومرعب ومخيف، وتشدد على أن المناهج التقليدية المتخلفة تنفر الدارسين في مجال اللغة العربية، مبينة أن سبب انتقائها العصر العباسي للدراسة والبحث هو أنه مرحلة الحركات الفكرية والعلمية، والتطور، وترى أن الضعف السياسي لا يعني أنه سيترك ضعفا ثقافيا وفكريا، وهذا ما استطاعت استخلاصه من دراستها لهذه الفترة المهمة من التاريخ.

وأضافت الفريح: «أنا لا أركز على بنات جنسي تعصباً لهن بل رغبة في تسليط الضوء على إبداعات الشاعرات التي أغفلها المجتمع، ولفت انتباهي أيضاً خلال البحث أخبار كثيرة عن المرأة، وفي مقدمتها إجارة المرأة للرجل، وحرية اختيار المرأة لزوجها كما أنها لا تجد غضاضة في طلب الطلاق من زوجها، وتوقفت كثيراً عند السماحة والرحابة في هذه السلوكيات، كم مرة تساءلت عن جمال هذا الإرث لكن نحن للأسف نعيش في عصر رمادي ونصبغ بهذا اللون العصور كافة».

مظاهر الحضارة

وفي حديث عن أحد مؤلفاتها، أشارت الفريح أن البحث مستمر في هذا الإصدار منذ 15 عاماً، وقد اختلفت قناعتي في كثير من الأمور بفضل هذا النتائج التي توصلت إليها، وتبدلت نظرتي إلى فترة وأد البنات والسلب والنهب، فأدركت أن هذه الأمور مرتبطة في بقعة معينة لا تنسحب على كل المناطق العربية الشاسعة المليئة بمظاهر الحضارة.

وبشأن بعض المغالطات التاريخية، لفتت المحاضِرة إلى أن ثمة أحقادا لدى البعض حاول نفثها في كتاباته عن التاريخ العربي، مبدية أسفها لتأثر البعض بآراء المستعربين الذين دونوا جانبا من التفاصيل، وأردفت: «أن ثمة باحثين غربيين خدموا الأدب العربي، وقد قرأت في أحد الكتب المترجمة إلى العربية أن الناشر الغربي في العصور القديمة لا يتجرأ على طباعة ونشر إصدارات المرأة، لأن كتابة القصة أو نظم الشعر يعد سُبة في جبين المرأة».

وعن الحكم العثماني، تبين الفريح أنه خلال تلك الفترة تم عزل المرأة عن الحياة العامة، كما أن الجانب الفكري والثقافي شهد غياباً ملحوظا، وقد دخلت الأمة العربية في نفق مظلم.

إرث شعري

ثم فتح باب النقاش، وأثار المشاركون في الندوة مجموعة استفسارات حول مضمون المحاضرة، إذ أشارت الأديبة ليلى العثمان إلى أن المرأة الشاعرة في تلك الفترة كانت تتمتع بحرية كبيرة فقد قدمت قصائد غزلية في الرجل تتناول أمور دقيقة جداً، متسائلة عن سبب عدم تطرق الفريح إلى هذا النتاج، وما تصنيفها لجرأة الإرث الشعري فهل هو تعبير عن الذات أو مجون، كما أوضحت العثمان أنها زارت بعض الأماكن الأثرية في اليمن وعرفت من خلال أحد الأصدقاء هناك أنه حكم اليمن قديماً سبع ملكات وازدهرت الحياة الأدبية والتجارة آنذاك. واقترح رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية برابطة الأدباء الكويتيين الشاعر إبراهيم الخالدي إجراء دراسة بحثية عن واقع دور المرأة ومكانتها في فترة ما قبل الإسلام، مبيناً أن المنظومة القبلية كانت تعتد بالنساء وتفتخر بهن والأمثلة على ذلك كثيرة، لذلك تكمن أهمية هذه الدراسة في دحض بعض الأفكار المغلوطة والمعممة. أما أمين سر رابطة الأدباء الكويتيين الإعلامية أمل عبدالله فقد رأت أن المرأة تعاني الظلم في مسألة نشر وتوصيل نتاجها الشعري، وهذا الإغفال أدى إلى غياب الدور المهم التي كانت تمارسه المرأة في تلك العصور، كما أن القائمين على الترجمة والنشر لم يبذلوا جهداً في مجال البحث عن إرث المرأة الأدبي، وفي ما يتعلق بكثرة شعر الجواري مقابل ندرة أعمال الشاعرات الأخريات، توضح عبدالله أن هذا الإرث قيل بحضرة الرجال وفي مجالسهم لذلك تم تداوله.

وضمن السياق ذاته، قال الدكتور صلاح الدين أرقة دان أن المرأة كانت ضحية للصراع السياسي الذي استحكم فعله خلال الأزمنة الماضية، لافتاً إلى أن ثمة أشياء طمست لأسباب سياسية لا دينية، ووفقاً لهذا التعمد سلبت المرأة حقوقها.

وعن نتاج الشباب تمحور سؤال الكاتبة مريم فضل، مستفسرة عن الكتابات الشبابية ومدى أهميتها راهناً.

ومن جانبه، قال عبدالسميع أحمد، إن مفردة الحريم ليست تهمة، والنساء ينزعجن منها مع أنها في اللغة تعني ما حرّم فلا ينتهك.

يذكر أن الامين العام لرابطة الأدباء طلال الرميضي كرّم الدكتورة سهام الفريح لتقديمها هذه المحاضرة ضمن فعاليات الموسم الثقافي.