رشدي أباظة... الرجل الأول: شقاوة رجالة (25)

لم يكن أمام سمير صبري سوى أن يرحب بدعوة رشدي أباظة وزوجته إلى العشاء، واقترض بعض المال من صديق له، ليكون «احتياطي استراتيجي» عند اللزوم. وقبل الموعد المحدد، سبقهما إلى الأوبرج وحجز طاولة، واتفق مع النادل على ألا يفرط في الأطباق والسلطات.

وصل رشدي وسامية إلى الأوبرج، ورحب بهما سمير مع الحضور، بما يليق بنجمين كبيرين في مكان عام. أشار سمير إلى النادل ليحضر ما اتفق معه عليه، غير أنه فوجئ برشدي، يطلب مزيداً من الأطباق والسلطات، وكلما أحضر النادل طبقاً جديداً، اضطربت أمعاء سمير، لدرجة أن صوتها كاد يرتفع مع صوت موسيقى المكان. وراح يحسب ماذا سيتبقى من مال معه، حتى تخطى ما طلبه رشدي ضعف المال في جيب سمير. أما ما كاد أن يقضي عليه تماماً، فهو عندما طلب رشدي الشراب، الذي وصل إلى ثلاث زجاجات. بعدها، وقف رشدي وشكر سمير وأخذ سامية في يده واتجها إلى باب الخروج، فكاد أن يقع سمير مغشياً عليه، غير أنه تمالك نفسه ولم يجد بداً من الحديث مع رشدي، فإذا كان لا بد من «فضيحة» فستكون أهون كثيراً مع رشدي، من أن تحدث في مكان عام، يمكن أن ينتهي فيه الأمر باقتياده إلى الشرطة:

* أستاذ رشدي... أستاذ رشدي... لحظة واحدة من فضلك.

- أيه يا سمرة يا حبيبي... في حاجة؟

* أيوا... بس أنا مش عارف أبدأ معاك إزاي.

- يا راجل وفر أي كلام. أنا وسامية اللي لازم نشكرك على العزومة والسهرة الجميلة دي.

* أيوا... شكر إيه يا أستاذ مافيش تكليف. اللي في جيبي في جيبك... واللي في جيبك المفروض يبقى في جيبي.

- هاهاها... مش بقولك يا سامية... دمه خفيف أوي.

* يا أستاذ أنا أصلا مابقاش عندي ولا نقطة دم. أنا عايز أقولك على حاجة بس محرج جدا وفي نص هدومي.

- سمرة. أنا ماعنديش استعداد أسمع أي كلام دلوقتي... ما تطيرش الكاسين. يلا سلام نتكلم بكره في البلاتوه.

* لا يا أستاذ... ماهو أنت لو مشيت دلوقت أنا مش هاجي بكره البلاتوه... حضرتك اللي هاتجيب عيش وحلاوة وتجيلي «الكراكون».

- ليه في إيه؟

* يا أستاذ الحساب تمانيه وستين جنيه... وأنا كل اللي في جيبي اتنين وعشرين جنيه.

- هاهاهاهاها... الحساب والبقشيش اندفعوا يا سمرة... تصبح على خير.

 كرم أباظي

لم يكن درساً لسمير صبري، بقدر ما كان مقلباً من مقالب «الفتى الأول» في كل أبناء جيله، والجيل التالي لهم، فقد حرص رشدي أن يقترب من الجيل الجديد ويمد له يده، مثلما فعل معه أساتذته من الجيل السابق، غير أنه لم يكن يستطيع أن يمنع نفسه من عمل «المقالب» فيهم، سواء بشكل فردي أو جماعي، واللجوء إلى الحيل للإيقاع بهم في شراكه عند اللزوم. ولم يكد سمير صبري يخرج من «المقلب» الذي أوقعه فيه، حتى نصب له شركاً جديداً، غير أنه لم يكن بمفرده هذه المرة، بل جمع معه بقية الفنانين والفنيين العاملين معه في فيلمه الجديد «هو والنساء» الذي شارك معه فيه هند رستم وعبد المنعم مدبولي وحمدي أحمد ومديحة كامل وناهد شريف وسهير الباروني، من إخراج حسن الإمام، ومعهم نجوى فؤاد كممثلة ومنتجة للفيلم.

لم يكن خافياً على أحد في الوسط الفني كله، الكرم الأباظي الذي يتمتع به رشدي، سواء مع العاملين من الفنيين والعمال في أي فيلم يعمل فيه، أو مع زملائه من الفنانين، الكبار والصغار على حد سواء.

كانت المشكلة الكبيرة التي تؤرق رشدي انشغاله الدائم بشكل كبير، بسبب كثرة الأفلام التي  تعرض عليه، وكان يرفض عدداً مثلها، فلم يكن يكفيه اليوم بعدد ساعاته الأربع والعشرين للعمل في الأفلام التي ارتبط بتصويرها، ولا شك أن وقت أحدها كان يأتي على حساب الآخرين، فاهتدى إلى حيلة يقوم بها عند اللزوم، إذا أراد أن يلغي يوم تصوير أحد الأفلام، للوفاء بالحضور في فيلم آخر في نفس اليوم.

بدأ رشدي مخططه في اليوم السابق على التنفيذ، مع نجوى فؤاد منتجة «هو والنساء» مع نهاية التصوير في هذا اليوم، وقف في وسط المسرح وأمام جميع الحضور من فنانين وفنيين وعمال وهتف بأعلى صوته:

- يا مدام نجوى. أرجو أنك تنبهي على مدير الإنتاج إن بكره إن شاء الله مافيش بيريك (وجبة غداء).

* ليه يا أستاذ دا لسه فاضل تلاتة أشهر على رمضان... هاتخلينا نصوم من دلوقت.

- هاهاها... ما أنا عارف يا روح قلبي. بس ماتخلهوش يجيب بيريك علشان أنا عازم الطقم كله ع الغدا.

* الله... بس يبقى الغدا عدس أباظي. بصراحة أنا سمعت عنه كتير ونفسي أدوقه يا رشدي.

- وأنا عند قولك... بس المهم الكل يبقى موافق على العدس الأباظي علشان عاوز الكل ياكل... ويطلع حد ما بيحبش العدس.

= صاح الجميع مرددين: يعيش العدس الأباظي... يعيش... يعيش.

لم تكن صداقات رشدي مقصورة على الفنانين والمخرجين والكتاب والمؤلفين، بل اتخذ كثيراً من الفنيين والعاملين أصدقاء له، كان من بينهم «دنجل» عامل الإكسسوارات، الذي اتفق معه رشدي أن يحضر له قطعة «مخدرات» ولم يتردد دنجل، ولم يسأله عن السبب، بل أحضرها له في مساء الليلة نفسها، وما إن انتهت سامية جمال من الإشراف على صنع العدس الأباظي مع «الطباخين» حتى جاء دور رشدي، فوضع قطعة المخدرات في العدس، وأذابها كي لا يظهر مذاقها وسط «البهارات» وخلطة العدس السرية.

في الموعد المحدد، حضر رشدي بأواني العدس الأباظي في سيارته وكومة كبيرة من الصحف، فرشها على أرض المسرح ووضع أطباق العدس، ثم دعا الجميع، وحرص على أن يمر عليهم فرداً فرداً لدعوتهم لتناول الغداء، ومن امتنع أصرَّ على دعوته وأن يتناول ولو ملعقتين فقط.

لم تمر دقائق على تناولهم «العدس الأباظي» بخلطة رشدي السرية، بداية من المخرج حسن الإمام، مروراً بالممثلين العاملين في الفيلم، وانتهاء بالفنيين والعمال، باستثناء رشدي الذي لم يأكل بل كان يشرف على إطعام الجميع، حتى شعر الجميع أنهم غير قادرين على الحركة، جلس كل منهم في مكانه لا يقوى على رفع يده، أو حتى الإشارة بأصبع، فيما وقف رشدي يحث المخرج والفنانين للنهوض لبدء التصوير:

- إيه يا عم حسن... أنت هاتنام ولا إيه؟

* أيه دا... زي مايكون العدس كان فيه بنج.

- بنج إيه... أنت اللي مش أد العدس الأباظي.

* يظهر أن العدس الأباظي موصوف للأباظية بس.

- أنت اللي باين عليك عجزت يا أبو علي. قوم يا عم عندنا النهاردة تسعة مشاهد مهمة لازم نخلص منها... بعدين دي فلوس نجوى فؤاد مش منتج من إياهم. لازم نحافظ على فلوس زميلتنا.

* طب سيبني أنام ساعة علشان مش قادر.

- لا أنا هاسيبك تنام براحتك لأنك على بال ماتنام ساعة وتقوم... والكاميرا تجهز وينوروا البلاتوه وتبدأ... فيها تلات أربع ساعات يعني معاك لتناشر بالليل. وأنا مش هاينفع أتأخر على عاطف سالم.

شركة وخسارة

فيما كان رشدي يصوِّر فيلمي «عدو المرأة» و{هو والنساء» كان أيضاً يصور مع المخرج عاطف سالم مشاهد فيلم «زوجة من باريس» الداخلية في «أستوديو نحاس» الذي تشاركه بطولته نبيلة عبيد، وصلاح ذو الفقار، وفؤاد المهندس، وأمين الهنيدي، قصة أمينة الصاوي وحوارها، وسيناريو عبد الحي أديب.

عرض «عدو المرأة» ونجح بشكل كبير، وحقق إيرادات عالية جداً، ما جعل نادية لطفي تفكر طويلاً في أمر هذا النجاح، فقد كانت الثقة بينها وبين رشدي أباظة كبيرة. حتى إنها أصبحت تمثل الأخت المعتمدة له في العائلة الأباظية، وكانت سامية جمال تتعامل مع هذا الأمر بجدية، وتعتبرها «أخت أباظية» فعلاً، لدرجة أنها لم تكن تشكو رشدي، في كثير من الأحيان لأي من أفراد أسرته، بل تلجأ إلى نادية لطفي لتشكو لها مشاكلها معه. والمدهش في الأمر أن رشدي كان ينصاع لأوامر نادية، إذا ما حكمت بينهما، ويستمع إلى نصائحها بعيداً عن المشاكل، إذا ما كانت هناك نصيحة إنسانية أو فنية:

- وإيه علاقة نجاح «عدو المرأة» بالكلام دا؟

* أيوا يا أبو الرشد... ماهو دا مؤشر.

- مؤشر على إيه؟

* مؤشر على أننا ممكن ننجح.

- لا... معقول إحنا ممكن ننجح؟ إيه يا بنتي في إيه؟

* اسمع بس يا أخي... أنا فكرت أننا لو عملنا شركة إنتاج ممكن الشركة تنجح كويس أوي.

- فكرة هايلة طبعاً... بس.

* بس إيه؟ أنا مرتبة كل حاجة... والمحامي هايكتب العقود ويعمل الإشهار وكمان اخترت الاسم.

- اخترتِ كمان الاسم... وسميتها إيه النبي حارسها؟

* أنا بتكلم جد يا رشدي.

- وأنا والله بسأل بجد سميتها إيه؟

* «النجوم الثلاثة».

- اسم حلو أوي... بس آدي نجم وآدي نجمة... فين النجمة التالتة؟

* فريد شوقي.

- إيه فري... حلو أوي... بس فريد بينتج لنفسه وشغال كويس. تفتكري يوافق يدخل معانا؟

* أنت بتقول إيه يا أستاذ. فريد شوقي زمانه جاي هو والمحامي علشان يمضي العقود... تقوللي هايوافق؟!

أسس النجوم الثلاثة رشدي وفريد ونادية لطفي، شركة إنتاج جديدة أطلقوا عليها «النجوم الثلاثة” ليكون باكورة إنتاجها فيلم يجمع بينهم الثلاثة، ووقعوا العقود التي بلغ رأسمالها 12 ألف جنيه مصري، كان نصيب كل منهم أربعة آلاف جنيه. ورغم اتفاقهم على هدف إنتاج أفلام ترضيهم كفنانين، بعيداً عن الهدف التجاري وآليات “السوق السينمائي” فإن رشدي كان له هدف آخر إضافة إلى ذلك، فقد شعر بأنه يريد أن تنخرط زوجته سامية جمال في هذا الاتجاه، رغبة منه في إبعادها عن عملها كراقصة، فحاول أن يدخلها معهم في الشركة.

بدأ الأصدقاء الثلاثة، ومعهم سامية جمال، يلتقون بشكل شبه يومي في مقر الشركة في “شارع شريف” في وسط القاهرة، يتلقون “السيناريوهات” التي تتدفق على الشركة، ليختاروا من بينها العمل المناسب الذي يجمع بينهم على الشاشة، غير أنهم لم يوفقوا في العثور عليه، ومرت الأيام سريعة والنجوم الثلاثة يجتمعون ويسهرون ويقيمون الحفلات من دون أن تقدم شركتهم فيلماً واحداً، حتى اكتشفوا فجأة أن المتبقي من رأس مال الشركة ستة آلاف جنيه فقط، فقرروا اقتسام المبلغ وفضّ الشركة، مع الإبقاء على الصداقة الجميلة التي جمعت بينهم.

رشدي وسعاد حسني

كان فيلم “صغيرة على الحب” أهم تجربة سينمائية قدمها رشدي عندما بدأ مرحلة الستينيات. العمل مأخوذ عن مسرحية عالمية للكاتب “إدلر جونسون”، كتب له السيناريو عبد الحي أديب، والحوار أبو السعود الإبياري، وقد استغلا موضوع الفيلم ليروّجا لدور “التلفزيون العربي” في صناعة النجوم، مثلما فعل المسرح والسينما، وربما أكثر منهما، بعدما شارك الإذاعة في الدخول إلى كل بيت.

 جسد رشدي دور مخرج تلفزيوني يُدعى كمال عزمي، يبحث عن طفلة “معجزة” يقدمها من خلال برنامج غنائي استعراضي تقوم فيه خطيبته بدور البطولة، على أن تؤدي الطفلة دورها في مرحلة الصغر، فتتقدم الفتاة “سميحة” وعندما تكتشف شروط المسابقة، تتنكر في دور طفلة، ويكتشف المخرج الأمر، فيقرر أن تقوم بالدورين، الكبيرة والصغيرة.

أعجب رشدي بموضوع الفيلم بشكل كبير، وكان دافعاً لموافقته عليه، غير أن السبب الأهم كان تحينه فرصة مشاركة سعاد حسني أي فيلم، فهو لم يفقد الأمل يوماً في حبها.

شاركهما البطولة كل من نور الدمرداش ونادية الجندي وزينب صدقي وسامية شكري وعدلي كاسب وسمير غانم، فيما تولى الإخراج نيازي مصطفى، والإنتاج مديحة يسري.

مع بداية العام 1967، ارتبط رشدي بكثير من الأفلام التي ينفذها خلاله، بدأها بفيلم “القبلة الأخيرة” أمام ماجدة الصباحي، وإيهاب نافع، تأليف إبراهيم الورداني، وإخراج محمود ذو الفقار الذي استعاد من خلاله قصة الحب التي جمعت بين عمر الشريف وفاتن حمامة في كواليس فيلم “صراع في الوادي”، ما كان سبباً لأن يطلقها عز الدين ذو الفقار لتتزوج من الشريف.

في أحداث فيلم “القبلة الأخيرة” جسد رشدي دور المخرج السينمائي “سامي” الذي يتبنى الممثلة “نيرة”، حتى تصبح نجمة مشهورة، ويتزوجها، لكنه يُفاجأ أثناء إخراج أحد أفلامهما بأن قصة حب قد ولدت بين زوجته وبين الممثل الجديد {رؤوف} فيشعر المخرج بالعجز أمام هذه المشاعر، ويقرر التصرف بحكمة، ويطلق زوجته ليتركها لمن اختاره قلبها.

قبل أن يستأنف رشدي تصوير بقية الأعمال التي ارتبط بها خلال العام 1967، فوجئ بكارثة أوقفت كل أوجه الحياة في الوطن العربي، لا سيما مصر.

رشدي أباظة الرجل الشرقي

كانت سامية مؤمنة بأن رشدي أصبح فناناً كبيراً وناجحاً، وبأنه يجب أن يبقى دائماً محل رعاية الزوجة واهتمامها، ومن المؤكد أنه يريدها أن تتفرغ له ولرعايته. لكن من الصعب عليها أن تتخلى بهذه السهولة عن فنها الذي عشقته، وعاشت لأجله، بل وضحت بكثير لأجله. لكن رشدي لم يعد يحتمل أن يراها ترقص كل ليلة أمام الجمهور الذي ينتظر أن تطل عليه بملابس الرقص، فرغم أنه فنان ويفهم معنى الرقص الشرقي وقيمته، فإنه في الوقت نفسه كان كأي رجل شرقي «غيوراً»، فقرر أن يفاتحها في الأمر وأن يناقشها فيه، ليس كرشدي الفنان بل رشدي الزوج، وهو ما كانت تنتظره سامية، وأعدت له نفسها، بعدما فكرت في الأمر طويلاً:

* أنت ليه عمال تلف وتدور... أنت عايز تقول حاجة غير اللي أنت بتتكلم فيها خالص؟

- بصراحة أيوا.

* طب يا حبيبي ما تتكلم على طول.

- مافيناش من زعل؟

* مافيناش من زعل.

- شوفي بقى... أنا طبعاً فاهم يعني إيه رقص شرقي وفاهم أنك واحدة من اللي قام عليهم الفن دا... بس أنا مش قادر.

* مش قادر إيه؟

- مش قادر أفصل بين رشدي الفنان ورشدي اللي جوايا... الرجل الشرقي الحمش.

* ومين قالك افصل بينهم... ماتخليهم مع بعض.

- سامية أنا مش بهزر دلوقت.

* ولا أنا كمان بهزر. أنا فاهمه اللي أنت بتقوله كويس ومقدراه. وكنت مستنيه أنك تتكلم فيه من بدري.

- حبيبتي... أنا مش عايز أحرمك من فنك. أنا بس كنت بقول إنك تتفرغي للتمثيل لأنك مقصرة من ناحيته.

* ماتجيبها على بلاطة وتقول إنك عايزني أبطل رقص.

- مش بالشكل دا... لكن أنت ممكن تحققي نفسك في التمثيل أكتر.

* أيوا بس أنا لا سارة برنار... ولا فاتن حمامة. وماتنساش أن الرقص هو اللي عمل اسم سامية جمال مش التمثيل.

شعر رشدي بأنه لو استمر في النقاش بهذا الشكل سيصل إلى نقطة يمكن أن يجد نفسه فيها مخيراً بين أمرين، أو أن يضع سامية في مقارنة بينه وبين الرقص، وعليها أن تختار، فهو لا يريد أن يخسر زوجته التي يحبها، وفي الوقت نفسه لم يعد يستطيع أن يراها ترقص في الملاهي الليلية أمام الجمهور... فآثر الصمت ولو بشكل موقت.

أدركت سامية جمال بذكائها ودهاء المرأة، حقيقة الصراع الدائر داخل رشدي، فقررت أن تحسمه، وأعدت مفاجأة لرشدي لم تخطر له على بال، اتخذت قراراً، ليس باعتزال الرقص، بل الرقص والتمثيل معاً، وأن تتفرغ لرجل واحد في حياتها هو رشدي أباظة، الذي استقبل القرار بسعادة بالغة وامتنان، لهذه التضحية الكبيرة التي لا يعرف قيمتها سوى فنان مثله، مدركاً بأن سامية صاحبة قلب كبير وشفاف، خصوصاً أنها لم تلمح من بعيد أو قريب، أنه ربما فعل ذلك، وشعر بارتياح لقرارها، لأجل أن تتفرغ أيضاً لتربية ابنته قسمت، إلى جانب قبولها القيام بدور «السكرتيرة الخاصة» لفنان كبير، خصوصاً بعد الإقبال المتزايد عليه.