• يزور البلد هذه الأيام الرئيس التركي عبدالله غول، الذي يحسب له، رغم كونه عضواً في حزب العدالة والتنمية الحاكم، اعتراضه على عدد من تصرفات رئيس وزرائه أردوغان، كتعامله الفظ مع تظاهرات "تقسيم" أو قيامه بإغلاق "تويتر" أو "يوتيوب"، حتى وإن كانت هناك عدة تفسيرات لاعتراضه ذاك.

Ad

• لم أزر تركيا منذ قرابة عشرين عاماً، لكن إنجازات الحزب الحاكم واضحة على الأرض، حتى في المناطق الكردية مثل ديار بكر وماردين إلى سلوبي. نجاح النموذج الإسلامي الديمقراطي العلماني التركي كان مغرياً بإمكانية تصديره، لكن رغم إغراءاته فإنه لم ينجح في استنساخه أحد حتى الآن.

• ومع أن للإنجازات تأثيرها، إلا أن نتائج الانتخابات تعتمد على المزاج العام للناخبين في حينه، حيث الدور الأكبر تلعبه "الحملة الانتخابية المؤثرة"، وهي عنصر متغير. وحسب أستاذ علوم سياسية تركي فإن هذه الانتخابات تمت ضمن استقطاب حاد، وتحولت إلى "عناوين شخصية"، لذا كان الظهور الإعلامي المكثف لرئيس الوزراء أردوغان، لدرجة عدم حضوره تجمعاً انتخابياً قبل الانتخابات بيوم واحد بسبب فقدانه صوته.

• تزامن وجودي في مؤتمر بإسطنبول، مع إجراء الانتخابات البلدية، فكانت فرصة لا تعوض للاقتراب. ومع أن الانتخابات كانت "حامية"، إلا أن نتائجها كانت متوقعة بفوز حزب العدالة والتنمية، وهكذا كان. زرت عدة مراكز اقتراع في إسطنبول (أكبر تجمع انتخابي)، وتحدثت مع ناخبين ومسؤولي لجان انتخابية، كما استمعت إلى عدد من أساتذة علوم سياسية.

• ومع تباين الآراء إلا أن الاعتراض، كما يبدو، لم يكن بالضرورة على حزب العدالة والتنمية الإسلامي، في بلد دستوره علماني، بل على قيادة الحزب ممثلة بشخص رئيس الوزراء. فالخشية من أن استمرار القيادة الحالية يدفع بمزيد من المركزية، ويبتعد شيئاً فشيئاً عن القيم الديمقراطية، وبالتالي ضرورة تجديد الحزب لقيادته.

• بالطبع الحراك السياسي هو حراك صراعي بالضرورة، وتحدده على الأرض موازين القوى، وليس الأمنيات، ومادام الصراع يتم في إطار سلمي، ديمقراطي، يحترم الحريات، ويرسخ قيم العدالة والمساواة، فمن المتوقع أن ينعكس ذلك على الاستقرار والتنمية، سواء كان الحاكم إسلامياً أو علمانياً أو غير ذلك، وتركيا بالطبع ليست استثناءً لتلك القاعدة، وإلا تصح حينها مقولة لورد آكتون الشهيرة "السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة".