بيتر ميمي مخرج شاب تقول سيرته الذاتية إنه طبيب بشري ولد في التاسع من أبريل عام 1987، وأحب الإخراج فأنجز عدداً من الأفلام القصيرة، وبدأ مسيرته في إخراج الأفلام الروائية الطويلة بفيلم {سبوبة}بطولة أحمد هارون وراندا البحيري، التي رشحها لبطولة فيلمه الثاني {سعيد كلاكيت}لكن ظروفاً حالت دون إتمام الاتفاق فما كان منه سوى أن اختار سارة سلامة لتجسد الدور بدلاً منها، ونجح في إقناع عمرو عبد الجليل وعلا غانم بتجسيد الدورين الرئيسين. وكما فعل في فيلمه الأول كتب قصة {سعيد كلاكيت}وترك للشاب محمد علام مهمة كتابة السيناريو والحوار، وتجسيد أحد أدوار الفيلم!

Ad

تبدأ أحداث الفيلم بمقدمة ثقيلة الظل يُبدي فيها {سعيد كلاكيت}(عمرو عبد الجليل) استياءه، وكل من حوله في المسرح، بسبب ضعف أداء بطل الفيلم، الذي يضطر الجميع إلى مجاملته لأن أمه {سميرة فايد}(سلوى عثمان) هي المنتجة. ويواصل الفيلم فضح {ميكانيزم}صناعة السينما المصرية؛ حيث المخرج الذي يحب البطلة {سلمى}(سارة سلامة) والمنتجة التي تعشق شاباً في عمر ابنها، ولا تتردد في تقديمه للمخرج، بوصفه وجهاً جديداً!

{كليشيهات}قديمة عفا عليها الزمن، وتبدو مجرد {ثرثرة}أو حشو زائد قبل الوصول إلى أزمة البطل الذي يعامل جارته {حنان}(علا غانم) بقسوة شديدة فيما يمنح اهتمامه لابنته {أمنية}(الطفلة رودي العميري). لكن حياته تنقلب رأساً على عقب بعد اختطاف ابنته، وتهديد المختطفين بقتلها في حال لم يستبدل الرصاص {الفشنك}برصاص حي يقتل نجل المنتجة المتصابية، التي تزوجها المنتج المخضرم حلمي شهاب (أحمد فؤاد سليم) بعدما صنع منها نجمة شهيرة، لكنها خانته واستولت على أمواله وشركاته، ونسبت إليه ابنها الفاشل الذي رأيناه في المشهد الأول، وبعد تردد يحسم {سعيد كلاكيت}أمره، وينفذ المهمة التي تنتهي بمقتل الشاب وصدمة الأم.

في هذه اللحظة يُدرك كاتب السيناريو والحوار أنه وضع نفسه في مأزق درامي ينبغي الخروج منه في أسرع وقت فيلجأ، من دون مبرر، إلى دفع {سعيد كلاكيت}إلى الاعتراف بسهولة عجيبة بأنه القاتل، وفي أعقاب القبض عليه تتبرع جارته بالدفاع عنه أمام الضابط مروان (نضال نجم) وتفجر مفاجأة مذهلة باعترافها أنها زوجة {سعيد كلاكيت”، وأن ابنته ماتت وأنه مريض بانفصام الشخصية ويعيش الوهم، وأن العاملين في الوسط السينمائي يعلمون حقيقة مرضه، كما يعرفون أن المنتج المخضرم حلمي شهاب رحل عن الحياة منذ أربعة أعوام!

في هذا الاعتراف وتداعياته تكمن إثارة الفيلم، ويصل التشويق إلى أوج عنفوانه، وأتصور أن في هذه المشاهد تتجلى طزاجة القصة التي كتبها المخرج، وشوهها كاتب السيناريو والحوار باستطراداته المملة وثرثرته الزائدة وادعاءاته الفارغة؛ فالقول إن الفيلم يُحذر من خطورة الوقوع في براثن {غاسلي الأدمغة}ممن يستثمرون الجهلة وناقصي الأهلية، ويزرعون فيهم الأفكار الخاطئة التي تهدد استقرار الوطن، يمثل محاولة يائسة لقراءة الفيلم من زاوية مختلفة، واجتهاداً فوق الطاقة لإضفاء أهمية على الفيلم، الذي يجد المتلقي صعوبة بالغة في تصنيفه؛ فهو اجتماعي و”أكشن}و”سيكو دراما}(دراما نفسية) وكوميدي نتيجة وجود عمرو عبد الجليل، فباستثناء نجاحه في إيهام المتلقي بأنه عاقل، بدا وكأنه الاختيار الخاطئ؛حيث تأرجح أداؤه بين الهزل والجدية، وعجز عن التفاعل مع التراجيديا فافتعل {إفيهات}كوميدية ليفلت بها من ردات الأفعال الهزيلة، في المواقف الدرامية الصعبة كلحظة اختطاف الطفلة،  والإذعان الغريب لتعليمات المختطفين.

المثير أن {الفانتازيا}وجدت لنفسها مكاناً أيضاً في الفيلم، من خلال مشهد غرائبي عجيب فوجيء البطل خلاله باقتحام حجرته بواسطة لص ملثم، وقبل أن يقبض عليه هرب الملثم، وامتطى صهوة حصان في قلب الحارة الشعبية (!) بينما اتسم الفيلم بأسلوب إضاءة واحد (مدير التصوير أكرم ممدوح) بحيث لا تعرف ليله من نهاره، وجاء الحوار ضعيفاً، والإيقاع رتيباً ومترهلاً (مونتاج عمرو عاكف) بما يتناقض وهذه النوعية التي تعتمد على الغموض والتشويق والإثارة.

باستثناء اجتهاد وثقة نضال نجم الممثل الأردني من أصل فلسطيني، وعلا غانم التي تركت إيحاء بأنها امرأة لعوب، قبل أن تكشف عن حقيقتها، وتحول مجرى الأحداث، تضيف خبرة أحمد فؤاد سليم الكثير إلى الفيلم، حتى يُخيل للمشاهد أنه الوحيد الذي تعامل بجدية مع شخصيته الدرامية، على عكس الوجوه الجديدة التي فضحت شُح الإنتاج وميله إلى المجاملة، فيما جاءت أغنية مدحت صالح مع نزول {تترات النهاية}لتمثل إهداراً للمال، وهدماً للضرورة الدرامية؛ إذ ترددت في أرجاء قاعة خلت من الجمهور!