فن عظيم = حضارة عظيمة
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
الفن العظيم يحفر وينحت وجوده في ذاكرة كل من قرأه أو شاهده، وهذا أكبر مثال على ذلك، فمنذ قراءتي الأولى وإلى زمن هذا العرض، لم يمح ولم تغب تفاصيله عني، فما أعظم هذا الفن عندما يأتي بأصالته ليُخلد فيها إلى أبده.بعده يأتي مشهد الحروب الدموية التي غيرت حياة روسيا القيصرية ونقلتها إلى الطبقة العاملة الكادحة، بعد ما امتلأت ساحات روسيا بالدماء والمعارك والفتن، وأيضا جاءت الكتابة العظيمة التي خلدتها رواية الحرب والسلام لتولستوي ورواية «د۔زيفاكو» لمؤلفها بوريس باسترناك الذي نقل لنا بشاعة الحرب الروسية والموت المجاني الذي طال الجميع فيها، فمن يستطيع أن ينساها؟ مشاهد نُحتت على ذاكرة التاريخ الفني الإنساني العالمي وليس الروسي فقط، هذا فن بات ملكا عاما، لذا بمجرد عرضه في الساحة قفز في الذاكرة الجمعية لكل من شاهده، سواء كان جالسا في العرض أو عبر شاشات الفضائيات العالمية.هذا هو الفن العظيم الذي يخلق حضارات عظيمة، فهل مازال هناك من ينادي بوأد الفن؟نحن من غيره شعوب بلا ذاكرة، ولن يتبق منا شيء يشار إليه بالبنان ليميزنا ويفرقنا عن الآخرين، لقول هذه هي حضارتنا التي خصنا بها فننا العظيم، فما هي الذاكرة التي ستحملنا لنصطف مع حضارات العالم المميزة الخالدة؟العرض الروسي جعلني أتحسر علينا، فلا شيء رائد أو مبتكر في أي مجال كان، نستطيع أن نفرح ونحن نفاخر الدنيا به، والظاهر أنه لن يكون، طالما أن هناك من يحرم الموسيقى وبقية الفنون حتى نبقي في نهايتنا شعوب ممحية من لوح الخلود، فنحن لا نملك موهبة الإبداع والابتكار، وهذا واضح في كل احتفالاتنا سواء كانت العربية أو الخليجية، فهي ذات التكرار والإعادة، وهذا الشيء ملحوظ في احتفالاتنا في الكويت، فهي نفس الخطوات الراقصة أو بالتحديد هي خطوة واحدة يتيمة محفوظة عن ظهر غيب ثم يعقبها صرخة هيا، وتكرر هذه الخطوة بكل الرقصات مهما كان ما تعبر عنه، صحراء، بحر أو مدينة، أو بشر ثم صرخة الهيا، وخلصنا، ويلاحظ بشكل واضح في فيديو شركة زين الأخير، وكان باستطاعتهم الإتيان بمدرب أجنبي يستنطق التراث من جديد.بينما الحيرة تأخذنا في كل دورة عرض عالمي تذهلنا وتجعلنا نتساءل: ما الذي تبقى ليأتي به الذي حل عليه الدور القادم؟