إطلاق المتهمين بخطف التركيين يفتح الاعتراض على تسييس القضاء اللبناني

نشر في 23-10-2013 | 00:01
آخر تحديث 23-10-2013 | 00:01
تركت عملية إخلاء القضاء اللبناني سبيل الثلاثة المتهمين بخطف الطيارين التركيين اللذين أفرج عنهما في إطار صفقة إطلاق المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز ردات فعل مستنكرة في أوساط "قوى 14 آذار" وقسم من الرأي العام اللبناني في موازاة ارتياح لدى حزب الله وحركة أمل والبيئة الحاضنة لهما.

وبينما اعتبر معارضو إطلاق سراح المتهمين بالخطف أن ما أقدم عليه القضاء يسيء الى صورة لبنان العربية والدولية عموما، والى صورة القضاء نفسه خصوصا ويصب في خانة وجهة النظر القائلة بعدم استقلاليته في الظروف الحاضرة، وبتأثره بالضغوطات والظروف السياسية والأمنية السائدة، رأى أنصار حزب الله وحركة أمل ومؤيدوهما أن قرار القضاء جاء نتيجة طبيعية للآلية التي أفضت الى حل مشكلة المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، وبالتالي فإن القضاء اللبناني تصرف بموجب "مصلحة الدولة" بعيدا عن المفهوم الضيق للنصوص القانونية وهي آلية تلجأ إليها كل دول العالم عندما تسعى الى حل مشكلة ذات بعد سياسي ولو ارتدت طابعا جنائيا.

في المقابل، يرى المعارضون لقرار القضاء والمتحفظون عنه أنه كان بالإمكان إيجاد مخرج أكثر لياقة وأقل ضررا بصورة لبنان والقضاء من خلال الإسراع في المحاكمات وصولا الى حكم ينطق به القضاء من خلال اجتهادات تسمح بحل القضية بشقها السياسي، أو من خلال إصدار حكم يكون القضاء من خلاله قد قام بواجبه وحافظ على مصداقيته على أن يترك للسلطة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية إصدار مرسوم عفو خاص عن المتهمين وفقا للصلاحيات التي يمنحه إياها الدستور اللبناني.

ويتساءل المعترضون والمتحفظون كيف يمكن للقوى الأمنية والعسكرية أن تتسلم مخطوفين من خاطفيهم بكل بساطة ومن دون مجرد استجواب الخاطفين أو أولئك الذين نقلوا المخطوفين من خاطفيهم؟ وكيف يجوز للضابطة العدلية أن تغض الطرف عن "جرم مشهود" على مرأى ومسمع منها وفي حرم مقراتها؟

غير أن مصادر قضائية تعتبر أن إخلاء سبيل الموقوفين الثلاثة لا يعني إقفال الملف، لأن ما حصل هو "إخلاء سبيل بكفالة مالية"، وليس منع محاكمة أو إقفالا للملف. وتوضح أن الملف لايزال مفتوحا وأن التحقيقات سوف تبقى مستمرة وصولا الى قرار اتهامي تتم إحالته الى المحكمة المختصة لتصدر حكمها فيه. وتضيف أن أي جديد يمكن أن تكشف عنه الاستجوابات والمعطيات التي يتضمنها الملف لا يمكن للقضاء ان يتجاوزها في شكل اعتباطي ومزاجي، ولكنه سيعتمد الآليات القانونية الشفافة تاركا للسياسيين والسلطة التنفيذية القيام بما يرونه مناسبا في ظل الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وتختم المصادر القضائية بتأكيد جانب مهم من العمل القضائي يتمثل بقناعة القاضي وحقه في الاجتهاد والتعاطي مع المصلحة الوطنية العليا والأمن القومي اللبناني، وهو جانب لا يمكن إغفاله من دون أن يعني ذلك تسييسا للعمل القضائي بالمفهوم الضيق للكلمة.

back to top