أنهت قوات الرئيس السوري بشار الأسد و"حزب الله" اللبناني آخر مرحلة لإغلاق المنطقة الجبلية المحاذية للحدود اللبنانية، وتأمين الطريق السريع المتجه شمالاً من العاصمة دمشق إلى وسط سورية مروراً بحمص إلى الساحل، بدخولها أمس بلدة رنكوس آخر معقل لكتائب المعارضة في القلمون.

Ad

سيطرت القوات النظامية السورية أمس على بلدة رنكوس في منطقة القلمون شمال دمشق بعد معركة عنيفة قادتها ميليشيات "حزب الله" اللبناني ضد مقاتلي المعارضة استمرت يوماً واحداً.

ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر عسكري أن "وحدات من الجيش والقوات المسلحة أنجزت الآن عملياتها في بلدة رنكوس، وأعادت الأمن والاستقرار إليها بعد أن قضت على أعداد كبيرة من الإرهابيين". وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، من جهته، أن حزب الله اللبناني "يقود العمليات العسكرية من جانب قوات النظام في منطقة القلمون، وهو مدعوم من مسلحين موالين للنظام سوريين وغير سوريين، ومن سلاح المشاة السوري ومدفعية الجيش"، الذي أكد دخوله بعض أجزاء البلدة، لكنه أشار إلى استمرار المعارك في الداخل.

وكان المرصد أفاد صباح أمس بـ"اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب مقاتلة من جهة أخرى في محيط رنكوس، وسط قصفت وغارات للقوات النظامية على مناطق في البلدة طوال ليل الثلاثاء- الأربعاء".

قتلى المعركة

وقتل في هذه المعارك ستة مقاتلين من المعارضين، بحسب المرصد، "أحدهم قائد لواء إسلامي"، وذلك بعد مقتل 22 مقاتلا "في قصف على مناطق وجودهم واشتباكات مع حزب الله اللبناني والقوات النظامية والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، في القلمون والمليحة ومناطق أخرى من الغوطة الشرقية".

وبدأت القوات النظامية أمس الأول هجومها على رنكوس، التي تعتبر من آخر المناطق التي لايزال مقاتلو المعارضة يتواجدون فيها في القلمون إلى جانب مناطق جبلية محاذية للحدود اللبنانية، وبعض القرى الصغيرة المحيطة برنكوس مثل تلفيتا وحوش عرب وعسال الورد ومعلولا.

حملة المليحة

وفي المليحة، بريف دمشق أيضاً، دخلت الحملة التي يشنها النظام على البلدة يومها السابع، حيث دارت اشتباكات قتل فيها عدد من قوات النظام، وأصيب عدد من كتائب المعارضة باختناق من جراء استخدام النظام لقنابل تحمل مواد سامة، وفق ناشطين.

وفي تطور ميداني، أفاد المرصد بقصف على حي جوبر في شرق العاصمة ومخيم اليرموك في جنوب دمشق ترافق "بعد منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء مع اشتباكات بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة الموالية للنظام من جهة ومقاتلي جبهة النصرة وكتائب أخرى معارضة من جهة ثانية على مدخل مخيم اليرموك".

إلى ذلك، أعلنت كتائب المعارضة سيطرتها على مناطق في ريف حماة، في حين تستمر الاشتباكات في ريف اللاذقية، في مسعى من قوات النظام إلى استعادة المرصد 45 الاستراتيجي. وقالت المعارضة المسلحة إنها سيطرت على بلدتي حلمة وحيالين وتلة صلبة في ريف حماة، وقد ردت قوات النظام بهجمات جوية بالبراميل المتفجرة التي استهدفت بلدة تل ملح، وفق "سورية مباشر".

«داعش»

وفي محافظة الرقة، أكد المرصد السوري أمس وقوع اشتباكات عنيفة بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وإحدى العشائر، مبيناً أن أحد مقاتلي "داعش" حاول اعتقال مواطنة من المدينة بحجة عدم ارتدائها النقاب، مما أدى إلى تجمع أقربائها الذين يتبعون لعشيرة تضم عدداً كبيراً من المقاتلين المبايعين للتنظيم تبعه مواجهات عنيفة بين الطرفين.

في غضون ذلك، أعلنت منظمة الهلال الأحمر السوري أمس أنها تمكنت، بالتعاون مع المفوضية العليا التابعة للأمم المتحدة، من إدخال مساعدات للمرة الأولى منذ عشرة أشهر إلى الأحياء الشرقية لمدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة. وقال مدير العمليات في المنظمة خالد عرقسوسي، لوكالة فرانس برس، إن "العملية تمت بعد اتفاق بوقف إطلاق النار بين جميع الأطراف تم احترامه خلال المهمة"، مشيراً إلى أنها "المرة الأولى التي تدخل فيها مساعدات إلى هذه المنطقة عبر معبر جسر الحج"، الواصل بين الأحياء الغربية والأحياء الشرقية من حلب.

الجعفري: بيلاي معتوهة

إلى ذلك، اتهم المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، بالتصرف بشكل «غير مسؤول مثل شخص معتوه»، وبأنها باتت «جزءاً لا يتجزأ من هذه الحملة الدولية المدبرة ضد سورية». وقال الجعفري بعدما قدمت بيلاي إحاطة لمجلس الأمن أوضحت فيها أن الحكومة السورية مسؤولة بشكل أكبر عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحصل في سورية، أن المفوضة السامية تناست في إحاطتها «جرائم التكفيريين في سورية بما فيها ما حصل في مدينة كسب على الحدود التركية».

وذكر الجعفري، أن الحكومة السورية وجهت أخيراً 10 رسائل حول موضوع التسريب الذي حصل في مكتب وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو والعدوان العسكري المباشر على كسب.

وبعد مشاورات مغلقة في مجلس الأمن، أكدت بيلاي أن «لجنة التحقيق المستقلة ومكتبي أشارا بشكل مستمر إلى ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان من طرفي الصراع في سورية، ولكن لا يمكن مقارنة الاثنين».

وقالت بيلاي إنه «من الواضح ان أعمال قوات الحكومة تزيد بكثير، من أعمال قتل وقسوة واعتقالات واختفاء، لذا لا يمكن المقارنة»، مشددة على أن «الحكومة السورية مسؤولة بشكل كبير عن وقوع الانتهاكات، ويجب تحديد جميع أولئك الجناة، وهذا أمر ممكن، إذا تمت إحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية».

(دمشق - نيويورك، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)