اتركوها للشباب
لكل هدف استراتيجي خارطة طريق تنفيذية، ولكل حقبة وزارية المرحلة التنفيذية الخاصة بها، ويستمر البرلمان بالقيام بدوره عبر استخدام أدوات الرقابة والمحاسبة، وما على الإدارة الحكومية إلا استحداث إدارات لاستخدام وسائل للتقييم والقياس لاختبار مدى تطابق النهج والخطة الحكومية مع الأهداف والسياسة العامة، فأين تكمن المشكلة؟ وما سبب تأخر الجهاز الحكومي في استحداث آليات إدارية لتقييم أدائه؟تمر أمامنا كباحثين أسئلة كهذه كثيراً، ونسعى مع كل تشكيل حكومي إلى الاقتراحات والبحث عن أسباب ضعف الإنتاجية والوصول إلى المحصلة الصفرية، فنجد العديد من الخطط والدراسات المحلية والدولية على الرفوف، ولو نظرنا إلى العوامل المشتركة للخطط المطروحة لوجدنا أبرزها:
• البحث عن الوظيفة:فقد أجمعت التقارير على عدم كفاءة المنافسة بين القطاع الخاص والحكومي، فجاذبية القطاع الحكومي للخريجين الجدد يقابلها عزوفٌ شبابي عن العمل في القطاع الخاص، وقد حذرت الدراسات من التمادي الحكومي في طرح المزايا "الضخمة" من منح إضافية ومكافآت غير مدروسة، وإجازات سخية نظير عدد متواضع من ساعات العمل وإنتاجية منخفضة، واليوم يستمر الجهاز الحكومي بل يقوم بمنافسة القطاع الخاص عن طريق ابتكار مسميات لكوادر وظيفية جديدة لا يمكن للقطاع الخاص أن ينافسها.• البحث عن التعليم ذي الجودة العالية: أجمعت الدراسات التي تناولت السياسة العامة أيضاً على أن خطورة تزايد مستوى الإنفاق على عملية التعليم قد فاق مستوى إنفاق الاتحاد الأوروبي بأكمله، وقد أجرى البنك الدولي مع وزارة التربية دراسة مشتركة قبل عدة سنوات حذرت من تضخم بند الرواتب والأجور أمام تراجع القيمة النوعية للتعليم، وأوصت الدراسة بتحويل الإنفاق من بند الرواتب إلى إنشاء المختبرات العلمية والمراكز البحثية، وجلب اللوازم التعليمية الحديثة، وقد ذكرنا في مقالات سابقة ارتفاع تكلفة الطالب التي بلغت في التعليم الحكومي أمام الخاص بما يعادل الضعف تقريباً، وتفوق القطاع التعليمي الخاص في رفع القيمة النوعية للتعليم، وخير شاهد على ذلك أزمة السقوط باختبارات القبول واللغة الإنكليزية لطلبة البعثات من خريجي التعليم الحكومي، ولو طلبت الوزارة من الجامعات الخاصة تزويدها بعدد الطلبة الذين لم يستطيعوا تجاوز امتحان اللغة لاستطاعت أن ترسم استراتيجية جديدة لمعالجة الضعف.• البحث عن المبادرات:رغم ضياع المفاهيم بين الهوايات والمبادرات والمشاريع الصغيرة الناجحة فإن إحياء روح المبادرة Entrepreneurship مستمر برعاية القطاع الخاص أحياناً، وخير مثال مشروع بروتوجيز الشبابي، ومنظمات المجتمع المدني كمشروع لوياك الناجح بامتياز. وليس أمام وزارة الشباب إلا الاقتداء بالمشاريع التي تبرز الأعمال قبل الأشخاص، وتبتعد عن اختيار متحدثين من المحظوظين بالمناصب الحكومية العليا للتحدث باسم الشباب بل اتركوها للشباب أنفسهم.كلمة أخيرة: اللواء عبدالفتاح العلي قام في السابق بجهود جبارة، وذلك عبر استحداث استراتيجية تنفيذية للقوانين المرورية لحماية أبنائنا من التهور المميت على الطرقات، ووضع حد لاستهتارهم بالقوانين، أتمنى أن يستمر وتستمر جهوده.