قام هو وجماعته بشن غارة همجية على مدرسة البنات الثانوية بمدينة شيبوك شمال نيجيريا وخطف 223 طالبة أثناء امتحانهن، وقادهن وهن مرعوبات إلى مكان مجهول، وعاد ليهدد ويتوعد العالم مفتخراً بأنه هو الذي خطف الطالبات وسيقوم ببيعهن كسبايا في السوق، وزعم أنه يطبق شرع الله تعالى فيهن، إنه قائد جماعة "بوكوحرام" النيجيرية، أبو بكر محمد شيكو.

Ad

 لقد صدم العالم شرقا وغربا بهذا العمل الإجرامي الشنيع، كما روع العالم الإسلامي الذي قامت منظماته وهيئاته ومنابره الدينية والإعلامية باستنكاره واستنكار نسبة هذا العمل المشين إلى الدين الإسلامي، لم يكتف شيكو بهذا العمل الإجرامي بل زعم أن تعاليم الإسلام تحرم تعليم البنات في المدارس، وتلزمهن ترك مدارسهن والتزام البيت والزواج.

 إنه لا يكتفي بإجرامه الوحشي وترويعه للفتيات البريئات، والتسبب في المعاناة النفسية الشديدة لأهالي المخطوفات الذين أصبحوا اليوم في حالة كارثية خوفاً على بناتهم ومصيرهن المجهول، إنه– أيضاً– يفتري على الله كذباً ويضلل جماعته بزعمه أنه يطبق شرع الله تعالى! مثله مثل من قال الله تعالى فيه "فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ".

 "بوكوحرام" جماعة مسلحة إرهابية وضالة، تنسب نفسها إلى الإسلام، وتزعم أنها تقوم بالجهاد في سبيل الله لتطبيق الشريعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحماية المجتمع من مظاهر الحياة الغربية، وهي مثلها مثل كل التنظيمات المشابهة المسلحة والضالة التي تدعي الجهاد وإقامة شرع الله تعالى، لكنها تعيث في الأرض فساداً وقتلاً، والدين والجهاد منها براء، قولاً واحداً.

 هذا التنظيم الإرهابي خارج على كل الثوابت الدينية والأخلاقية والإنسانية، انتهك كل المقدسات الدينية، واخترق كل القواعد الأخلاقية، وخالف جميع التعاليم الإسلامية القاطعة بعدم استهداف من لا يقاتل من النساء والأطفال والشيوخ والرهبان المسالمين، فكيف يكون عملهم جهاداً؟!

 لقد كسروا كل الثوابت الإسلامية الراسخة عبر 14 قرناً، فانتهكوا حرمة المساجد ودمروا الكنائس واعتدوا على المدارس والجامعات، وهاجموا مساكن الطلاب وذبحوهم وهم نيام، لم يسلم منهم أحد حتى مقر الأمم المتحدة في نيجيريا هاجموه وقتلوا 23 فرداً، ولم يراعوا حرمة لمكان أو لشهر مثل رمضان، ومنذ عام 2009 و"بوكوحرام" تفسد وتدمر وترتكب المجازر التي أودت بآلاف النيجيريين الأبرياء، وكل ذلك تحت مزاعم أنهم يقومون بالجهاد، ويطبقون شرع الله تعالى، ويحمون المجتمع من غزو الفكر الغربي!

 لقد أسالوا دماء غزيرة وعاثوا في الأرض فساداً تحت مفاهيم ضالة عن الجهاد، هذا المفهوم الضال للجهاد هو السمة الأساسية المشتركة بين كل هذه التنظيمات الإرهابية التي تدعي الجهاد فتقتل وتروع الآمنين، وهو المفهوم الذي تعلموه في مدارس دينية على يد مدرسهم الواعظ محمد يوسف، زعيم "بوكوحرام" الذي قتل و600 من أتباعه عام 2009 على يد القوات النيجيرية إثر تمردهم وقيامهم بهجوم مسلح على مراكز شرطة وكنائس وسجون، واختطاف ضباط وإحراقهم، احتجاجاً على التعليم في المدارس الحكومية بزعم أنه تعليم غربي مستورد.

 وكما ولدت "طالبان" أفغانستان من رحم المدارس الدينية، وكونت مدارس مسلحة وخرجت باسم الجهاد في سبيل تطبيق الشريعة، وكانت أكبر أعداء تعليم المرأة وعملها وخروجها ضد كل الأقليات الدينية الأخرى، وجميع مظاهر التحديث، كذلك ولدت "بوكوحرام" من مجموعة من طلاب المدارس الدينية الذين لا يزيد عددهم على 200، وكونوا جماعة مسلحة بقيادة الملا محمد يوسف، وأقاموا معسكراً للتدريب وبدؤوا بشن هجمات ضد الكنائس ومراكز الشرطة والحفلات المختلطة؛ بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتخليص المجتمع من الفسق والفجور.

 لقد روع العالم من قبل بإجرام طالبان وضلالاتها في إصدارها مرسوم المحرمات وتهديدها لطالبات المدارس، كما روع بأعمال "المحاكم" الصومالية وحركة "الشباب المجاهدين" الصومالية التي فجرت عشرات الصوماليين الذين كانوا يشاهدون نهائي كأس العالم في يوليو 2010، وقيامهم بأعمال القرصنة ضد السفن العابرة في منطقة القرن الإفريقي، إضافة إلى تجارة اختطاف الرهائن المربحة لدى كل هذه التنظيمات الضالة.

 لكن إجرام "بوكوحرام" وضلالاتها فاقا كل جرائم التنظيمات المشابهة وضلالاتها، بخطفهم لطالبات مدارس والتهديد ببيعهن كسبايا، والزعم بأن ذلك تطبيق لشرع الله تعالى، هؤلاء جميعاً ينطبق عليهم قول الله تعالى في محكم كتابه "الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا".

* كاتب قطري