أكد الفنان التشكيلي فريد عبدال أن التنمية البشرية هي الاستثمار الحقيقي، لاسيما أنها أفضل من بناء العمارات الشاهقة، مشدداً أن المستقبل يصنعه الشباب المبدعون.

Ad

جاء ذلك ضمن جلسة فنية لملتقى الثلاثاء نظمها يوم أمس الأول، تحت عنوان «الكشف عن ساق الدهشة» استضاف فيها التشكيلي فريد عبدال في جمعية الخريجين، وتحدث من خلاها عبدال عن تجربته في الحرف العربي وانغماسه بالتشكيل.

قدمت الندوة الشاعرة سوسن دعنا، التي أكدت اصرارها على تقديم هذه الأمسية لأن هناك صداقة وصلة نسب تربطها بعبدال، وقالت: «قال علماء النفس نحن نداوي جروح الانسانية بالحب، وها نحن أمام مبدع يداوي ذائقتنا التي خدشها الجميع بالرتابة، لفنان أمسيتنا الليلة ركيزة متميزة يحمدُ من خلالها الله سبحانه على الجمال ويدعو إليه من خلال لوحاته الكثيرة، وحين الوقوف أمام أي لوحة من لوحاته تبدأ رحلة التذوق للجمال الظاهري، أقام مبدعنا فريد عبدال بين عامي 2004 و 2006 معرضيه الأول والثاني في غاليري فنون جميلة وتوالت معارضه بعد ذلك حتى كان آخرها في غاليري التلال، نُشرت أعماله في مجلات فنون متخصصة كثيرة، في عام 2008 أقام معرضه في واشنطن دي سي في قاعة «كيندي سنتر»، ومبدعنا عاشق للأدب العربي والبلاغة القرآنية يستمتع ويتلذذ بقراءة القرآن الكريم كشاعر متعبد متذوق، يقرأه كأدب بلاغي عظيم، فرسم أجمل اللوحات القرآنية الفريدة».

ثم شكر عبدال الفنانين التشكيليين والأدباء والجميع على الحضور، وأكد أن الحضور جميعهم يشتركون في شيء واحد سواء في الأدب أو الفن المرئي والمسموع، وتابع: «الفنون كثيرة ومن أبسط الأشياء يمكننا أن نخلق فناً، فالإبداع قد يكون موجودا في كل شيء، وعظمة الفن في عمقه حتى وإن كان صغيراً جداً، وأنا أتعاطف كثيراً مع الزملاء التشكيليين والملحنين لأنهم يشتركون في المعاناة نفسها ويعانون الأكثر على الاطلاق».

وتطرق عبدال إلى فن العمارة، لأنه سبق أن أنجز أربعين بناية في الكويت وخارجها، وعلل سبب تركه للعمارة بعبث المٌلّاك بهذه المنشآت، وأضاف: «قمت بإغلاق مكتبي بعد خمس عشرة سنة ممارسة وعدت إلى التدريس لأني أفضل بناء شباب مبدعين على بناء عمارات فاشلة».

وعن فلسفته الخاصة، رفض عبدال أن تكون هذه الأمور فلسفة وأكد انها تجارب حياتية عاشها منذ الصغر، فقد مر بتجارب قاسية وجارحة، منها أنه عندما كان صغيراً ويكتب باليد اليسرى واجه موجة انتقادات لاذعة وهو مازال في سن صغيرة وتسبب هذا الأمر بجرح نفسي مع مرور الزمن، وتابع: «عندما واجهت هذه الأمور طورت نفسي مع مرور الوقت بالكتابة باليد اليمنى فأصبحت أجيد الكتابة ببراعة في كلتا اليدين».

وأوضح: «الحالة الابداعية تتطلب من الشخص رياضة نفسية مستمرة، والفنان له حالة احساسية للشعور بالجمال، وإذا أتت هذه الفكرة الجمالية فيجب أن يقوم الفنان بتدوينها حتى لا تتبخر فيما بعد، ويجب ألا نخاف من التهم التي توّجه إلى الفنانين بوصفهم مشعوذين لأن الفنان يحمل رسالة هادفة، ومن يعمل على الفن الابداعي يجب أن يعمل من دون خوف ومن دون انتظار ردة فعل من الآخرين، فهناك الكثير من المشككين يقفون دائماً في وجه الابداع بحيث قاموا ببتر الجهة الأخرى من عقولهم، وكل فنان يصل إلى مرحلة لا يستطيع أن يكمل فنه بسبب الضغوط الخارجية والتجارب اليومية العاطفية والذهنية التي تقوم بالضغط على الفنان وهذا الأمر معاد كثيراً للفن، ويجب أن يستعيد الفنان مرحلة البراءة والطفولة حتى يحاول ازالة كل الضغوط التي يتعرض لها بشكل يومي ويكمل ابداعه، فعندما يتجه الفنان إلى محرابه الخاص عليه ازالة كل هذه الأمور وممارسة الأشياء التي تعيده إلى نفسه الحرة من جديد».