استمرار الفلسفة الحالية للتعليم جعلت من الشهادة الجامعية هدفاً بحد ذاته، فالسياسة العامة للدولة لم تراع جودة التعليم فقتلت بذلك روح التنافس بين الشباب، فالمحسوبية والواسطة هما الحاضرتان عند الترقيات والتعيينات.

Ad

ربط التعليم بخطة التنمية هو الهدف الأهم أمام وزير التربية، وذلك من خلال تمكين معايير الجودة والكفاءة ضمن منظور التنافس إلى جانب مفهوم التكامل وسد حاجة سوق العمل بين مؤسسات التعليم العالي.

سنوات مرت على إنشاء جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والجامعات الخاصة بغرض مد سوق العمل بالعمالة الوطنية سواء في القطاع الحكومي أو الأهلي، ومع ذلك نرى مؤشرات عدم الرضا بمستوى الخريجين تتزايد على مر السنين، فما رصده "ديوان الخدمة" ومكاتب متابعة الخريجين في مؤسسات التعليم العالي يشير إلى تكدس في الوظائف الإدارية إلى جانب العمل بغير مجال التخصص، ناهيك عن الدور الذي يقوم به سوق العمل من تدريب للخريجين لسد الفجوة بين مستوى الخريج وتطور سوق العمل.

الدولة فرضت على نفسها سياسة توفير وظيفة لكل خريج، فحاولت أن تشرك القطاع الخاص لتخفيف الضغط على الجهاز الحكومي، وذلك عبر إقرار بعض القوانين، ومع ذلك فشلت في القضاء على مشكلة التوظيف، فقد جاءت النسبة مخيبة للآمال حيث لم تتجاوز 2% من مجموع القوى العاملة في القطاع الخاص.

استمرار الفلسفة الحالية للتعليم جعلت من الشهادة الجامعية هدفاً بحد ذاته، فالسياسة العامة للدولة لم تراع جودة التعليم، فقتلت بذلك روح التنافس بين الشباب، فالمحسوبية والواسطة هما الحاضرتان عند الترقيات والتعيينات.

اليوم وزير التربية والتعليم العالي أمام تحدٍ من نوع آخر، فبعد أن حلت مشكلة القبول لبعض الوقت ظهرت مشكلة تدني مؤشرات التعليم، حيث حصلت دولة الكويت على مرتبة متأخرة ضمن التصنيف العالمي بالرغم من الدعم المادي والمعنوي اللامحدود، ومن هنا تأتي أهمية إدخال مفهوم التنافسية كونها أبرز الغائبين عن فلسفة التعليم العالي.

تفعيل دور المجلس الأعلى للتعليم، وذلك من خلال وضع السياسات العامة للتعليم وتنفيذه من مؤسسات التعليم العالي، وبإشراف الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي ومتابعة منه، وضمان جودة التعليم كي تتحقق المعادلة في زواياها الثلاث الرؤية والرقابة والتنفيذ.    

قد يتصور البعض أن الاهتمام بالتصنيف العالمي نوع من الترف، وأنه صناعة المنظرين، لكن الحقيقة أن مثل هذه التصنيفات مبنية على عوامل واعتبارات بعضها مرتبط بالمناهج والبحث العلمي ومعدل النشر في المجلات المتخصصة ومدى الاستفادة والرجوع إليها، وكذلك حصول الباحثين والمخترعين على الجوائز العالمية.

على الجانب الآخر الاهتمام بكفاءة المعلم من خلال مواكبة المناهج والتطور التكنولوجي إلى جانب تهيئة المناخ المناسب من مبان وفصول دراسية تحاكي النظم الحديثة.  

أخيراً يظل مؤشر الرضا الوظيفي أحد الركائز المهمة التي تحظى باهتمام سوق العمل كنتيجة حتمية للمقومات الأولى لمؤشرات الجودة والاعتماد الأكاديمي.

 ودمتم سالمين.