تأمل في معنى الخشوع!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
ما بين هذه الروايات المختلفة، توقفت لمرات عديدة أتأمل في معنى "الخشوع" في الصلاة، وأتساءل: هل المراد بالخشوع حالة غياب واستغراق وانقطاع عن الوعي بالدنيا إلى درجة يمكن أن تصل بالإنسان إلى أن يفقد بها إحساسه بالألم الشديد، كحالة التابعي الجليل عروة، أم أنها حالة معاكسة لهذا تماما، أي حالة تفكير واستحضار ذهني حاد، كحالة الفاروق عمر؟! بحثت في معنى لفظ الخشوع لغوياً، فوجدت ابن منظور يقول في لسان العرب: خَشَعَ يَخْشَعُ خُشُوعاً واخْتَشَعَ وتَـخَشَّعَ رمى ببصره نحو الأَرض وغَضَّه وخَفَضَ صَوته. وخَشَع بصرُه: انكسر. وبحثت أيضا في معنى المصطلح في الشرع فوجدت أنه روي عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه قال: الخشوع في القلب، وأن تلين كنفك للمسلم، وألا تلتفت في صلاتك، وعنه قال: الخشوع خشوع القلب، وألا تلتفت يميناً ولا شمالاً، وكذلك وجدت شيخ الإسلام ابن تيمية قد قال: الخشوع يتضمن معنيين، أحدهما التواضع والذل، والثاني السكون والطمأنينة، وذلك مستلزم للين القلب المنافي للقسوة، فخشوع القلب يتضمن عبوديته لله وطمأنينته أيضا، ولهذا كان الخشوع في الصلاة يتضمن هذا وهذا التواضع والسكون.واتضح لي لذلك أن الأصل في المسألة خشوع القلب، أي انكساره لله وخضوعه وسكونه عن الالتفات إلى غير من هو بين يديه، وإذا خشع القلب خشعت الجوارح كلها تبعاً وسكنت، وأما الحالة العقلية فيحتمل فيها أن تكون أيضا في حالة انقطاعية استغراقية في الذات الإلهية ما بين دعاء وتسبيح وتكبير وتهليل، أو أن تكون في حالة استحضارية تفكيرية في شأن من شؤون الإنسان، كبيرها وصغيرها، يبتغي العبد وهو داخل في صلاته خاشعا خاضعا معونة الله عز وجل وبركته.اللهم اجعلنا من الخاشعين.