هناك في وسط «البلقان» تلك المنطقة التي شهدت حروب تطهير عرقي وديني عديدة يعيش مليونا مسلم، ورغم كل الضغوط التي يتعرضون لها يتمسكون بهويتهم الإسلامية، حيث أكد مفتي صربيا الدكتور محمد يوسف سباهيتش في حواره لـ»الجريدة» أن المسلم الصربي يواجه حرباً شرسة تستهدف تذويبه ثقافيا وإجباره على التخلي عن دينه، التفاصيل في السياق.

Ad

• بداية نود التعرف على فضيلتكم؟

- كنت إمام الجماعة الإسلامية في صربيا واليوم أنا مفتي الديار الصربية، وتم تعييني في هذا المنصب من قبل الجماعة الإسلامية ومنصبي معترف به من جانب سلطات الصرب.

• ما هو عدد المسلمين في صربيا؟

- المسلمون الصرب يشكلون ما جملته عشرة في المئة من جملة السكان والحمد لله فهم يتمسكون بدينهم وبهويتهم رغم الضغوط والإغراءات التي يتعرضون لها.

• ما المشكلات التي يعانيها المسلمون لديكم؟

- من أبرز المشكلات التي تواجهنا مشكلة التكفيريين وتسربهم من الشرق المسلم للغرب فلدينا اليوم كثيرا من الشخصيات التكفيرية ونلاحظ اليوم تصاعد حدة ظاهرة التكفير لدينا ونحاول أن نوجد وسيلة لمواجهة تلك الظاهرة عن طريق رفع الوعي الإسلامي في صربيا ونشر الفكر الوسطي الحنفي في أوساط المسلمين الصرب ومن أبرز المشكلات الأخرى التي تواجهنا عدم وجود مساجد نؤدي فيها شعائر الدين ويكفى أن أقول لك إن صربيا لا يوجد بها اليوم إلا مسجد واحد هو الذي نجا من التخريب على مر العصور حيث تم تخريب ما يقرب من مئتي مسجد تم هدمها جميعا خلال فترات حروب البلقان في الوقت الذى يصل عدد المسلمين في بلغراد وحدها إلى أكثر من عشرين ألف مسلم ورغم ذلك يعجزون عن بناء مسجد آخر خاصة في ظل تعنت الدولة ورفضها الموافقة على بناء أي مسجد آخر ويضطر المسلمون الصرب لتأجير شقق يحولونها لمساجد صغيرة يؤدون فيها الصلوات ويجتمعون فيها لمناقشة أحوالهم وبالإضافة إلى ذلك يعاني مسلمو الصرب عدم وجود مقابر لدفن موتاهم على الطريقة الإسلامية وهي معضلة كبرى نحاول حلها بشتى السبل.

• ما وضع الجالية الإسلامية في صربيا هل تعاني التمييز؟

- نعم يعاني المسلمون التمييز على أساس الدين في الوظائف والعمل بل وفي جرعة الكرامة وحرمان الإنسان من أبسط حقوقه الدينية، خاصة في ظل تجاهل العالم الإسلامي لنا وعدم اهتمامه بقضايانا وفي الوقت الذي يقيم الغرب الدنيا ولا يقعده إذا تعرض نصراني واحد للاضطهاد في دول العالم الإسلامي فإن المسلمين في الشرق يغضون الطرف تماماً حيال ما نتعرض له في صربيا بشكل خاص والغرب عموماً من محاولات التهميش وتذويب ثقافتنا وهويتنا ورغم ذلك فنحن كجاليات مسلمة في الغرب نعمل بكل السبل على الحفاظ على هويتنا وتراثنا.

• كيف يتلقى المواطن الصربي المسلم تعليمه في ظل هذه الأوضاع الصعبة؟

- للأسف التعليم كله يتجاهل كون التلميذ مسلما من عدمه وهو ما يؤدي إلى تعرض أبنائنا لحرب تستهدف تذويبهم ثقافيا ويكفي أن أقول لك إنه لا يوجد مدرسة إسلامية واحدة لدينا ونعتمد في توصيل تعاليم الإسلام إلى أبنائنا عن طريق إرسالهم إلى الأزهر والجامعات الإسلامية الأخرى وهي مشكلة صعبة تحتاج للحل خاصة أنه ليس كل تلاميذنا قادرين على إرسالهم للأزهر ونحن نعلم أنهم في المراحل الأولى من تعليمهم يعانون كثيراً من فرض مناهج لا تنبع من ديننا وثراثنا وتقاليدنا لهذا فنحن نخاطب من خلالكم المؤسسات الدينية في كل العالم الإسلامي بمساعدتنا حتى نستطيع مواجهة تلك الحرب الثقافية.

• وكيف تتعاملون مع غير المسلمين من عامة الناس في صربيا؟

- معظم السكان في صربيا من المسيحيين وهناك عدد قليل من اليهود ولكن لا يحدث احتكاك معنا ونحن ننتهج ما علمنا إياه الإسلام والرسول من تحسين علاقاتنا مع الآخرين مهما فعل الآخرون، ولذا نحن نرتبط بعلاقات حسنة مع غير المسلمين ورغم وجود بعض التعنت ضدنا من جانب غير المسلمين فنحن نقابل تعنتهم بسماحة وهو ما يجعل الإسلام ينتشر بقوة في أوساط الصرب غير المسلمين.

• هل تعانون مشكلة الصراع المذهبي مثلما هو الحال في الشرق المسلم؟

- الحمد لله نحن لا نعاني تلك الآفة اللعينة ألا وهي التمذهب، لأننا نربي المسلم الصربي على الوحدة وعلى رفض التمحور حول مذهب بعينه لأننا نؤمن ونحن نذكر كل مسلم دوما بأن  الرسول (ص) كان مسلما لله، ولم يكن هناك شيعة ولا سنة كذلك لم يكن كان هناك أيام الرسول (ص) شافعية مالكية أو حنفية فالأصل في الإسلام الإيمان وليس التمذهب والأصل أن هناك طبقات أو درجات للمسلمين ألا وهي الإسلام والإيمان والإحسان، لكن بعد أن سيطر الشيطان على الإنسان وأصبحت هناك أعداد كبيرة من شياطين الإنس فسمعنا تسميات وتصنيفات إضافية على اسم المسلم، فأصبح هناك شيعي وصوفي وسني ولكن الأصل هو الإيمان بالله وسنة رسول الله.

• كيف تتعاملون في الأسئلة الدينية التي توجه لكم من المسلمين في صربيا؟

- نعمل فيها ما قاله الله تعالى في القرآن الكريم وما قاله النبي (ص) في السنة النبوية وإن كنا في الفترة الأخيرة أصبحنا نتلقى أسئلة غريبة بسبب تأثر المسلمين الصرب الذين يجيدون اللغة العربية بالفتاوى المتضاربة التي يرونها عبر الفضائيات العربية والإسلامية ولذا لابد أن يجد قادة العمل الإسلامي في الشرق طريقة لوقف تضارب الفتاوى وكذلك وقف سيل الفتاوى الشاذة التي تضرب الأمة الإسلامية عن طريق أدعياء العلم ومدعي الإفتاء.

• برأيك كيف نواجه تلك الظاهرة المشكلة كما تقولون؟

- في رأيي المتواضع فإن العالم الإسلامي كله في حاجة لتوحيد جهات الفتوى بحيث يكون للأمة كلها لجنة فتوى واحدة تفتي لكل مسلمي العالم دون استثناء على أن تحتوي تلك اللجنة على قسم خاص لفتاوى الأقليات وبهذه الطريقة فقط نستطيع مواجهة الفتاوى الشاذة وتضارب الفتاوى وكل المشكلات المتعلقة بالفتوى في العالم كله.