الحكومة، كما ينص الدستور، هي التي ترسم السياسة العامة وتنفذها، ودور مجلس الأمة كسلطة تشريعية هو تشريع القوانين اللازمة، ثم مراقبة عملية التنفيذ ومساءلة الحكومة إن تطلب الأمر ذلك؛ لهذا فمن المستغرب أن يُنظّم المجلس، وهو سلطة تشريعية، مؤتمراً للإسكان يدعو فيه ممثلي الجهات التنفيذية (الحكومة) والتمويلية والإنشائية والعقارية (القطاع الخاص) إلى الحديث حول خططهم وتطلعاتهم لحل المشكلة الإسكانية، مع أن هذا الأمر لا يدخل في صلب اختصاصات المجلس، فالحكومة كسلطة تنفيذية يفترض أن تقدم للمجلس سياستها أو "فلسفتها الجديدة"، إن وجدت، لمعالجة القضية الإسكانية بعد أن تكون قد جمعت المعلومات والبيانات والإحصاءات اللازمة، واستطلعت جميع الآراء ذات العلاقة بما فيها مساهمة القطاع الخاص، وحددت بدائلها وبحثت السبل الكفيلة بتنفيذها.

Ad

بكلمات أخرى الجوانب الفنية وتلك المتعلقة بالتخطيط والتمويل والتنفيذ من اختصاص الأجهزة الحكومية، أما الجوانب المتعلقة بالتشريع والرقابة على تنفيذ السياسات العامة فمن اختصاص مجلس الأمة.

هذا هو المفترض نظرياً ودستورياً ولكن ما يحصل في مجلس "الصوت الواحد" هو عكس ذلك تماماً، حيث إن أعضاءه (أو المجلس كمؤسسة) يتصرفون وكأنهم جهاز فني حكومي بدءاً من قيامهم بالزيارات الميدانية المنقولة إعلاميا للمواقع الإنشائية وصولاً إلى عقد مؤتمر يعرض مشاريع فنية وتجارية تتعلق بالإسكان، وهو ما أكده وزير الإسكان عندما صرح لوسائل الإعلام أثناء انعقاد المؤتمر بأن "الإسكان قضية الكويت الأولى ومؤتمر الإسكان لبحث حلولها الفنية"، فما علاقة المجلس ببحث الحلول الفنية؟! هل تخلى المجلس عن دوره المؤسسي ووظائفه الأساسية وتحوّل إلى جهاز فني حكومي؟!

حتى لو افترضنا أنه كان هناك حاجة إلى اطلاع أعضاء المجلس على الخطط الفنية للحكومة المتعلقة بالإسكان فإنه يفترض أن تدعو لجان المجلس المتخصصة ممثلي الحكومة لمناقشتهم حول الخطط المستقبلية، ثم يطرح الرأي النهائي على المجلس للمناقشة واتخاذ ما يراه مناسباً بما في ذلك إلزام الحكومة تعديل خططها ومساءلتها في حالة تقصيرها في عملية تنفيذ القوانين.

من المؤسف أن يتحول مجلس الأمة كمؤسسة دستورية وسلطة تشريعية بعد "الصوت الواحد"، وكأنه جهاز فني استشاري مثله مثل أي جهاز فني حكومي بدلاً من إلزام الحكومة تقديم خطة تنموية حقيقية تحتوي على برامج وسياسات عامة وواقعية ثم إلزامها تنفيذها.