كاد أخ عزيز من أنبل الناس في هذا البلد وأنظفهم وأخلصهم أن يفحمني، فقد كتب يقول إنه لا مجال لتطوير الفساد بالبلاد أبعد مما وصل إليه لأنه بلغ مداه، وجاء بمقارنة لطيفة تبين أن الفساد بلغ 100% ولم يعد للتطوير من مجال، وأنا أوافقه على رأيه كما أوافقه أن الفساد عندنا لا يحتاج لمن يعلمه كيف يفسد، ولكنني إنسان طموح وأريد الأفضل دائما وقصدي من خطة التطوير بلوغ مستوى التميز، أي أن نسبق غيرنا في الأداء والوسائل والنظم وتحقيق النتائج.

Ad

فإذا كانت الكويت لم تصبح البلد الفاسد رقم واحد في العالم فإن من حق بلدنا على المخلصين من أبنائها الفاسدين تحقيق الموقع الأول، ولو وصلنا إلى الموقع الأول فإن المسافة بينها وبين الثاني يجب أن تكون بعيدة بحيث لا يستطيع أحد اللحاق بنا ونظل نفخر بفسادنا إلى آخر العمر، مع أنه من المؤكد أنه بهذا النجاح لن يطول العمر إلا لمن رتع وتمرغ بمزايا الفساد وهداياه وعطاياه.

ولذلك أنصح كل الفاسدين المفسدين في هذا البلد ومن لحق بهم من المرتزقة وجامعي قمامتهم أن يسارعوا إلى تطوير أدواتهم وأساليبهم، فلا يكفي تحويل كل أمنية عند الناس إلى مشروع كاسب وخائب وبالأسلوب البطيء الذي يتبعونه الآن، فكثير من مشروعات الكويت تأخذ وقتاً طويلاً في التخطيط والإعداد وتحديد من له الدور من النخبة، وعادة ما يدب صراع خفي بين الأحباب لأخذ الدور مما يؤجل البتّ في بعض المشروعات، وفي المشروعات الضخمة يكون توزيع الحصص مزعجا ويتطلب تمهيداً ودهن سير وتذليل عقبات يصل في أحيان إلى رشوة نواب ومسؤولين في مواقع حساسة، ويصل الأمر إلى صراع مكشوف في هذه المشروعات الضخمة قد يؤدي كما أسلفنا إلى إلغاء المشروع أو تأجيله حتى لو تحملت خزينة البلاد مئات الملايين.

لذلك فإن نجاح عملية تطوير الفساد وتنميته في بلدي يحتاجان إلى الاتفاق على الأهداف العليا والغايات السامية لخطة التطوير واتخاذ إجراءات سريعة وناجزة تضعنا في مقدمة دول العالم فساداً في كل مراحل الفساد تخطيطاً وإدارة وتنفيذاً. وسنبهر العالم بعدد المباني والشوارع والمشروعات الكبرى التي تكلف أضعاف مثيلاتها في العالم، وتقل أعمارها وبقاؤها أضعاف أضعاف مثيلاتها في العالم.

إن خطتنا للتفوق على كل فساد العالم وتحويل الكويت إلى مركز عالمي للفساد تتم فيه الأعمال بيسر ودقة وهدوء وحماية وسرعة يتطلب منا الأخذ بالإجراءات التالية:

1- تعديل دستور البلاد لإلغاء كل مواد الرقابة النيابية وغيرها من بنود، فقد ثبت بالدليل القاطع عدم الحاجة لهذه المواد وعدم جدواها، فما دام بعض النواب يمكن شراؤهم وما دامت كل وسائل الرقابة المسبقة واللاحقة يمكن التلاعب بها أو التحايل عليها، فإن تعديل الدستور سيوفر وقتاً وجهداً في عملية إقرار المشروعات والمناقصات.

2- إلغاء لجنة المناقصات وديوان المحاسبة، فقد ثبت أن هذه الجهات معطلة للمشروعات، وديوان المحاسبة يثير لغطاً لا داعي له ويسيء إلى سمعة الكويت الفسادية. من المفترض في الدولة التي تتسيد العالم في الفساد أن فسادها مسكوت عنه لا يثير أي ضجة لا داعي لها وأن شعبها عليه التسبيح والتمجيد لما وصلت إليه البلاد من مكانة. ووجود ديوان المحاسبة إزعاج لا داعي له، ومن المستحسن اتخاذ خطوات أبعد وأكثر تأثيراً في نجاح خطط التطوير، وذلك باللجوء إلى تعديل الدستور وقانون انتخاب مجلس الأمة، بحيث يصبح ربع أعضاء مجلس الأمة فقط بالانتخاب والباقون بالتعيين المباشر. وأرى أن ترك الربع للانتخاب جيد لاستكمال ديكور الديمقراطية، صحيح أن ما لدينا الآن ما زال ديكوراً غير فاعل لأنه تحت أنف وبصر معظم مجالس الأمة مر كل أنواع الفساد، بل شارك فيه بعض النواب، ولم نرَ أحداً وقع أو سجن أو أصيب بجلطة أو على الأقل استقال احتجاجاً، لكن عملية الإسراع والتطوير لفسادنا الحبيب يتطلب الخلاص من مركز قد يسبب بعض القلاقل لو توحدت كلمة نوابه.

3- استقلالية القضاء أعطت فرصة للمغرضين الحاسدين الذين لم يحصلوا على أي من مشروعات الدولة رغم إمكاناتهم أن يلجأوا للقضاء للشكوى والشوشرة على نخبة الفاسدين المفسدين، وما دمنا نريد التقدم في الفساد فإن إعادة النظر في استقلال القضاء تكون واجبة. وبالتالي يصبح تعيين القضاة من مهام النخبة بحيث يكون القاضي تحت رحمة من لا يرحم، وبذلك لا تتأخر المشروعات بسبب المداحرات والمنافسات الشريفة لا سمح الله.

4- الإسراع في استكمال الحكومة الإلكترونية، وهو مشروع يتم ببطء شديد الآن للاختلاف على من يقوم به من الألف إلى الياء. من مصلحة عملية التطوير أن ينجز هذا المشروع وعلى أفضل مستوى بغض النظر عن التكلفة، وذلك لحاجة نخبة الفساد إلى إنجاز معاملاتهم بسرعة بعيدا عن الروتين الحالي.

5- تفعيل مركز الفساد الكويتي وتقويته في منظمات الفساد الدولية، وبالذات في الدول العظمى، نحن نعلم أن الفساد أصبح عالمياً، وأن الشركات العالمية تشجع النخب النافذة  على الفساد، وتتشارك معهم في منافعه، وأصبح سفراء بعض الدول وسطاء للشركات العالمية للحصول على المشروعات أو تسويق وبيع منتجاتها، حتى إنك تستطيع أن تعرف من هو وكيل أي منتج في أي بلد، وكم هو سعر المنتج في بلد أقل فساداً وسعره في بلد أكثر فساداً، والكل يعرف أن فرق السعر يذهب للوكيل، ومن يرشوه الوكيل ومن يشارك ويفتح الأبواب للوكيل.

إن الالتصاق بمنظمات الفساد الدولية يضع نخبنا في مصاف الفاسدين في الدول الكبرى وفي حمايتها ورعايتها وإن كانت التجارب تثبت أن هؤلاء لا صديق دائم لهم، وأن المصلحة تأتي أولاً وأخيراً، وبإمكانهم التخلي عن أصدقائهم لو ظهرت لهم مصلحة أكبر مع فاسد أكبر.

6- توجيه وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ووسائط الاتصال الاجتماعي وخطباء المساجد وجمعيات النفع الخاص لتحفيظ الناس ودعوتهم إلى الإكثار من الدعاء ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً بألا يغير الله علينا ولا يحرمنا من نخبنا الفاسدة، وأن يطيل أعمارهم ولا يرينا فيهم يوماً أغبر.