ما إن زفت "بيونغ يانغ" البشرى إلى سكان الكوكب الأرضي بأنه تم التجديد للرئيس المحبوب والمحترم كيم جونغ أون لولاية جديدة "من خلال انتخابات حرة وديمقراطية"، بالطبع، حتى خرج الشيخ حسن نصر الله من ضاحية بيروت الجنوبية بأن الرئيس بشار الأسد، ابن أبيه، سوف يخوض معركة الرئاسة في سورية، وأنه سوف يفوز مادام أن لا منافس له ومادامت "المعارضة" أثبتت أنها غير قادرة على الحكم.

Ad

لا أحلى ولا أجمل من هذه الديمقراطية، فالرئيس المحبوب والمحترم، الذي أطعم أحد كبار جنرالاته للكلاب المسعورة قبل فترة لأنه رفع حاجبيه في وجهه، هو ثالث مبعوث لعناية السماء خلال أكثر من ستين عاماً، فقد سبقه بانتخابات حرة وديمقراطية جده كيم إيل سونغ، صاحب نظرية "زوتشه"، أي الاعتماد على الذات ووالده كيم سونغ جونغ الذي كان من أهم إنجازاته التي لايزال يتغنى بها الكوريون الشماليون، رغم أنوفهم، أنه استطاع بمشاركة كل مهندسي بلده وكل عمالها أن يبني مسرحاً قومياً في قلب العاصمة بيونغ يانغ خلال ستة شهور فقط.

ثم إن هذا التداول على السلطة لا أحلى منه ولا مثيل له، فالرئيس بشار الأسد أعلن على لسان حسن نصر الله من ضاحية بيروت الجنوبية أنه لن يفرط بحكم ورثه عن أبيه بعد نحو ثلاثين عاماً، وأنه سيبقى يترشح لولاية جديدة بعد كل ولاية قديمة، وهو سيبقى يفوز بالطبع إلى أن يصل "الأمر" إلى حافظ الأسد الصغير الذي يقول "المُسَحجون" له إن كيم جونغ أون ليس أفضل منه حتى يرث ملك جده وأبيه بانتخابات حرة وديمقراطية لم يشهد الزمان مثلها لا في عهد عيدي أمين دادا ولا في عهد صدام حسين، الذي حسب البلاغ الذي أذاعه عزة الدوري، فإنه قد نال كل أصوات العراقيين بمن فيهم الذين فروا إلى المنافي البعيدة وسكان القبور المعروفة وغير المعروفة.

بالطبع فإن بشار الأسد سيفوز في هذه الانتخابات التي لن تجري إلا في القرداحة وفي ضاحية بيروت الجنوبية، فهو مكتوب على جبينه منذ لحظة ولادته "أنه رئيس للأبد" وكل هذا وهو ربما لا يعرف أن معظم المدن السورية خارج سيطرته وخارج سيطرة جيش حسن نصر الله وخارج سيطرة ميليشيات "أبو فضل العباس" و"النجباء" و"ذو الفقار"، وأنه ومعه هؤلاء جميعاً لا يسيطرون حتى على دمشق ولا على اللاذقية، ولكن رغم ذلك فإن هذه الانتخابات التي قرر إجراءها حزب الله ستكون انتخابات ديمقراطية وسيفوز فيها "ابن أبيه" بنسبة تتجاوز التسعة والتسعين في المئة.

كل الأرقام المتداولة على صعيد الهيئات الدولية المعنية تؤكد أن أعداد المهجرين السوريين في الخارج والداخل قد تجاوزت العشرة ملايين، وأن أعداد القتلى تجاوزت المئة وخمسين ألفاً، وأن أعداد المفقودين ونزلاء السجون لا حصر لهم... فكيف يحدث هذا والوضع هو وضع يمكن أن يتحدث عاقل عن انتخابات يمكن أن يفوز فيها بشار الأسد... اللهم إلا إذا كان المقصود هو اعتبار الدولة العلوية التي يجري الحديث عنها هي الدولة السورية واعتبار القرداحة المستهدفة الآن بصواريخ الجيش الحر هي بديل دمشق وهي العاصمة "الشرعية" لهذه الدولة!

في آخر رسالة بعث بها إلى ولي أمره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال بشار الأسد إنه ليس فيكتور يانوكوفيتش، وإنه لن يستقيل كما استقال الرئيس الأوكراني "السابق"، وهنا فإن الواضح أن الرئيس السوري الذي لم يعترف برئاسته إلا سيرغي لافروف والولي الفقيه في طهران وحزب الله وبعض العرب المتسترين، المؤلفة قلوبهم "لا يعرف أن بوتين هو من رتب "سيناريو" هذه الاستقالة كذريعة لاحتلال شبه جزيرة القرم وابتلاع مناطق أوكرانيا الشرقية وليتلاعب بخرائط بعض الدول الأوروبية!".