قلّما تمر السنة السادسة في عهد رئاسي من ولاتين بسلاسة... خبا الافتتان الأولي للشعب بالرئيس، كذلك زال الزخم الوجيز الذي سعى إلى اكتسابه بالفوز بولاية ثانية، وما عاد البيت الأبيض يحدد الأجندة، بل تفرض عليه الأحداث خطواته.

Ad

بالنسبة إلى رؤساء كثر (ريتشارد نيكسون، ورونالد ريغان، وبيل كلينتون)، شكلت هذه السنة مرحلة سيطرت خلالها الفضائح على عهدهم، ومع أن الرئيس أوباما أثار الكثير من الجدل، إلا أن هذا الأخير لم يتحول إلى فضيحة (هل يتذكر أحد مسألة مصلحة الضرائب الأميركية؟)، لكن إخفاق خطة الرعاية الصحية، التي أطلقها أوباما، كان له التأثير عينه المقوض للثقة.

وإذا اعتبرنا الماضي مؤشراً إلى ما يخبئه المستقبل، ندرك أن معضلة أوباما ستزداد سوءاً قبل أن تشهد أي حل، فانتخابات الكونغرس في منتصف الولاية تسلب عادة حزب الرئيس عدداً من المقاعد في ولايته الثانية، ما يصعب عليه تأدية عمله.

إذاً، هل يتمكن أوباما من تحدي النمط التاريخي وتحويل سنته السادسة إلى نجاح؟

لا تبدو المؤشرات الظاهرة واعدة، فقد استقبل الرئيس عام 2014 وشعبيته في أدنى مستوى لها في استطلاعات الرأي، فقد زعزعت فوضى برنامج الرعاية الصحية ثقة الناخبين بكفاءته ومصداقيته، ولن تختفي هذه المشكلة في المستقبل القريب. أخبرني مساعد في البيت الأبيض أخيراً، معتبراً تطبيق برنامج الرعاية الصحية من أهم ما على الإدارة الأميركية إنجازه: "ما زال علينا تخطي ملايين العقبات"، وإذا عُقدت انتخابات الكونغرس خلال هذا الشهر، فسيفوز الجمهوريون على الأرجح بالمقاعد الستة التي يحتاجون إليها للحصول على الأكثرية في مجلس الشيوخ، باسطين بالتالي سيطرتهم على كلا مجلسي الكونغرس.

رغم ذلك، ثمة أسباب عدة تدفعنا إلى الاعتقاد أن سنة أوباما السادسة لن تكون كارثية بقدر ما يتوقع نقاده.

أولاً، بدأ الاقتصاد يتعافى بقوة بعد الكساد الكبير، فقد أشارت مجموعة من التوقعات إلى نمو يقارب معدل الـ3% الجيد هذه السنة، مع تراجع البطالة ببطء إلى 6.5%.

تُلقى مسؤولية الأخبار الاقتصادية السيئة على عاتق الرؤساء، لكنهم يحظون أيضاً بالثناء نتيجة الأخبار الاقتصادية الجيدة، سواء كانوا يستحقونه أو لا، وإذا نجح التعافي الاقتصادي في الحد من البطالة، فسيحرم ذلك الجمهوريين من إحدى أبرز حججهم لإخراج الديمقراطيين من السلطة.

أما الوجه الإيجابي الآخر الذي قد يعزز موقف أوباما، فهو استقراره أخيراً على محور مركزي يجذب الناخبين المستقلين كما الديمقراطيين: الإنصاف الاقتصادي. أعلن الرئيس الأميركي الشهر الماضي: "خلال السنة المقبلة... عليكم أن تتوقعوا أن تصب إدارتي كل جهودها على هذه النقطة، فصار الاقتصاد أقوى مما كان عليه خلال فترة طويلة؛ لذلك يكمن التحدي الجديد في الحرص على أن يستفيد الجميع من ذلك، وألا تقتصر الفوائد على قلة قليلة".

في السياق ذاته، يخطط أوباما لشن معركة كبيرة بغية رفع الحد الأدنى للأجور الفدرالية إلى 10.10 دولارات في الساعة، ويشكل الحد الأدنى للأجور مسألة تقليدية مثيرة للجدل، مع دعم الديمقراطيين والمستقلين موقف أوباما وانقسام الناخبين الجمهوريين حولها.

تتبع أولوية أوباما المحلية الكبرى الأخرى، إصلاح قانون الهجرة، المسار عينه، فإذا نجح في تمرير التشريعات التي يتفق عليها الحزبان في الكونغرس، فسيحظى بالثناء. ولكن إذا أعاق الجمهوريون سبيل المهاجرين غير الشرعيين إلى الجنسية، فسيحرص على أن يتحملوا اللوم، خصوصا بين الناخبين المتحدرين من أصول لاتينية.

كذلك تأمل الإدارة الأميركية أن يتبدل الرأي العام بشأن برنامج أوباما للرعاية الصحية، "قانون الرعاية غير المكلفة"، في حين يبدأ الملايين ممن كانوا غير مؤمنين بالاستفادة من التأمين الجديد (أو من برنامج الرعاية الصحية الذي فازوا به أخيراً).

إذا كانت تجاربهم إيجابية، فسيقطع ذلك الطريق أمام خطة وضعها النائب بول ريان (جمهوري من ويسكونسن) وغيره لتقديم بدائل الحزب الجمهوري لبرنامج أوباما الصحي، ولكن كما حذر الرئيس الشهر الماضي، "إذا ألغي البرنامج، فسيُحرَم الناس من كل تلك الفوائد التي ينعمون بها راهناً".

علاوة على ذلك، قد تعزز السياسة الخارجية موقف أوباما بفضل حدث أُدرج منذ فترة على أجندة أوباما: سحب معظم الجنود الـ47 ألفاً المتبقين في أفغانستان؛ لذلك نتوقع سلسلة طويلة من احتفال الترحيب بالجنود العائدين مع نشر الأعلام والفرق الموسيقية واللقاءات العائلية المؤثرة، فضلاً عن خطابات أوباما التي تذكر الناخبين أنه وفَّى وعده بإنهاء الحربين، الذي قطعه عام 2008.

تحاول الإدارة أيضاً التفاوض بشأن صفقة نووية مع إيران (صفقة صعبة)، والسلام بين إسرائيل والفلسطينيين (مسألة أكثر صعوبة)، وإنهاء الحرب الأهلية في سورية (مهمة شبه مستحيلة)، ولا شك أن تحقيق التقدم في أي من هذه القضايا يُعتبر نجاحا غير متوقع.

أخيراً، تُعتبر 2014 سنة انتخابية، ولطالما بدا أوباما أكثر مهارة في إدارة الحملات الانتخابية منه في الحكم.

سيحاول الرئيس وحلفاؤه إبراز التناقض الأكبر (في مسائل الحد الأدنى للأجور، والهجرة، والرعاية الصحية، والتغييرات المناخية، وغيرها) بهدف تحفيز الناخبين الديمقراطيين. إذاً، ستكون هذه السنة حافلة.

من المرجح أن تسيطر على الكونغرس صدامات قوية، لا تناغم بين الحزبين، وإذا وقعت حركة "حفلات الشاي" الجمهورية في شرك أوباما، كما حدث سابقاً، فسيزعزع ذلك موقف الحزب الجمهوري في أعين ناخبين كثر.

ما من ضمانات تؤكد أن الرياح ستجري بما تشتهي سفن أوباما، فقد تُلحق حالة جمود أخرى بسبب سقف الدين خلال الربيع القادم الضرر بكلا الحزبين، كذلك قد يصطدم برنامج أوباما للرعاية الصحية بعقبات جديدة، وقد تتحول السياسة الخارجية إلى سلسلة من الإخفاقات.

لكن الرئيس يملك ورقة حلوة وأخرة مرة، فبخلاف السنوات الأولى المليئة بالحماسة من عهده، تبدو التوقعات لعام 2014 متدنية، وإذا نجح أوباما في تخطي سنته السادسة ببناء اقتصاد قوي، وتنفيذ برنامج برعاية صحية فاعل، وبقاء مجلس الشيوخ بين يدي الديمقراطيين، وتفادي أي كوارث جديدة، فسيكون قد أصاب النجاح وسيتمكن من الاستمرار ليحيا ويحارب يوماً آخر.

* دويل ماكمانوس | Doyle McManus