حسمت الاحزاب الشيعية العراقية، كما يبدو، أمر جيش المتطوعين، الذي لجأت إليه لتعويض انهيارات الجيش الحكومي، الذي تمكن بالكاد من وقف تقدم المسلحين قبل 100 كم شمال بغداد، فقد تحدثت المصادر الشيعية عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية تنسق مع الجيش الحكومي، لكنها قيادة منفصلة عنه، رغم عدم توافر صورة واضحة عن تفاصيل الأمر.

Ad

وقال مسؤول في منظمة بدر، التي يتزعمها وزير النقل هادي العامري، لـ"الجريدة"، إن آلاف المتطوعين ينخرطون يوميا في ما سمي بـ"الجيش الرديف"، وهم يقومون فعليا ومنذ أيام بعمليات نوعية للاشتباك مع مسلحي "داعش" وباقي التنظيمات التي قررت حمل السلاح بوجه حكومة نوري المالكي، في قطاع عمليات شاسعة المساحة، يمتد شمال بغداد بنحو 450 كم، ومن الحدود الإيرانية غربا نحو الحدود السورية على مساحة نحو 800 كم.

وأفاد المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، "لم نعد نثق بقدرة الجيش على حماية بغداد، لقد كان أمرا اضطراريا وافق عليه المالكي، وراح يتكيف مع وجود قيادة منفصلة عن ضباطه الذين خسروا المواجهة في الموصل وتكريت".

وتابع: "هناك حاليا غرفة عمليات في كل محافظة شيعية بما فيها بغداد، تدير جيش المتطوعين، وأركان هذه القيادة متعددون، فهناك ممثل عن منظمة بدر، والمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم، وعصائب أهل الحق، وننتظر أن ينضم إليها مقتدى الصدر الذي أعاد تشكيل جيش المهدي تحت عنوان سرايا السلام".

ويبدو ان إيران ليست بعيدة عن هذه القيادة العسكرية البديلة، التي يقول الشيعة إنهم اضطروا إليها لتلافي انهيار بغداد على يد مسلحي تنظيم "داعش"، وبدا ذلك واضحا حين تداولت وسائل الإعلام منذ أيام اسم النائب الغامض، والمقرب من "الحرس الثوري الإيراني" جمال جعفر محمد علي، المعروف بأبي مهدي المهندس، وهو قائد سابق لـ"فيلق بدر"، وملاحق من قبل عدد من الدول العربية والولايات المتحدة، لأنه متهم بالوقوف وراء عمليات إرهابية عدة منذ الثمانينيات.

ظهور أبومهدي المهندس، وهو يدير عمليات الى جانب الجيش الحكومي، وإصداره بيانا موقعا يدعو فيه الى التطوع للجيش الرديف هذا، يكشف درجة الحرج التي تعيشها الأحزاب الشيعية، التي كانت حذرة من إشراكه في ملف الأمن، مراعاة لكونه يثير قلقا أميركيا وعربيا، رغم وضوح دوره كحامل تقليدي لرسائل "الحرس الثوري" المسؤول عن ملف العراق، في مباحثات تشكيل حكومة المالكي الأولى والثانية.

وتقول الأحزاب الشيعية إن أي مساعدة عسكرية أميركية أو إيرانية ستنحصر في ضرب تنظيمات "داعش"، لكن المهمة تتعقد مع ظهور تنظيمات عديدة، بينها البعث ورجال القبائل، الذين يجتذبون مزيدا من التأييد داخل الأوساط السنية، ما يعني أن دائرة المواجهات المسلحة سرعان ما ستتسع، وستدخل لحظة الأخطاء والاتهامات المتبادلة، خاصة في المناطق المختلطة عرقيا ومذهبيا، مثل ديالى وبغداد.

ويزيد تعقيد الأمر عدم وجود تحرك جاد لإعادة مستوى الاتصالات والحوارات السياسية، بما يتناسب مع خطورة الموقف، خصوصا ان البلاد دخلت في فراغ تشريعي منذ الاسبوع الماضي، حين انتهت ولاية البرلمان السابق، وتحولت الحكومة الى حكومة تصريف أعمال، لكنها تحظى حاليا بكل الصلاحيات، عبر إعلان المالكي انه بدأ تطبيق قانون قديم للطوارئ "السلامة الوطنية"، ليتفادى رفض القادة السياسيين اقرار قانون الطوارئ الذي تقدم به قبل شهرين.